سيستغرق الأمر عدة أشهر قبل أن يكون الاتفاق الذي أعلنته إيران ومجموعة القوى الدولية (5+1) خاليا من المخاطر وجاهزا للتنفيذ. ولكن افتراضا أن الاتفاق لن ينهار، كما كان الحال مع اتفاقات لوزان، فماذا يمكن أن يكون تأثيره على علاقات إيران بجيرانها في الشرق الأوسط؟
في أفضل السيناريوهات قد تقترب إيران أكثر من الولايات المتحدة من خلال تقديم نفسها كقوة استقرار في المنطقة. وقد كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الأسبوع عن حلقة ذات دلالة في مفاوضات فيينا. فوفقا للافروف فقد ضغطت روسيا وإيران بقوة من أجل رفع حظر بيع الأسلحة إلى إيران فورا. وقد كانت تراود كلا البلدين، بطبيعة الحال، آمال بأن يؤدي رفع الحظر إلى تمكينهما من السيطرة على قطاعات ضخمة من سوق الأسلحة الإيراني قبل دخول آخرين إليه. وبحسب لافروف، فإن الفريق الإيراني لم يضغط من أجل رفع فوري للحظر، ومن ثم فقد وقف مع الفريق الأميركي بقيادة وزير الخارجية جون كيري. والسبب واضح وهو أن الرئيس حسن روحاني يأمل أن تتقارب إيران بشدة مع الولايات المتحدة في غضون خمس سنوات، إلى درجة تمكنها من شراء الأسلحة الأميركية. فمن يريد الأسلحة الروسية والصينية؟
الرئيس باراك أوباما من جانبه أعلن بوضوح وفي مناسبات عدة أنه إذا غيرت إيران سلوكها فمن الممكن أن تكون حليفا مهما للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كما كانت من قبل أن يستولي الملالي على السلطة سنة 1979. ولن يكون لدى الجمهورية الإسلامية الحليفة للولايات المتحدة أي مصلحة في جلب الدمار على المنطقة عبر محاولة «تصدير الثورة» من خلال العنف والإرهاب.
أما في أسوأ السيناريوهات، فإن إيران ستعيد تحويل شبكاتها المتطرفة، وخصوصا حزب الله في لبنان، إلى أحزاب سياسية موالية للجمهورية الإسلامية، وسوف تسعى إيران لتحقيق مصالحها، بما في ذلك الهيبة والنفوذ في العراق ولبنان واليمن، عبر القنوات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، بدل الإرهاب والحرب. كما لن ترى إيران، الحليفة للولايات المتحدة، حاجة في الاحتفاظ ببشار الأسد في السلطة في سوريا، وسيساعد إبعاد الأسد طهران على إصلاح علاقاتها ليس مع أنقرة فحسب، بل مع الدول العربية المعارضة للمستبد السوري.
كذلك يمكن لإيران أن تعيد اكتشاف مصلحتها في أن تكون لديها علاقات أفضل مع المملكة العربية السعودية، التي يعد دعمها مطلوبا لتنظيم سياسات النفط بعيدا عن التقلبات الحادة.
ليس لإيران والسعودية أي نزاعات ملموسة على مستوى الدولة حول الحدود، والوصول للأسواق والموارد الطبيعية والتنافس التجاري. لكن السبب الأساسي لموجة البرد الحالية التي تضرب علاقات البلدين يعود لإصرار إيران على التصرف كآيديولوجيا وليس كأمة. وبمجرد أن تتحرك إيران بعيدا عن الآيديولوجيا وتبدأ في التصرف كبلد طبيعي، فإنها لن تجد أي صعوبة في إصلاح علاقاتها بالرياض.
مع هذا، يبقى هنالك سيناريو لأسوأ الحالات. فلقد يرى حكام إيران الحاليون في تقهقر أوباما الاستراتيجي من الشرق الأوسط دعوة لهم لإعادة تشكيل المنطقة كما يروق لهم. وقد أعلن بالفعل علي أكبر ولاياتي، مستشار السياسة الخارجية لـ«المرشد الأعلى» علي خامنئي عن خطط لتشكيل «تحالف» تقوده إيران، ويشمل سوريا بقيادة الأسد، ولبنان التي يسيطر عليها حزب الله بتهديد السلاح، والعراق، حيث تبني إيران جيشا موازيا.
ويزعم ولاياتي أن الجزائر ترغب في الانضمام، وأن «إشارات إيجابية» ترد كذلك من القاهرة. وتحاول إيران بالفعل أن تقسم مجلس التعاون الخليجي من خلال خطب ود عمان، والتنمر لقطر، واستمالة الكويت، وتأليب دبي على أبوظبي في الإمارات.
ويمكن لإيران الجديدة والأكثر عدوانية، والمتحررة من الأغلال على تدفق النقد، أن تخرج لتصعد من حدة الأزمة في اليمن، وتزيد من التوتر في البحرين وتسعى لحلم «الهلال الشيعي».
أي هذه السيناريوهات لديه أفضل الفرص؟
الإجابة تعتمد على نتيجة صراع السلطة في طهران. إذا انتصر الجناح المؤيد لأميركا، بقيادة الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني والذي يضم روحاني وفريقه، يمكن للمرء أن يراهن على أفضل السيناريوهات. وفي حال لم يحدث ذلك، فإنه لا يمكن استبعاد أسوأ السيناريوهات.
أفضل السيناريوهات وأسوأها في علاقات إيران بجيرانها في الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي
يمكن لطهران أن تعيد اكتشاف مصلحتها في علاقات جيدة مع السعودية
أفضل السيناريوهات وأسوأها في علاقات إيران بجيرانها في الشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة