مطعم «تايفان».. مفهوم جديد لـ {العصرونية}

الشيف مارون شديد يجلب إيطاليا إلى بيروت

حلويات من ابتكار الشيف شديد
حلويات من ابتكار الشيف شديد
TT

مطعم «تايفان».. مفهوم جديد لـ {العصرونية}

حلويات من ابتكار الشيف شديد
حلويات من ابتكار الشيف شديد

«العصرونية» وجبة صغيرة، طالما رافقتنا في صغرنا، ولمن لا يعرف ما هي «العصرونية» فإنها الوجبة التي يمكن تناولها ما بين وجبتي الغداء والعشاء، وغالبا ما تكون عبارة عن طبق خفيف أو ساندويتش بسيط يساعدك على تحمل الجوع إلى أن يأتي موعد العشاء وهذه الوجبة تعرف في إيطاليا باسم «أبيريتيفو» أو «تي تايم» في إنجلترا.
وفي إطار عصري وحديث طور مطعم «تايفان» Taillevent الواقع في منطقة التباريس في بيروت، فكرة العصرونية وحولها إلى محطة تلبّي حاجة الذواقة العائدين من أشغالهم.
أما الموعد لتناول هذه الوجبة، فقد حدده بول شويري المدير المسؤول عن المطعم بيوم واحد في الأسبوع ألا وهو الخميس. فصحيح أن التوقيت الذي تقدّم فيه «العصرونية» هذه لا يتمّ في الخامسة بعد الظهر، وهو الوقت المعروف لتناول هذه الوجبة عامة، إلا أنه وبتقديمه ساعتين متأخرًا عن موعده من شأنه أن يجذب أكبر عدد ممكن من الشباب الجامعي ورجال الأعمال الباحثين عن جلسة مسليّة، يمضونها بعد نهاية يوم شاق من العمل في مكان مريح يزوّدهم بالحيوية قبل وصولهم المنزل مساء.
«هي عصرونية متأخرة كما يمكن للزبون أن يعدّها أيضا وجبة عشاء مبكرة». يقول الشيف مارون شديد صاحب المطعم، ويضيف: «هذه الوجبة خفيفة تغنيك عن وجبة دسمة تنتظر الزبون في المنزل لاحقا فترة العشاء».
إلا أن الهدف الأساسي من هذه الفكرة هي إعطاء الطالب أو الموظّف، فرصة تغيير روتينه اليومي بحيث يتزوّد بالطاقة الإيجابية ليختتم يوما طويلا من العمل.
ماذا تتضمن هذه العصرونية التي أدرجها المطعم المذكور تحت عنوان «ابيريتيفو»؟ يردّ الشيف مارون شديد: «هي أطباق خفيفة مؤلّفة من 12 نوعا، بينها البيتزا والكيش والسلطات. كما أن الزبون يستطيع تناول المشروب والعصير الذي يريده بالإضافة إلى تمضيته هذا الوقت بنمط جديد. فيتسنّى له سماع موسيقى الجاز والتكنو من ناحية، وتناول أحاديث متنوعة مع أصدقائه في جلسة لن ينساها من ناحية ثانية».
بروشكيتا مع البندورة وميني ساندويتشات بخبز الفوكاشيا الإيطالي مع سمك السلمون مع صلصة التارتار، وساندويتشات محضرة من خبز الباغيت الفرنسي مع الدجاج مع المرمالاد (مربى مصنوع من قشر الحمضيات) وخلّ البلسميك، والسباغيتي مع جبنة الماعز، وغيرها من أطباق السلطة تشكّل لائحة الطعام للعصرونية الإيطالية، التي يمكنك تناولها وأنت تجلس على مقعد جلدي أحمر داخل المطعم أو وقوفا وأنت تستعرض الأطباق الأخرى التي يتضمنها «بوفيه» العصرونية في الصالة الخارجية التابعة له.
المكان بحدّ ذاته يحمل في طيّاته الكثير من الحميمية والأجواء العملية معا. كلّ شيء تتناوله في هذه العصرونية يتألّف من مكونات طازجة، ومن أطباق ساخنة وأخرى باردة يحضّرها عدد من الطهاة أمامك مباشرة.
أما أطباق الحلوى التي تكون بمثابة مسك الختام، فقد اختارها الشيف مارون شديد لتنقلك بطعمها إلى مدن نابولي وفلورنسا وفينيسيا، رغم أنك ومن نافذة المطعم مباشرة تطلّ في الواقع على شارع التباريس في قلب بيروت.
«لقد وضعت روح المطبخ الإيطالي في أطباقنا هذه، كما أخذنا أيضا بعين الاعتبار ذوق اللبناني في تناوله للطعام. فلم ننس اللبنة والزيتون مثلا في إبرازهما بشكل أساسي في تلك الأطباق». يقول الشيف مارون شارحا اختياراته لوجبات الطعام.
وبعد أن تتذوّق الـ«سوسيت شوكولا كاراميل»، و«بابا أو روم» و«بروفيترول مع الفانيلا» و«باناكوتا»، وهي أطباق حلوى يقدّمها «ابيريتويفو» من ضمن لائحة الطعام الخاصة به، ستعرف أنه اقترب موعد العودة إلى المنزل. فتلك الأوقات التي تمضيها هناك ترسم الابتسامة على ثغرك وتزوّدك براحة نفسية قد تكون خير عنوان لبداية عطلة نهاية أسبوع ممتعة.
من إيطاليا إلى بيروت مع أطيب التحيات، هو العنوان العريض الذي حاول الشيف مارون شديد طبع أجواء جناح الـ«ابيريتيفو» في مطعم الـ«تايفان» به. وهو الانطباع الذي ستحتفظ به في ذاكرتك بعد مغادرتك له وانت تمني النفس بالعودة إليه مرة ثانية.
العنوان: حدائق التاباريس، الأشرفية، بيروت، لبنان.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».