تبادل اتهامات بين بغداد وأربيل بشأن «انتكاسة» الاتفاق النفطي بين الطرفين

التحالف الوطني يحذر من خطورة الخلاف ويدعو إلى تشكيل لجان لحله

تبادل اتهامات بين بغداد وأربيل بشأن «انتكاسة» الاتفاق النفطي بين الطرفين
TT

تبادل اتهامات بين بغداد وأربيل بشأن «انتكاسة» الاتفاق النفطي بين الطرفين

تبادل اتهامات بين بغداد وأربيل بشأن «انتكاسة» الاتفاق النفطي بين الطرفين

أقر التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان العراقي) بحصول ما أسماه «انتكاسة» على صعيد الاتفاق النفطي الذي أبرم أواخر العام الماضي بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان تقوم الأخيرة بموجبه بتسليم 550 ألف برميل يوميا من النفط الخام من حقول كركوك وإقليم كردستان إلى بغداد ليتم بيعه عن طريق شركة «سومو» الوطنية.
وقالت الهيئة السياسية للتحالف الوطني في بيان لها أمس إنها «عقدت اجتماعًا بحضور المكوِّنات كافة في مكتب الدكتور إبراهيم الجعفري رئيس التحالف الوطني وتضمّن جدول أعمال الاجتماع عددًا من الموضوعات المهمّة على رأسها تطورات الوضع الأمنيّ، وسبل التعامل مع المناطق المحررة، وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم، وتقديم المعونات اللازمة لهم».
وأضافت الهيئة في بيانها أن «المجتمِعين ناقشوا الملفّ الاقتصادي عبر موضوعين أساسيين، هما الانتكاسة التي تعرّض لها الاتفاق النفطي بين الحكومة الاتحاديّة وبين إقليم كردستان، وشحة الإطلاقات المائية التي يتعرض لها البلد بصورة عامة»، لافتة إلى أن «الهيئة السياسيّة خلصت إلى ضرورة تشكيل لجان عمل تخصصيّة من الحكومة والتحالف الوطنيّ، لمتابعة هذه الموضوعات بالسرعة التي تتناسب مع أهميتها، وخطورتها».
من جهتها، أكدت وزارة النفط وعلى لسان المتحدث الرسمي باسمها عاصم جهاد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «التصريحات الصادرة من إقليم كردستان هي التي بدأت تؤشر وجود أزمة بين الطرفين لعل فيها بعد سياسي لا يعني وزارة النفط كونها الجهة التي تتسلم الكمية المتفق عليها بين الطرفين بموجب الاتفاق الموقع وتقوم بتسويقها عبر شركة النفط الوطنية سومو»، مشيرًا إلى أن «كمية التجهيز التي بدأت تسلم إلى الوزارة بدأت تتقلص وبالتالي لم يعد هناك التزام بأصل الاتفاق وهو تسليم 550 ألف برميل يوميا منها 300 ألف برميل من حقول كركوك و250 ألف برميل من النفط المستخرج من محافظات الإقليم الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك».
وحول الكمية التي ترد إلى وزارة النفط حاليا، قال جهاد: «إن ما يرد إلينا حاليا لا يتعدى الـ288 ألف برميل يوميا وهو ما يعني أن هناك نقصًا بأكثر من نصف الكمية المتفق على تسليمها، وهذا يعني أن الإيرادات المالية ستقل تبعًا لذلك وهو ما يدعو حكومة الإقليم إلى اتهام الحكومة المركزية بعدم تنفيذ التزاماتها حيال الإقليم غير أن السبب في ذلك يعود إلى العجز في الإيرادات الذي يؤدي في النهاية إلى عدم قدرة الحكومة على دفع مستحقات الإقليم بموجب الاتفاق لأن هناك خللاً في تنفيذ الاتفاق لجهة عدم تجهيز الكمية المطلوبة والمتفق عليها أصلاً».
من جانبه، فإن إقليم كردستان أقر هو الآخر بحصول انتكاسة فعلاً على صعيد الاتفاق النفطي لكنه حمّل بغداد المسؤولية الكاملة عن ذلك. وقالت نجيبة نجيب، عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني وعضو اللجنة المالية البرلمانية، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوصف الذي أطلقه التحالف الوطني على الاتفاقية النفطية بالانتكاسة، هو وصف صحيح ولكن السؤال الذي يفترض أن يجيب عنه التحالف الوطني هو: من المسؤول عن هذه الانتكاسة؟»، مؤكدة أن «الحكومة الاتحادية هي المسؤولة لأنها لم تقم من جانبها بتطبيق ما عليها من التزامات بما ينسجم مع الدستور العراقي كون مواطني كردستان هم عراقيون، وبالتالي لا بد أن يتسلم الموظفون منهم رواتبهم مثل باقي العراقيين».
وردًا على سؤال حول ما يتضمنه الاتفاق بشأن تقديم بغداد مستحقات الإقليم بموجب الاتفاق، قالت نجيب: «هذا صحيح والإقليم لم يخل بالتزاماته لكن أحيانا تحصل ظروف طارئة تؤدي إلى تقليل الكميات، لكن الإقليم ملتزم بتقديم الكمية المطلوبة عن طريق زيادة كمية التصدير على سبيل التعويض وهو ما حصل بالفعل خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، لكن بغداد لا تراعي ذلك ولا تنظر إلى موظفي إقليم كردستان كونهم عراقيين يجب أن يتسلموا رواتبهم مثل باقي العراقيين طالما أن الكميات المصدرة يمكن تعويضها»، موضحة أن «هناك أمورا لا بد من التطرق إليها مثل البيشمركة التي تقاتل الآن نيابة عن كل العراقيين مثل باقي العراقيين في المحافظات الأخرى، وبالتالي فإن إقليم كردستان مضطر لتلبية حاجات مواطنيه والتزاماته الأخرى».
وردًا على سؤال بشأن موقف وزير المالية هوشيار زيباري، وهو كردي، مما يجري قالت إن «القرار ليس بيد هوشيار زيباري بل هو بيد رئيس الوزراء حيدر العبادي حصرًا».
وكان وزير النفط عادل عبد المهدي أكد في مايو الماضي أن اتفاق بغداد وأربيل ما زال «صامدًا وقائمًا»، وأشار إلى أن الاتفاق «غير نهائي ولا يمكن الاعتماد عليه». وعزا عبد المهدي أسباب الخلافات بين وبغداد والمحافظات وإقليم كردستان إلى عدم إقرار قانون النفط والغاز، لكنه حذر في الوقت نفسه من ازدياد الثغرات في الاتفاق النفطي بين الإقليم والمركز في حال عدم إقراره والاتفاق على التفاصيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».