أحلم بأطباق المزة اللبنانية من لحظة صعودي الطائرة المتجهة من لندن إلى بيروت، في كل مرة أزور فيها بلدي الأم، وهذا ليس لأننا محرومون من المأكولات اللبنانية، ولكن تبقى هناك عناصر تجدها في مطاعم بيروت لا تجدها في أي مطعم لبناني في أي مدينة أخرى.
ولا أخفي سرا إذا قلت بأن زيارتي إلى لبناني هي عائلية «طعامية» إذا صح التعبير، فأبحث عن الجديد وعن القديم في العاصمة وخارجها، وتبقى وجهتي المفضلة للأكل والسهر هي شارع مار مخايل في بيروت، وهذا الشارع يتمتع بحياتين، لأنه خلال النهار تراه مثله مثل أي شارع بيروتي مكتظ بالمحلات والسيارات والأبنية السكنية وزحمة السير، وما إن يبسط الليل سواده حتى تتحول حياة النهار العادية إلى حياة ليل من شكل آخر، فهو يتميز بوجود عدد كبير من المقاهي والمطاعم، الشرقية والغربية، والأجمل فيه هو تمتعه بسمات الشوارع الأوروبية ولكن بنمط شرقي أصيل.
وليس هناك أفضل من مثال على المزيج الشرقي والغربي الذي يحمل في طياته سمات بيروت في الماضي وبيروت الحاضر إلا مطعم «عنب»، الذي يتغنى بشعار «هيدا بيتك» وبالفعل هو كذلك، لأن ديكوراته تشعرك وكأنك في بيتك لا بل في بيت جدتك، وهو مليء بالمفاجآت لأن مدخله لا يفشي الأسرار التي يخبؤها المكان، لأنه صغير من الخارج ولا ترى فيه إلا سلما خشبيا ومصعدا كهربائيا، الديكور الوحيد هو رزم من الأعشاب والخضار المعلقة على الجدار المحاذي للسلم، وعربة خضار تحمل على متنها فاكهة وخضار الموسم، وما إن تدخل إلى المطعم تنسى أنك في بيروت عند رؤية حائط صخري عملاق يسيج الحديقة الخارجية فيتخيل إليك أنك في أحد الأماكن الجبلية في لبنان وليس في قلب منطقة الأشرفية الساحلية.
المطعم هو منزل بيروتي قديم، لا يزال يحافظ على مزاياه، غرف منفصلة، جدران من الحجارة الخام، صور لإعلانات قديمة كبرت وتربت عليها أجيال، ثريات ملونة جميلة، وكل ركن من أركانه يكسو جدرانه لون مختلف يتماوج ما بين الأزرق الفاتح والفستقي والوردي، فلن تشبع عينك من معاينة الديكور الذي يختلف من غرفة إلى أخرى.
«عنب» هو اسم المطعم، ولكنه يحمل أكثر من نكهة نوع واحد من الفاكهة لأنه يقدم المأكولات اللبنانية بطريقة عصرية مع إضافة نفحات جميلة في طريقة التقديم والتزيين، المزة اللبنانية غنية، ولكن «عنب» نجح في البحث في كتب المطبخ اللبناني العتيقة وأعاد إحياء أطباق وطبخات كانت على وشك أن تصبح منسية ووضعها في قالب جديد ومحبب على العين والمعدة. وأكثر ما يميز «عنب» هو الشعور بالدفء والحنين فيه، فترى الذواقة يلعبون الطاولة ويلعبون الشدة «الورق» وهم يحتسون الشاي أو وهم يدخنون الشيشة أو يأكلون الأطباق اللذيذة.
من الواضح أن الطاهي الرئيسي في «عنب» لا يستهين في اختيار المنتجات التي تستعمل في الأطباق وهذا واضح من نوعية الخضار والفاكهة وحتى اللحوم.
لفتتنا لائحة الطعام الطويلة، التي تشدك إليها ليس فقط بالأطباق التي تحويها إنما بالعبارات المأثورة المأخوذة من أغنيات فيروز، وأخرى عبارات لبنانية شعبية تركز على اجتماع العائلة.
من ألذ الأطباق، الفتة بالباذنجان وسلطة الباذنجان مع الرمان والسلطة البلدية، والكبة المشوية بالقاورما، ولا بد من اختيار بعض من أطباق المزة الساخنة فهي متنوعة، من دون أن ننسى لائحة العصير الطازج التي تحمل عنوان: «عصير جنينتنا» أي عصير حديقتنا وهي فعلا كلها طازجة ولذيذة وتوضع في أباريق تقليدية على طبقة من الثلج.
المطعم يناسب فترة الغداء والعشاء، وإذا كانت الزيارة ليلية ينصح بالحجز المسبق، خاصة إذا كنت تفضل الجلوس في الحديقة.
العنوان: عنب
شارع مار مخايل
الأشرفية – بيروت
تليفون : 009611441444
«عنب».. بيروتي أصيل
أجمل عنوان أكل في أجمل عنوان سهر
«عنب».. بيروتي أصيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة