اكتشف لندن بحنطور فيكتوري

رحلة إلى القرن الثامن عشر تجول بك بين أجمل المعالم التاريخية

اكتشف لندن بحنطور فيكتوري
TT

اكتشف لندن بحنطور فيكتوري

اكتشف لندن بحنطور فيكتوري

مترو الأنفاق في لندن هو الأقدم في العالم، وعلى الرغم من شبكته الواسعة، فإنه يتأثر بالإضرابات التي تشل حركة أهل وزوار المدينة تماما، مثلما حصل منذ أيام قليلة.
وسائل النقل والتنقل في لندن كثيرة، ولكن إذا كانت زيارتك بهدف سياحي، وكنت من محبي التعرف على تاريخ المدينة العريقة، فلا بد من دمج التجول بأسلوب جميل يجعلك تتعرف إلى المدينة بطريقة مميزة، وقد يكون الحنطور أو العربة التي يجرها حصانان أجدد طريقة لاكتشاف لندن، والتعرف على خباياها ومعالمها السياحية الجميلة، هذه الرحلات جديدة، ولكنها في الواقع قديمة جدا حيث يعود تاريخ صنع العربة إلى القرن الثامن عشر، وهي مملوكة من قبل محلات «إدوارد ستانفوردس» الأقدم في لندن لبيع الخرائط العالمية، وكتب السياحة النادرة، ويعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1901 ومقرها في شارع «لونغ إيكر» في كوفنت غاردن.

تصميم تقليدي

العربة التي تعود إلى الحقبة الفيكتورية مؤلفة من طابقين، يمكن الجلوس في الداخل أو الصعود إلى الشرفة في الطابق العلوي والجلوس في الهواء الطلق.
لا تزال العربة تحافظ على شكلها وتصميمها الأصلي، وقامت الشركة بإعادة تأهيلها وترميمها من دون أن يغيروا من شكلها الأصلي، ويقوم شخصان متخصصان بتربية الخيل بقيادة العربة، وبما أن العربة قديمة وهدف الرحلة هو تعريف الزوار إلى لندن كما وكأنهم في القرن الثامن عشر، فيرتدي تيم وود سائق العربة ومساعده زيا تقليديا كان يرتديه قائدو عربات الخيل في تلك الحقبة.
تتسع العربة لـ18 شخصا، وعندما تجلس فيها يُخيل إليك أن عقارب الزمن تعود بك بالفعل إلى ماض غابر، تسمع صوت حوافر الخيل وهي تطأ الأرض بنغمات منظمة، وصوت الجرس الذي يقرعه السائق لينبه المارة الذين يصطفون على جانب الطريق لالتقاط الصور لتلك العربة التي تبدو وكأنها خرجت للتو من بين طيات كتب التاريخ الإنجليزي.

الرحلة

تسير الرحلات يومي الثلاثاء والخميس، في الأوقات التالية: الثالثة بعد الظهر والرابعة والنصف والسادسة مساء، وتبدأ من أمام محلات «ستانفوردس» في كوفنت غاردن، ولكن يجب حجز التذاكر مسبقا من المحل المذكور أو من خلال الموقع الإلكتروني التابع له، سعر التذكرة 30 جنيهًا للكبار، و10 جنيهات للصغار، وهناك أسعار خاصة للعائلات المؤلفة من أربعة أفراد (65 جنيهًا إسترلينيًا للعائلة).
ومن هذه النقطة تبدأ الرحلة المميزة في شوارع لندن الضيقة وتمر بشارع «بو ستريت» لتشاهد مبنى الأوبرا الملكي الشامخ بروعة تصميمه، الذي بُني عام 1732، كما يعرف شارع «بو ستريت» بأنه يضم أقدم وحدة تابعة للشرطة في لندن، وبنى المقر هنري فيلدينغ عام 1740.
وبعدها تكمل العربة طريقها باتجاه شارع «تافيستوك» لتتعرف إلى سوق كوفنت غاردن الأقدم في لندن، وكان في الماضي سوقا مخصصة لبيع الفاكهة والخضراوات، وبعدها تستمر الرحلة التي تتعقب التاريخ في لندن باتجاه شارع «بيدفورد» الذي أخذ اسمه من دوق بيدفورد الذي كانت عائلته تملك هذا القسم من لندن.
ومن هناك تتجه العربة إلى شارع ستراند حيث يقع فندق «سافوي» واسم ستراند يعني «ضفة» بالإشارة إلى الأبنية الواقعة على ضفة نهر التيمس، وبعدها يستطيع ركاب العربة إلقاء نظرة على محطة تشارينغ كروس للقطارات لتصل بعدها إلى ساحة الطرف الأغر «ترافالغر سكوير» وتمثال «نيلسون»، ومن هناك تكمل الرحلة بمحاذاة النادي الوطني الليبرالي وحدائق «وايتهول» باتجاه النهر لتكون عين لندن «London Eye» بانتظارك بهيبتها اللافتة على الضفة الغربية من النهر، وتصل بعدها إلى جسر ويستمنستر التاريخي، وهنا تجدر الإشارة إلى أن كثيرين تختلط عليهم الأمور ويسمون هذا الجسر بـ«جسر لندن» أو (London Bridge) غير أنه في الواقع هو جسر «ويستمنستر» تيمنا باسم الضاحية التي يقع فيها.
ولا تكتمل الرحلة من دون إلقاء نظرة على مبنى البرلمان البريطاني وساعة بيغ بين في قصر ويستمنستر.
وفي طريق العودة تعرج على مقر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في 10 داونينغ ستريت، وستلقي التحية على غرف تشرشل خلال الحرب إلى جانب عدد كبير من المقرات التابعة للدولة وتعود أدراجك إلى ساحة الطرف الأغر وتتجه صوب «بال مال»، وإذا كنت من محبي لعبة المونوبولي، فقد يكون اسم هذا الشارع مألوفا لديك، حيث تنتشر النوادي الخاصة بالشخصيات الرفيعة ورجال الأعمال والمجتمع الراقي في لندن، التي تعود إلى القرنين التاسع عشر والقرن العشرين ومن أشهرها «أثينايوم» وريفورم إند آرمي و«نايفي كلوب».
وبعدها تصل العربة إلى ساحة بيكاديللي سيركس المعروفة باسم «ويست إند» West End London بالإشارة إلى كونها القلب النابض للمدينة وفيها تنتشر المسارح ومنطقة سوهو والحي الصيني، وتعتبر من أهم المناطق السياحية وأكثرها حيوية في لندن.
وستدرك أنك وصلت إلى منطقة «سيفن دايلز» من رائحة القهوة المنبعثة من محل «مونموث» للقهوة الواقع في الشارع الذي يحمل اسمه «مونموث»، وترى هنا ساحة صغيرة وعمودا يعود تاريخه إلى عام 1820 لتنتهي الرحلة في شارع «لونغ إيكر»، حيث كانت نقطة الانطلاق.
الرحلة مخصصة لمحبي التاريخ، لذا تم اختيار الأماكن التي تعبر عن حقب مهمة في تاريخ لندن العريق، وقد تكون الرحلة في أول مشوارها، إلا أن الإقبال عليها شديد لأنها مصممة بطريقة جميلة وتناسب الكبار والصغار. يُشار إلى أن الرحلة تستغرق نحو الساعتين، ولكنها تتأثر بحركة السير؛ فمن الممكن أن تستغرق المزيد من الوقت.
للمزيد من المعلومات: www.stanfords.co.uk



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».