جنوب السودان: إعادة تنصيب سلفا كير على رأس السلطة يهدد بتجدد القتال

زعيم المتمردين وصف قرار البرلمان بغير القانوني وطالبه بالتنحي

جنوب السودان: إعادة تنصيب سلفا كير على رأس السلطة يهدد بتجدد القتال
TT

جنوب السودان: إعادة تنصيب سلفا كير على رأس السلطة يهدد بتجدد القتال

جنوب السودان: إعادة تنصيب سلفا كير على رأس السلطة يهدد بتجدد القتال

أعيد تنصيب سلفا كير رئيسا لجنوب السودان لثلاث سنوات أخرى أمس الأربعاء بعدما أرجأ البرلمان الانتخابات، ومدد ولايته جراء الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد، وقرر البرلمان أن كير ليس بحاجة إلى تأدية اليمين، رسميا، لأنه بالفعل يشغل المنصب، وتم تنصيبه قبل يوم من الذكرى الرابعة لاستقلال جنوب السودان، التي توافق يوم الخميس.
وتعهد الرئيس أمام البرلمان بأنه سوف «يضمن السلام والمصالحة» مع قائد المتمردين رياك مشار، ومحاولة إنهاء الصراع القائم منذ 18 شهرا بين الاثنين، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص.
وكان البرلمان قد قرر في مارس (آذار) الماضي تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها بحلول يوليو (تموز) الماضي، وتمديد تفويض كير الذي يحكم الدولة الغنية بالنفط منذ أن استقلت عن السودان في 2011. لكن رياك مشار اتهم كير بتمديد ولايته بشكل غير قانوني وطالبه بالتنحي، وحذر من تجدد القتال بقوله إن «تمديد بقاء الرئيس سلفا كير في الرئاسة لثلاث سنوات غير قانوني، وإن من حق الناس الثورة والإطاحة بنظامه إذا ظل في السلطة.
وتابع مشار: «هذا نظام غير شرعي، وما حدث يصل إلى مرتبة الانقلاب، وسنعمل على نشر ذلك في المنطقة والمجتمع الدولي حتى يدركوا حين يتعاملون معه أنه ليس رئيسا منتخبا».
ويقول المتمردون إن البرلمان لا يملك الحق في مثل هذا التصرف في دولة تشهد صراعا منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013.
وأضاف مشار موضحا: «نحن نريد سلاما. سلفا كير ضعيف وشعب جنوب السودان أقوى منه. سينتفضون ضده. نحن لا نريد طغاة في بلدنا. نحن من نقاوم الطغاة»، مضيفا أن فترة كير الرئاسية تنتهي منتصف ليل الثامن من يوليو.
وأعلن زعيم المتمردين في جنوب السودان أمس أن الحرب الأهلية في البلاد ستستمر ما دام سلفا كير رئيسا للبلاد، وقال للصحافيين خلال وجوده في العاصمة الكينية نيروبي: «لا نشعر أن لدينا شريك سلام مع سلفا كير»، مشيرا إلى أن اتفاقات وقف إطلاق النار التي وقعها مع الحكومة خلال 18 شهرا من النزاع «ولدت ميتة» جميعها.
وأوضح مشار أن «شعب جنوب السودان لا يستحق العودة إلى الحرب، والسبب خلف ذلك هو تصرفات الرئيس سلفا كير الذي نطلب منه اليوم التنحي.. وإذا تعنت ورفض تسليم السلطة إلى الشعب، فمن حق المواطنين الانتفاض عليه والإطاحة بنظامه». وتأتي هذه التصريحات قبل يوم على إحياء جنوب السودان الذكرى الرابعة للانفصال عن الخرطوم وإنهاء سنوات طويلة من الحرب.
واندلعت الحرب الأهلية في جنوب السودان بعدما اتهم كير نائبه السابق رياك مشار بمحاولة الانقلاب على الحكم، وتوسعت المعارك من العاصمة جوبا إلى كل أنحاء البلاد، واتخذت في كثير من الأحيان طابعا إثنيا. واعتبر مشار أن تمديد ولاية كير ليس له أهمية، وعلى اعتبار أن ولايته الأصلية تنتهي اليوم الخميس فإن المتمردين يعتبرون الحكومة «غير دستورية وغير شرعية».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.