قواعد حزب الله تعد حكومة سلام «هزيمة»

الرئيس اللبناني يطالب بالإسراع في وضع البيان الوزاري

قواعد حزب الله تعد حكومة سلام «هزيمة»
TT

قواعد حزب الله تعد حكومة سلام «هزيمة»

قواعد حزب الله تعد حكومة سلام «هزيمة»

تختصر ردود فعل مناصري «8 آذار» المنتقدة لحكومة «المصلحة الوطنية» والتي وصلت إلى حد وصفها بـ«الهزيمة»، حجم الاستنكار الواسع في صفوف «جمهور المقاومة». وهذا الاستياء لم يأت نتيجة جلوس حزب الله و«تيار المستقبل» على طاولة الحكومة فحسب، بل انسحب على اختيار شخصيات «استفزازية» تولت أبرز الوزارات. وكان كلام أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، الذي توجه إلى قاعدته لتبرير هذه المشاركة في كلمته أول من أمس، خير دليل على هذا الاستياء، بعدما كان فريقه رفع سقف شروطه ليعود ويقبل بثمانية وزراء ويفوز خصومه بأكثر من «الثلث المعطل».
وحاول نصر الله الإجابة عن هواجس جمهوره من أن يؤدي تولي مدير عام الأمن الداخلي السابق أشرف ريفي وزارة العدل إلى إطلاق سراح المتهمين بتفجيرات الضاحية، ومنهم عمر الأطرش ونعيم عباس، قائلا: «عندما يعترف الشخص فلا أحد يستطيع إطلاق سراحه أيا كان وزير العدل».
وأكد نصر الله أنه لا يشعر بأي «حرج» من مشاركته في الحكومة، مشيرا إلى أنه «لم يضع يوما فيتو على أحد، وكنا دائما نقول إننا نريد الحوار وحكومة وحدة وطنية»، علما أن «فيتو» حزب الله على تولي مدير عام الأمن الداخلي السابق أشرف ريفي وزارة الداخلية كاد يطيح في اللحظة الأخيرة، بحكومة تمام سلام، قبل أن تؤلف.
وبينما بررت بعض الأصوات لحزب الله هذا القرار، على ضوء التفجيرات التي تتعرض لها الضاحية الجنوبية في الفترة الأخيرة، كانت لافتة الأصوات المستنكرة التي رفعت من «داخل البيت»، من قبل شخصيات بارزة محسوبة على فريق «8 آذار». ومن هؤلاء، مدير عام الأمن العام السابق جميل السيد، أحد الضباط الأربعة الذين أوقفوا في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ورئيس «تيار التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب.. فقد أعلن السيد قطع علاقته التشاورية بفريق «8 آذار»، اعتراضا على قبولهم بريفي وزيرا للعدل، بينما عد وهاب أن «أداء فريق (8 آذار) لم يقنعه وإدارة معركة الحكومة كانت سيئة من قبلهم». وقال في حديث تلفزيوني: «لست جزءا من قطيع وما يربطني بفريق (8 آذار) السياسة فقط. أتقاضى دعما ماليا بسيطا منهم وهذا لا يعني أن يسلبني حريتي».
وفي موازاة إشادته بـ«وفاء» فريق «14 آذار» لكوادره، انتقد وهاب اختيار فريق «8 آذار» لوزرائه.
وأجمعت انتقادات جمهور «8 آذار» على اعتبار وزير العدل أشرف ريفي، أبرز الوزراء «الاستفزازيين» بالنسبة إلى فريق حزب الله، انطلاقا من دوره الأساسي في التحقيقات بقضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري والتي أدت إلى اتهام خمسة عناصر من حزب الله، ومن ثم مواقفه الهجومية على حزب الله، على خلفية اشتباكات طرابلس في الفترة الأخيرة. إلا أن عضو كتلة حزب الله النيابية النائب الوليد سكرية يرى لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنازل حزب الله وحلفائه عن الصيغة الحكومية التي كان يتمسك بها (9+9+6) يأتي بهدف إطلاق عجلة الحياة السياسية والإنمائية في لبنان، وتحصينه ضد الفراغ السياسي الذي يؤدي إلى حالة من الفوضى»، مشددا على أن «حزب الله على قناعة بأن حماية الوطن من الفوضى، هو أحد أوجه حماية لبنان، وكان لا بد من تدوير الزوايا للوصول إلى تفاهمات، وهو ما بادر إليه الحزب وحليفه الأساس حركة أمل (التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، وكان هناك تجاوب من قبل الأطراف السياسية اللبنانية الأخرى».
في مقابل ذلك، يرجع محللون تنازل حزب الله، إلى حاجته لحكومة لبنانية تغطي قتاله في سوريا ضد المعارضة، نظرا لاعتراض قوى «14 آذار» على انخراطه في القتال إلى جانب النظام السوري، بوصفه خرقا لـ«إعلان بعبدا» الذي ينص على الالتزام بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وتحديدا أزمة سوريا. ولم يتمسك بهذا الشرط في قوى «14 آذار»، إلا حزب القوات اللبنانية الذي رفض المشاركة في حكومة يشارك فيها حزب الله، من غير انسحابه من سوريا.
ويرفض المحلل السياسي المقرب من «14 آذار» توفيق الهندي، القول إن حزب الله هو الخاسر الأكبر، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «هو الرابح الأكبر لكونه أدخل قوى (14 آذار) في شراكة معه كان يحتاج إليها، وأخذ سلطة سياسية من الأطراف اللبنانية للقتال في سوريا»، مشيرا إلى أن الحزب «رضي بتسليم (14 آذار) كل الوزارات الأمنية، ليرمي إليهم مسؤولية محاربة التكفيريين، ويضع تيار المستقبل في مواجهة الإرهابيين، في حال فشل الوزراء بوضع حد لظاهرة التفجيرات».
وخلت حصة حزب الله في الحكومة من الوزارات الأمنية والخدماتية، إذ تولى الوزير حسين الحاج حسن حقيبة الصناعة، بينما تولى الوزير محمد فنيش حقيبة «وزير دولة لشؤون مجلس النواب»، وفي المقابل، تولت قوى «14 آذار» الوزارات الأمنية، إذ عين نهاد المشنوق وزيرا للداخلية، واللواء ريفي وزيرا للعدل، وبطرس حرب وزيرا للاتصالات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».