فشل الطرفين في حسم معركة الزبداني قد يعيد الوضع إلى نقطة الصفر

معلومات عن مقتل 3 ضباط إيرانيين.. وحزب الله يعلن عن قطع المدخل الرئيسي للمدينة

صورة نشرتها صفحة «تنسيقية ثورة الزبداني وما حولها» أمس لكتابة على جدار تشير إلى «أحرار الشام» المعارضة التي تقود معركة الزبداني («الشرق الأوسط»)
صورة نشرتها صفحة «تنسيقية ثورة الزبداني وما حولها» أمس لكتابة على جدار تشير إلى «أحرار الشام» المعارضة التي تقود معركة الزبداني («الشرق الأوسط»)
TT

فشل الطرفين في حسم معركة الزبداني قد يعيد الوضع إلى نقطة الصفر

صورة نشرتها صفحة «تنسيقية ثورة الزبداني وما حولها» أمس لكتابة على جدار تشير إلى «أحرار الشام» المعارضة التي تقود معركة الزبداني («الشرق الأوسط»)
صورة نشرتها صفحة «تنسيقية ثورة الزبداني وما حولها» أمس لكتابة على جدار تشير إلى «أحرار الشام» المعارضة التي تقود معركة الزبداني («الشرق الأوسط»)

تزداد الأوضاع الإنسانية سوءا في عدد من مناطق ريف دمشق على وقع استمرار الاشتباكات في الزبداني بين قوات النظام وحزب الله اللبناني من جهة وفصائل المعارضة من جهة ثانية، وذلك بعد مرور أكثر من أسبوع على قطع المعارضة المياه عن العاصمة ردا على بدء المعركة، مما أدى إلى منع قوات النظام من إدخال المواد الغذائية إلى قرى وادي بردى بالقلمون ولا سيما بلودان ومضايا وبقين. بينما أفادت وسائل إعلام حزب الله أنه والجيش السوري تمكنا يوم أمس من قطع المدخل الرئيسي للزبداني، أعلنت مواقع إيرانية عن مقتل 3 ضباط إيرانيين في الزبداني واللاذقية.
ونقلت «شبكة الدرر الشامية» عن مصادر محلية أن قوات النظام منعت لليوم الرابع على التوالي إدخال المواد الغذائية والتموينية إلى قرى وادي بردي، كما منعت دخول سيارات المحافظة الخاصة بجمع النفايات إلى قرى المنطقة، مما أدى إلى تراكمها في الشوارع والطرقات.
وتأتي هذه الخطوة لإجبار المعارضة في المنطقة على إعادة ضخ المياه إلى العاصمة دمشق بشكلها الطبيعي، حيث لا يزال مجلس شورى وادي بردي يقطع المياه عن عين الفيجة بدمشق بنسبة 85 في المائة، للمطالبة بوقف الحملة العسكرية على مدينة الزبداني، إضافة إلى الإفراج عن المعتقلين.
وأوضح إسماعيل الداراني، عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، أن حصار المناطق ومنع دخول المواد الغذائية أدى إلى مضاعفة المعاناة الإنسانية التي يعيشها النازحون في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ولا سيما في شهر رمضان مع ارتفاع الأسعار بشكل جنوني. ولفت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه العائلات تعيش اليوم، كما تعيش المناطق المحاصرة الأخرى كداريا والغوطة الشرقية، على ما تبقى لها من المؤنة وما تيسّر من الأعشاب، مشيرا إلى أن طبق الطعام الرئيسي بات اليوم هو «شوربة الرز» بحيث يطعم كيلو من الرز نحو 50 شخصا، بينما يتجاوز سعر كيلو اللحمة إذا توفّر الخمسين ألف ليرة سوريا، ما يقارب 50 دولارا، و20 دولارا ثمن الفروج المشوي. ويتحدّر معظم النازحين في قرى وادي بردى الذي يقدر عددهم بنحو 25 ألفا من ريف دمشق الغربي، وفق الداراني.
وبينما لفت الداراني إلى مفاوضات مباشرة وغير مباشرة تتم بين المعارضة وقوات النظام بعدما كانت الأخيرة قد رفضت وقف الحملة العسكرية على الزبداني لإعادة المياه إلى العاصمة، عبّر عن اعتقاده أن معركة الزبداني ستحسم في الأيام القليلة المقبلة لعدم قدرة أي من الطرفين على الحسم، لافتا إلى أن النظام سيعود في النهاية إلى الخضوع في ظل الضغوط التي يتعرض لها من قبل مناطق دمشق التي حرمت من المياه، وسيعود الوضع الميداني إلى نقطة الصفر، أي استمرار حصار الزبداني من دون سقوطها وعودة المياه إلى دمشق.
ويوم أمس، أعلن نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في حديث إذاعي، أنّ معركة جرود عرسال أو الزبداني لها أهداف تتمثل في تعطيل قدرة التكفيريين على أن يشكلوا خطرا أو أن يحدثوا أثرا في تلك المنطقة، وهذا يتحقق بأمرين، إما التحرير الكامل، وإما بوضعهم داخل القفص، مضيفا «التكفيريون في جرود عرسال والزبداني هم داخل القفص لا يستطيعون فعل شيء أو تغيير أي معادلة، وهم بالكاد يحافظون على الحد الأدنى من وجودهم غير المؤثر».
ميدانيا، أعلنت وسائل إعلام حزب الله أن الجيش السوري والحزب تمكنا من قطع المدخل الرئيسي للزبداني بشكل كامل، والذي يربط المدينة ببلدة مضايا. وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أنّ «سلاح الجو قضى على عدد من أفراد التنظيمات الإرهابية ودمر لهم سيارتين بما فيهما من أسلحة وذخيرة في الزبداني».
من جهتها، أفادت تنسيقية ثورة الزبداني باستهداف طيران النظام مدينة الزبداني يوم أمس بـ28 برميلا متفجرا و20 صاروخا فراغيا من طيران السيخوي الحربي، بعد معارك عنيفة بين قوات النظام وحزب الله من جهة وفصائل المعارضة من جهة ثانية، معلنة عن إفشال المعارضة محاولات تقدم الحزب والنظام في محور المدرسة ومنطقة الزلاح جنوب المدينة.
في غضون ذلك، أعلنت وكالات أنباء إيرانية مقتل ضابطين من قوات النخبة في الحرس الثوري الإيراني، السبت الماضي، في معركة الزبداني، وهما العقيد قاسم غريب، والعقيد كريم غوابش.
وبحسب وكالة «دفاع برس» التابعة للقوات المسلحة الإيرانية، فقد كان العقيد قاسم غريب (36 عاما) يتولى منصب نائب قائد الفيلق الأول للحرس الثوري في محافظة غلستان، شمال إيران، وقد ذهب في مهمة للدفاع عن مقامات أهل البيت في سوريا.
أما الضابط الثاني وهو العقيد كريم غوابش، فأشارت وكالات إيرانية إلى أنه كان يلعب دورا استشاريا لقوات الجيش السوري وحزب الله أثناء معارك الزبداني، انطلاقا من مشاركته الطويلة في الحرب العراقية - الإيرانية في الثمانينات (1980 - 1988).
كما أعلنت مصادر سوريا مقتل ضابط إيراني برتبة عقيد - لم تذكر اسمه - بالإضافة إلى عشرة عناصر من الجيش السوري وعنصرين من حزب الله اللبناني في قرية دورين بريف اللاذقية شمال غربي سوريا، مساء الأحد، أثناء عملية نفذتها مجموعة من الجيش الحر.
وأفادت «شبكة الدرر الشامية» بمقتل عدد من عناصر حزب الله بينهم قائد ميداني خلال المواجهات الجارية في محيط مدينة الزبداني بالقلمون الغربي.
وفي الوقت نفسه نعت صفحات موالية للنظام السوري مقتل النقيب يامن إبراهيم جولاق من قرية الهيثمية بطرطوس خلال معارك الزبداني.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.