توقف معارك الأنبار والاكتفاء بحصار الرمادي.. والفلوجة بانتظار قرار سياسي بالاقتحام

حسب معلومات أميركية.. تنظيم داعش ينسحب باتجاه التمركز في المدن وبين السكان

سحب الدخان تتصاعد في قرية الحصيبة بالقرب من الرمادي أثناء المواجهات بين الجيش العراقي وعناصر تنظيم داعش (أ. ف. ب)
سحب الدخان تتصاعد في قرية الحصيبة بالقرب من الرمادي أثناء المواجهات بين الجيش العراقي وعناصر تنظيم داعش (أ. ف. ب)
TT

توقف معارك الأنبار والاكتفاء بحصار الرمادي.. والفلوجة بانتظار قرار سياسي بالاقتحام

سحب الدخان تتصاعد في قرية الحصيبة بالقرب من الرمادي أثناء المواجهات بين الجيش العراقي وعناصر تنظيم داعش (أ. ف. ب)
سحب الدخان تتصاعد في قرية الحصيبة بالقرب من الرمادي أثناء المواجهات بين الجيش العراقي وعناصر تنظيم داعش (أ. ف. ب)

في وقت تضاربت فيه الأنباء بشأن أسباب توقف معارك الأنبار بعد التقدم السريع الذي حققته القوات العراقية بقيادة قوات النخبة باتجاه مدينتي الرمادي والفلوجة كبرى مدن محافظة الأنبار فإنه وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر أمني مسؤول فإن «توقف المعارك جاء بسبب نصيحة أميركية مفادها أن تنظيم داعش انسحب كثيرا باتجاه التمركز في المدن وبين السكان من أجل تحقيق هدفين الأول يتمثل في اكتمال وصول تعزيزاته من المناطق الأخرى لا سيما الموصل وسوريا لخوض معركة فاصلة مع القوات العراقية والثاني عرقلة أي تقدم للقوات العراقية بسبب وجود أعداد كبيرة من المدنيين في الفلوجة تحديدا». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «الجانب الأميركي يتولى من خلال الطلعات الجوية قطع إمدادات داعش لكنه يواجه تكتيكا جديدا بات يستخدمه هذا التنظيم وهو جلب إمدادات بسيارات مدنية تتكون من سيارة أو سيارتين وغالبا ما تحمل بعض المدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء لكي لا يتم استهدافها من قبل الطيران».
إلى ذلك وفيما أكدت قيادة الحشد الشعبي أن المعركة الفاصلة لم تبدأ وأن عملية دخول الفلوجة تحتاج إلى قرار سياسي فإن رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وصل أمس الجمعة صبيحة أول أيام العيد عند السنة في العراق إلى قاعدة الحبانية (واحدة من كبرى القواعد العسكرية في العراق) بهدف الإعداد للصفحة الثانية من المعارك هناك. وقال مصدر مطلع في قيادة العمليات المشتركة إن «العبادي وصل إلى قاعدة الحبانية والتقى القادة الأمنيين فيها للاطلاع على سير العمليات العسكرية للقوات الأمنية من جيش وشرطة وحشد شعبي وأبناء عشائر لتحرير الأنبار وبقية المناطق».
من جهته أكد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري على أهمية بذل المزيد من الجهود من أجل تأمين العاصمة العراقية بغداد. وقال بيان صدر عن مكتب الجبوري خلال زيارته قيادة عمليات بغداد مخاطبا القادة العسكريين إن «مهمتكم مهمة مقدسة وأنتم تدافعون عن العراق وتحاربون بالنيابة عن العالم». وأضاف البيان «إن دعم القوات المسلحة واجب علينا لأن العراق لن يستقر ما لم تكن لديه قوات مسلحة قوية ومحترفة»، مؤكدا «ضرورة الإسراع في تحرير المناطق وإرجاع أهلها الذين نزحوا ويجب أن يكون لهم دور في المحافظة على الانتصارات التي تتحقق».
إلى ذلك أكد الشيخ حميد الجميلي أحد شيوخ عشائر الفلوجة في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك رغبة لدى القيادة العسكرية العراقية بعدم الانجرار وراء مخطط لتنظيم داعش باقتحام الفلوجة حتى لا تتحول إلى مستنقع للقوات العراقية وقد تجلب عليها نقمة دولية بسبب وجود مدنيين عزل فيها»، مشيرا إلى أن «عددا من شيوخ العشائر والقادة المحليين يجرون مباحثات مع أطراف في الحكومة وأخرى مع ممثلين عن المسلحين داخل الفلوجة لجهة فتح المزيد من المنافذ الآمنة لخروج الأهالي مع عدم التعرض لمن يروم الخروج حتى من المسلحين شريطة نزع سلاحهم وعدم ملاحقتهم مع منح مهلة زمنية لذلك يتم بعدها اقتحام الفلوجة لأن من يبقى داخلها سيكون هدفا عسكريا بعد نهاية المهلة». وأشار الجميلي إلى أن «هناك تفهما من قبل القيادة العسكرية العراقية لذلك لكنه بالتأكيد لن يكون سقفا زمنيا مفتوحا».
إلى ذلك توقع تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) حدوث انهيار سريع لتنظيم داعش في العراق. وقال ظافر العاني عضو القيادة السياسية للتحالف في بيان له أمس الجمعة تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «تنظيم (داعش) الإرهابي يمثل أجندة خارجية تم إنشاؤه وتمويله وتمهيد الطريق أمامه بقرار خارجي فاجأ الجميع عدا صانعيه»، مبينا أن «التنظيم اعتاش في وجوده على مبررات الاستهداف الطائفي الذي مورس خلال السنوات السابقة من قبل السلطة تجاه المناطق المضطربة». وأضاف العاني، أن «تنظيم (داعش) استطاع أن يغرر بأعداد غير قليلة من العراقيين في المحافظات المضطربة الذين وعدهم بالخلاص من الظلم السلطوي الذي مورس بحقهم فاستجابوا له على الأغلب بدافع اليأس لا بدافع الإيمان»، متوقعا «انهيارا سريعا لـ(داعش) بعد الاتفاق النووي الإيراني الأميركي». وأشار العاني، إلى أن «أي انتصار عسكري لن يكون كافيا من دون إنجازات سياسية ترافقه وقد شهدنا ذلك عندما انتهى تنظيم القاعدة الإجرامي لكن غياب المصالحة الوطنية جعلت من السهل على القوى الدولية والإقليمية إيجاد تنظيم إرهابي أكثر بشاعة حتى من الذي قبله».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.