جاءت ردود فعل الشارع الإيراني متباينة عقب توقيع طهران للاتفاق النووي مع دول (5 + 1)، فبينما عمت الفرحة والسعادة غالبية الشوارع الإيرانية وخرج الشعب الإيراني إلى الشوارع للاحتفال بإنهاء العزلة المفروضة منذ قيام الثورة الإسلامية، خرجت أصوات معارضة في الداخل والخارج تقول إن الاتفاق ما هو إلا «أكذوبة كبرى ستحول النظام الإيراني إلى وحش كاسر يبسط يده في الداخل بمزيد من القمع والظلم والاعتقالات وسياسة التنكيل»، رغم الانفراجة الاقتصادية المتوقع أن تحظى بها البلاد خلال الفترة القصيرة القادمة.
ويرى مجموعة من المتخصصين الاقتصاديين في إيران أن رفع العقوبات الاقتصادية سلاح ذو حدين، الأول يفيد الشعب الإيراني عبر تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية وتحقيق العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي، وفي المقابل فإنه سيؤدي لزيادة معدل الفساد المستشري داخل البلاد منذ فترة طويلة، وهو ما يمكن أن يقف حجر عثرة أمام النمو والتنمية الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى أن الانتعاش المرجو من رفع العقوبات يتمثل في عودة بعض الأرصدة المجمدة للنظام وبعض شخصياته في البنوك الأميركية والأوروبية والعالمية، وهو أمر لا يتعلق بزيادة الصادرات البترولية مثلاً.
على المستوى الرسمي، صنف الإعلام الإيراني ردود الفعل تجاه الاتفاق إلى مؤيد ومعارض، وأردفت الصحف الإيرانية قائمة تمثل مجموعة المعارضين للاتفاق، على رأسها دولة إسرائيل متمثلة في لجنة الأمن القومي الإسرائيلي التي هاجمت المفاوضات، بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل، بالإضافة إلى بوب كوركر السيناتور الجمهوري في الكونغرس الأميركي الذي شن هجومًا حادًا على الرئيس الأميركي باراك أوباما ووصفه بأنه يقدم تنازلات لإيران على حساب العالم بأكمله، وجون بينر رئيس مجلس النواب الأميركي، الذي وصف الاتفاق بأنه يعرض الأمن القومي للولايات المتحدة للخطر.
أما المؤيدون، فقد تصدر القائمة أوباما ووزير خارجيته جون كيري، اللذان وصفتهما الصحف الإيرانية بأنهما «بذلا جهدًا طيبًا من أجل إتمام الاتفاق التاريخي»، إضافة إلى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، ويوكيا آمانو الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة النووية، الذي اعتبر نفسه راضيًا على مسيرة المفاوضات، فلاديمير بوتين الرئيس الروسي الذي أعرب عن سعادته بالتوصل للاتفاق، فيليب هاموند وزير الخارجية الإنجليزي، باولو جنتيلونى وزير الخارجية الإيطالي، ومعهم بالطبع الرئيس السوري بشار الأسد، وصائب عريقات ورئيس دولة الإمارات وأمير الكويت ورئيس الوزراء التركي، بالإضافة إلى محمد البرادعي الأمين العام السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية.
شعبيا، بمجرد الإعلان عن توقيع الاتفاق اجتاحت عاصفة من التعليقات والتغريدات على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي التي عبرت عن التباين والاختلاف في الرؤى بين كل أطياف الشعب الإيراني، وشملت تعليقات غاضبة وساخرة طالت الرئيس الإيراني حسن روحاني، ومحمد جواد ظريف رئيس هيئة التفاوض الإيرانية.
أحد النشطاء الإيرانيين يتساءل في تغريدة له على موقع «تويتر»: «ما هي الفائدة التي سيجنيها الشعب الإيراني من هذا الاتفاق؟». ويوجه حديثه إلى ظريف قائلاً: «لا أقبل الاتفاق النووي.. قُل لي ماذا ستفعل وسط جهنم؟».
وعبر أحد المواطنين الآخرين عن ماراثون المفاوضات بين إيران والدول الغربية بصورة تحمل مفهوم السخرية وهي عبارة عن سباق للدراجات البخارية يظهر فيها المفاوض الإيراني وهو متصدر الجولة وهو يستقل دراجة نارية موديل الأربعينات ويأتي خلفه المتسابقون الآخرون وهم عبارة عن الدول الست الكبرى وهم يستقلون الدراجات النارية الحديثة جدًا ورغم هذا فازت الدراجة المتهالكة على الدراجة الحديثة.
وفى تغريدة لأحد الإيرانيين المهاجرين في الخارج تشير إلى فشل ظريف في المفاوضات، حيث كتب على أحد الصور «صورة ظريف بعد أن عاد إلى إيران» ويُرى في الصورة أسد وسط مجموعة من الحيوانات الأليفة الأخرى في إحدى الغابات، لكن الأسد يتسلق الأشجار خوفًا من الحيوانات الأليفة في إشارة إلى خوفه من الشعب الإيراني حال عودته، حيث يرى كاتب التغريدة أن الاتفاق لا يرضي مطالب وطموحات كل الإيرانيين.
ويرى بعض الإيرانيين المهاجرين أن الاتفاق ليس بالنهائي ومن الممكن أن يتغير في أي وقت آخر إذا ما لم تلتزم طهران بوعودها، كما أنه لا يمثل انتصارًا للدبلوماسية الإيرانية لأنه تم وفق الشروط الغربية والذي دفع ثمن هذا الاتفاق هو الشعب الإيراني المحروم من كل أنواع الرفاهية.
في السياق ذاته، انتقدت منظمات حقوقية إيرانية الاتفاق بسبب عدم التطرق إلى موضوعات حقوق الإنسان والقمع والعنف والإرهاب الذي تمارسه سلطات النظام الإيراني تجاه الأقليات والمعارضة، حيث كانت منظمات المجتمع المدني تتمنى وضع شروط حاسمة ومحددة على إيران في مجال حقوق الإنسان، من قبيل «ما لم تفِ بوعودها يعتبر الاتفاق النووي لاغيًا»، وهذا ما لم تفعله القوى الكبرى من الأساس وما لم تتفاوض عليه أصلاً.
وطالبت منظمة «مراسلون بلا حدود»، إحدى المنظمات الدولية غير الرسمية، الحكومة الإيرانية بعد التوقيع على الاتفاق أن تكف عن ممارساتها في قمع الصحافيين واعتقالهم وأن تفتح صفحة جديدة مع الإعلام في الداخل والخارج وأن تقم بإطلاق سراح المراسلين الصحافيين المعتقلين داخل إيران.
7:57 دقيقة
ردود فعل متباينة داخل إيران حيال الاتفاق النووي.. بين «أكذوبة كبرى».. و«تاريخي»
https://aawsat.com/home/article/407666/%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D9%81%D8%B9%D9%84-%D9%85%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%C2%AB%D8%A3%D9%83%D8%B0%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89%C2%BB-%D9%88%C2%AB%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%C2%BB
ردود فعل متباينة داخل إيران حيال الاتفاق النووي.. بين «أكذوبة كبرى».. و«تاريخي»
سياسيون حذروا من قيام النظام الإيراني بمزيد من القمع ضد معارضيه
ردود فعل متباينة داخل إيران حيال الاتفاق النووي.. بين «أكذوبة كبرى».. و«تاريخي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة