سادت حالة من الترقب والانتظار في المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددتها دول منطقة اليورو للحكومة اليونانية منتصف ليل أمس الخميس، لتقديم مقترحات جادة ومفصلة، حول برنامج إصلاح، يمهد للتوصل إلى اتفاق بين أثينا والأطراف الدائنة، وينقذ اليونان من الإفلاس والخروج من منطقة اليورو الذي أصبح قريبا للطرح على طاولة التفاوض في منطقة اليورو خلال الساعات القليلة الماضية، بحسب تصريحات صدرت عن قيادات في منطقة اليورو.
ومن المقرر أن يقوم الدائنون بتحليل وفحص المقترحات اليونانية اليوم الجمعة من قبل المفوضية، ويوم السبت من قبل وزراء مالية مجموعة اليورو، ليصار إلى اتخاذ قرار نهائي تحضيرًا للقمة الاستثنائية المقررة بعد ظهر الأحد الموافق الثاني عشر من الشهر الحالي، على مستوى الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد.
وأشارت وسائل إعلام بلجيكية أمس الخميس، إلى أن خطط الإصلاحات المقترحة يجب أن توفر 12 مليار يورو بدلا من 8 مليارات يورو حسبما كان مخططا لها من قبل، وأن يتم ذلك خلال عامي 2015 و2016، وإذا أقرت الحكومة اليونانية الخطة سيتم تكليف وزير المالية اقليدس ستاكلوتوس بإعداد وثيقة مكتوبة ومفصلة للدائنين. وأشارت المصادر نفسها إلى أن الإجراءات الجديدة، قد تتضمن زيادة الضريبة على الشركات من 26 في المائة إلى 28 في المائة، وعلى السلع الكمالية إلى 13 في المائة بدلا من 10 في المائة، وأيضا ضريبة القيمة المضافة التي يجب أن تدفع عن الأطعمة المصنعة، والمطاعم، والنقل، وبعض الخدمات الصحية الخاصة، يجب أن ترتفع من 13 إلى 23 في المائة، والفنادق من 6.5 في المائة إلى 13 في المائة،. والسؤال المطروح حاليا هو هل سيوافق الائتلاف الحكومي الحالي على هذه الإصلاحات الضريبية الثقيلة؟.
وحسب كثير من المراقبين هنا في بروكسل تدور شكوك حقيقية حول ما قد يحصل خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ يبقى الأمر مفتوحًا على كل الاحتمالات، ففي حال نالت المقترحات اليونانية «رضا» الدائنين، سيعاد فتح المفاوضات، أما لو حدث العكس، فستكون القمة القادمة بمثابة إعلان رسمي لخروج اليونان من منطقة العملة الموحدة، ويقول المحللون إن التصريحات التي أدلت بها رئيسة صندوق النقد الدولي كريستان لاغارد، جاءت لتزيد من عمق الأزمة، إذ أطلقت موقفًا مخالفًا للأوروبيين، «من الضروري إعادة هيكلة ديون اليونان»، وأثار هذا التعليق مفاجأة لدى دول اليورو، التي دأبت على رفض الأمر، مما يعني أن اختلاف الرؤية بين الدائنين قد أصبح أكثر عمقًا من ذي قبل.
وفي سياق متصل، عبر الباحث والمحلل السياسي اليوناني جيراسيموس نوتاراس، عن قناعته بأن ما يجري الآن هو محاولة من قبل دول مجموعة اليورو لإذلال الشعب اليوناني ورأى نوتاراس في مقابلة نشرتها صحيفة لوسوار البلجيكية، أن القرارات الأوروبية كانت ولا تزال مدفوعة بعوامل سياسية وليست اقتصادية بحته، «تدل الأحداث المتلاحقة على أن الأوروبيين يريدون أن يجعلوا من اليونان مثالاً لباقي الدول التي تجرؤ على التمرد»، حسب قوله.
ويأتي ذلك، بعد أن أرسل اليونان مقترحا جديدا لصندوق الإنقاذ الأوروبي، لطلب الحصول على مساعدة مالية وتضمن التأكيد على عدم اللجوء إلى سياسة التقشف، التي جعلت الاقتصاد اليوناني يدور في حلقة مفرغة، هذا ما أكده رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأربعاء الماضي. وقال تسيبراس إن المقترح الجديد الذي تقدم به إلى صندوق الإنقاذ الأوروبي سيغير وجه اليونان، وأشار إلى أنه سيتقدم بالمقترحات المطلوبة حول خطط الإصلاح، وألمح إلى أنه يتحمل المسؤولية كاملة عما حدث خلال الشهور الخمس الماضية، وشدد على أن بلاده مستعدة لمواصلة الإصلاحات من أجل التوصل إلى اتفاق مع دائني أثينا والبقاء في منطقة اليورو. وقدم ألكسيس تسيبراس عدة اقتراحات للخروج من الضائقة المالية التي تتخبط فيها بلاده من خلال تطوير المؤسسات ومحاربة الفساد والتهرب الضريبي الذي تشهده اليونان، كما دعا إلى عدم السماح بانقسام أوروبا، مؤكدًا على قدرة بلاده على تلبية المطالب الأوروبية، مكررًا موقفه بشأن ضرورة التفاوض على هيكلة ديون اليونان، وهو ما لا تريد دول اليورو الخوض فيه قبل توقيع اتفاق. أما رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك، الذي تحدث خلال الجلسة نفسها، فقد أكد على أن المهلة النهائية هي هذا الأسبوع، «نحن في سباق مع الزمن من أجل إعادة إقامة الثقة»، وفق كلامه.
وجاء ذلك بعد أن أعلنت رئاسة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، عن تحديد موعد يوم الأحد القادم، لعقد قمة أوروبية للتباحث حول ملف اليونان، وذلك بعد أن يكون رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس قد عرض مقترحات جديدة على أقصى تقدير نهاية الخميس، وتكون مفصلة، وتتضمن برنامجًا للإصلاح، شاملاً ومحددًا، ويخضع للتقييم من قبل الأطراف الدائنة، على أن يعرض الأمر على مجموعة اليورو. وقال دونالد تساك رئيس مجلس الاتحاد في مؤتمر صحافي ختامي لأعمال قمة قادة دول منطقة اليورو الـ19 مساء الثلاثاء الماضي، إن القادة اجتمعوا لدراسة الوضع الخطير في اليونان، وأبدى قادة اليورو الاستعداد للقيام بكل ما هو ضروري لضمان الاستقرار المالي في منطقة اليورو ككل.
وأشار تاسك إلى أنه عقب الاستفتاء الأخير في اليونان التزم رئيس الوزراء تسيبراس بتقديم طلب جديد لبرنامج إصلاحات ضمن الإطار الذي حددته آلية الإنقاذ المالي الأوروبية، بما فيه من شروط صارمة، على أن يتم بعد ذلك دراسة ما إذا كان من الممكن وعلى وجه السرعة وضع أساس لإيجاد اتفاق، يحترم الالتزامات القائمة والقواعد المشتركة. واختتم بالإشارة إلى أن جميع الأطراف تتقاسم المسؤولية عن الوضع الراهن، وسيعمل الجميع من أجل نجاح مشترك، من دون وجود لخاسرين أو فائزين، وحذر من أن عدم حدوث ذلك يؤدي إلى إفلاس اليونان «وبالتأكيد سيكون الشعب اليوناني الأكثر تأثرا وسيؤثر ذلك أيضا على أوروبا، وخصوصا على الوضع الجيوسياسي وسيكون من السذاجة أن يتوهم أي شخص عكس ذلك». وقال: «لأول مرة نتحدث عن موعد نهائي وهو نهاية الأسبوع الحالي والجميع يتحمل مسؤولية عن الأزمة، وعلى الجميع مسؤولية إيجاد الحلول».
اليونان يسابق الزمن لتفادي الإفلاس والخروج من منطقة اليورو
دول اليورو تنتظر «مقترحات جادة و مفصلة» قبل انتهاء المهلة التي أعطتها لأثينا
اليونان يسابق الزمن لتفادي الإفلاس والخروج من منطقة اليورو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة