بوادر «تمرد» في جماعة الإخوان وتصدع في صفوف تحالفها

الداخلية المصرية لـ («الشرق الأوسط») : انتحاري نفذ عملية طابا

بوادر «تمرد» في جماعة الإخوان وتصدع في صفوف تحالفها
TT

بوادر «تمرد» في جماعة الإخوان وتصدع في صفوف تحالفها

بوادر «تمرد» في جماعة الإخوان وتصدع في صفوف تحالفها

بمرور الوقت تضيق الدائرة التي تحيط بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، مع مؤشرات على اقتراب لحظة تصدع تحالف إسلامي تقوده الجماعة منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، بحسب مصادر تحدثت معها «الشرق الأوسط» أمس، في وقت تسربت فيه معلومات عن ضغوط من «جناح معتدل» من قيادات الجماعة داخل السجون على صقورها؛ لبدء حوار سياسي مع السلطة الانتقالية.
وقال الدكتور حسن نافعة، المنسق الذي طرح مبادرة لبدء حوار بين جماعة الإخوان والسلطات في البلاد، إنه لمس بنفسه تصدعا في تحالف دعم الشرعية، مع ترحيب قيادات حزبي البناء والتنمية (الذراع السياسية للجماعة الإسلامية) والوسط بمبادرته واستعدادهما للتعاطي إيجابيا معها.
وأضاف نافعة قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «تلقيت أكثر من اتصال من قيادات حزب الوسط التي رحبت بالمبادرة، وأبدت استعدادا للتجاوب، كما تواصلت مع ثلاث قيادات من حزب البناء والتنمية، وهما طرفان رئيسان في التحالف.
كما أبدى حزب مصر القوية (الذي يتزعمه القيادي السابق في الجماعة عبد المنعم أبو الفتوح) اهتماما، ودخل في اتصالات لبدء حوار».
وأصدر تحالف دعم الشرعية بيانا أعرب فيه عن انفتاحه على المبادرات المطروحة على الساحة، لكن نافعة وصف البيان بـ«غير الإيجابي»، معربا عن اعتقاده أن قيادات جماعة الإخوان تمارس ضغطا سلبيا، وتتهرب من الحديث الصريح عن قبول المصالحة، كما لا يزالون يتحدثون عن شرعية مرسي.
وبينما تحدث نافعة عن بقاء الجماعة كعقبة أمام أي حل سياسي، قدم مصدر مطلع قريب الصلة بتحالف دعم الشرعية تقييما مختلفا للموقف.
وقال إنه «لا يمكن الحديث عن موقف واحد داخل جماعة الإخوان في الوقت الراهن، هناك من بدأ يستشعر أنه لا بد من حل سياسي، لكن لم تتبلور تصورات مكتملة بعد».
وقبل أيام نشرت مواقع مصرية محلية تسجيلا صوتيا للقاء جمع الرئيس السابق مرسي بمحاميه المفكر الإسلامي محمد سليم العوا. وقال العوا موجها حديثه إلى مرسي إنه «لا بد من حل سياسي»، وإنه «لا طائل من استمرار المصادمات في الشارع». وأبدى مرسي موافقة على هذا التحليل، لكنه أكد أن استمرار الوضع الحالي ليس في مصلحة طرفي الصراع.
وتراجعت بشكل ملحوظ الاحتجاجات الإخوانية منذ إحياء الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير (كانون الثاني)، لكن نافعة قال إنه «لا يمكن التعويل على ضعف المظاهرات باعتباره مؤشرا على محاولة الجماعة التهدئة، ربما هي دليل على تأثير الضربات الأمنية».
وقال تحالف دعم الشرعية في بيان له قبل يومين إنه «بينما يتحرك (التحالف) في مسار سياسي مواز للحراك الثوري، ويفتح عقله لمبادرات ومساعي أي مخلص وطني، فإنه في القلب من الثورة، لا يرى أي تعارض بين استمرار الثورة واستخدام أي وسيله تدعم مطالب الثورة، فالسياسة في مفهومنا خادمة للثورة المجيدة ومكتسباتها وأهدافها، فلنواصل جميع حراكنا بما يحقق مطالب الثورة وأهدافها».
وشنت السلطات حملة أمنية واسعة على جماعة الإخوان، وألقت القبض على القيادات الرئيسة بمن في ذلك مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع واثنان من نوابه خيرت الشاطر ورشاد البيومي ومعظم قيادات مكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة، ووجهت للقيادات والكوادر اتهامات جنائية.
وقال مراقبون إنه سواء كان تراجع حدة الاحتجاجات ناتجا عن محاولة الجماعة التهدئة أو ناتجا عن تأثرها بالضربات الأمنية، أو حتى تململ كوادرها على الأرض، فإن هذا كله يفتح الطريق أمام التعاطي بواقعية مع المشهد.
ونشر موقع «الأهرام» الإلكتروني تقريرا قال فيه إن قيادات حزب الوسط المحبوسين بالسجون، وعلى رأسهم أبو العلا ماضي (رئيس الحزب) وعصام سلطان (نائبه) شرعوا قبل أسابيع في الحوار مع قيادات الإخوان بالسجون، وعلى رأسها حلمي الجزار وسعد الكتاتني وسعد الحسيني، لبلورة مبادرة للتفاهم مع الدولة لإنهاء حالة الصراع السياسي. مشيرا إلى أن السلطات اشترطت أن توافق القيادات الإخوانية الأكثر تشددا على تفويض الوسطاء. ورفض مسؤول إخواني بارز التعليق على المعلومات الواردة في التقرير.
وقال مصدر مسؤول في تحالف دعم الشرعية إن «العقبة الكبرى أمام الحوار تتمثل في قدرة القيادات على إقناع الكوادر بابتلاع حل سياسي، كيف يمكن تمرير هذا الحل بعد الدماء التي سالت».
وبدأت تتشكل في البلاد مجموعات متشددة تستهدف عناصر الشرطة، إلى جانب تنظيمات لإسلاميين مرتبطين بتنظيم القاعدة.
وتقول الشرطة المصرية إن لديها أدلة تربط بين تلك المجموعات الصغيرة وجماعة الإخوان.
ولا تزال الأجواء السياسية لا تساعد على بدء حوار سياسي شامل مع الأطراف المتصارعة، على ما يبدو، لكن صحيفة «الشروق» الخاصة نقلت في وقت سابق على لسان مصادر مطلعة قولها إن ملف المصالحة من بين أربعة ملفات على مكتب قائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي، الذي يستعد على الأرجح لخوض الانتخابات الرئاسية.
وبالتزامن مع الحديث عن مفاوضات بين قادة جماعة الإخوان والسلطة الانتقالية، قضت محكمة ببراءة 62 من أنصار الجماعة الشهر الماضي، كان ألقي القبض عليهم خلال مواجهات مع الأمن في ميدان رمسيس قبل شهور، كما صدرت عدة قرارات بإخلاء سبيل محتجزين آخرين؛ وإن استأنفت النيابة على تلك القرارات.
وفي غضون ذلك، وتواصلت أمس محاكمات قادة جماعة الإخوان وقررت محكمة جنايات شبرا الخيمة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة، تأجيل نظر جلسة محاكمة 48 متهما من بينهم 12 من قيادات الجماعة، على رأسهم المرشد العام بديع، في أحداث قطع طريق قليوب (شمال القاهرة)، إلى جلسة 20 فبراير (شباط) لتشكيل لجنة ثلاثية من المختصين لبيان محتوى أسطوانات مدمجة تحتوي على مقاطع مصورة تقدمت بها النيابة كجزء من أدلة الثبوت في القضية، والكشف عما إذا كان طرأ عليها تعديل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».