لم يتغير شيء في قطاع غزة بعد عام على الحرب الإسرائيلية الدموية التي استمرت 51 يوما، وخلفت أكثر من 2200 قتيل و10 آلاف جريح، سوى مزيد من الوعود بمستقبل أفضل، وسط آلاف الأطنان من الركام التي خلفتها القوة الإسرائيلية المفرطة.
ولا يجد الغزيون الذين تلقوا آلاف الوعود لبناء منازلهم المدمرة، سوى الانتظار في منازل مؤقتة على شكل «كرافانات» أو أخرى مؤجرة، إلى حين تنطلق عملية إعادة الإعمار بشكل حقيقي وفاعل وملموس.
ورغم أن شرط إعادة الإعمار، كان أحد النقاط التي اتفق الفلسطينيون مع الإسرائيليين، برعاية دولية، على إطلاقها فورا، فإنه بعد عام، يبدو بطيئا وغير ملموس.
وقال جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، لـ«الشرق الأوسط»: «بهذه الطريقة ستستمر المعاناة وتتفاقم لسنوات طويلة».
وأضاف: «الصورة في غزة مأساوية، الدمار الحاضر في كل مكان يعطي انطباعا بأن الحرب ما زالت قائمة.. من يزر هذه الأماكن المدمرة يعتقد فعلا أن الحرب مستمرة».
وتابع: «لدينا آلاف العائلات المشردة، إما في الكرفانات أو البيوت الخشبية والبيوت المستأجرة، إضافة إلى المضطرين للسكن في بيوت آيلة للسقوط»..
وعملية الإعمار كانت واحدة فقط من بين طلبات فلسطينية تم التفاوض عليها في القاهرة، وهي: حرية حركة الأفراد والبضائع، وإعادة تشغيل المطار، وبناء ميناء، وتوسيع الصيد البحري، وإزالة الشريط العازل. فيما طلب الإسرائيليون فرض رقابة صارمة على عملية إعادة الإعمار، ومراقبة الأموال، ومنع دخول وتطوير وتصنيع أسلحة في غزة.
ومع توقف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الرسمية، ظل مطلب الإعمار، الأهم والأكثر إلحاحا بالنسبة للفلسطينيين، وشكلت له الكثير من اللجان.
يقول وزير الإسكان والأشغال، مفيد حساينة، إن العملية ستنطلق قريبا بعد اتفاق مع الإسرائيليين على إدخال مادة الإسمنت لكن من دون أن يعطي تفاصيل.
وكان حساينة نفسه أشار، سابقا، إلى أن العملية تعوقها مسائل أخرى، مثل عدم تسلم الحكومة لإدارة معابر قطاع غزة.
وتقول الحكومة الفلسطينية في رام الله، إنه من دون وجود فعلي على الأرض لن تتمكن من القيام بمسؤولياتها. وتتهم حركة حماس بعرقلة عملها في القطاع. وتقول حماس إن الحكومة متفردة ولا تسعى إلى دعم غزة.
ومع الخلاف الأخير على تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، ورفض حماس حتى إجراء تعديلات على حكومة الحمد الله، يبدو إطلاق عملية الإعمار مسألة ليست قريبة. ولا تملك العائلات التي دمرتها الحرب على غزة أي حول أو قوة أمام هذا الجمود.
ووضع فؤاد صالح أبو عصر (54 عاما) غرفتين جاهزتين تحت سقف منزله المتصدع في حي الشجاعية، بعدما أصابه اليأس إزاء التأخير في إعادة إعمار القطاع المحاصر.
وبعدما تمكن أبو عصر، بمساعدة من فنيين، من تركيب غرف بسيطة وسط المنزل المدمر، أقام جدارا حولها من حجارة جمعها من ركام منزله. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «فكرة الغرف الجاهزة سببها اليأس من الإعمار، طوال سنة لا نسمع سوى الكلام، لا نرى أي فعل».
وتابع: «اسكن الآن مع زوجتي وأطفالي في الغرفتين في الطابق السفلي، وأولادي بشير وصالح مع أسرتيهما في الغرفة الثالثة بعد أن قسمتها إلى قسمين».
ويؤكد صالح: «لم يقم أي مسؤول من الحكومة بزيارتنا». ويقول، رغم إدراكه مخاطر الإقامة في هذه الغرف داخل منزله الآيل للسقوط: «هذا هو خيارنا الوحيد للعيش بشكل أفضل من مدارس الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين)، بسبب معاناتنا جراء ذلك، كما أتعبنا كثيرا السكن لدى الأقارب».
ويتابع أبو عصر: «اليوم، بعد عام على الحرب، فإن الوضع يزداد سوءا، ولا أمل في حلول للكارثة لأنه لا أحد تهمه قضيتنا».
وكان سلامة السعودي أقل حظا، حيث وضع منزلا جاهزا من غرفتين فوق ركام منزله المهدم كليا، وأحاطه بساتر من القماش.
لكن سفيان فروانة (37 عاما) يرى في حالته «رمزا للإذلال». ويقول بغضب: «كلهم كذابون، أنا وعائلتي كنا آخر النازحين الذين خرجوا من مركز إيواء مدرسة البحرين، لقد وعدونا بالمساعدة، لكن لا شيء حتى الآن (...) لا قيمة لنا عند أحد».
ويوجد آلاف آخرون مثل أبو عصر وفروانة، غاضبين ومشتتين بانتظار أي حلول.
وقال بيان للجنة مواجهة الحصار: «إن ما تُدخله إسرائيل من مواد البناء لا يلبي سوى 15 في المائة من حاجة غزة، بسبب آليات الدخول البطيئة جدًا التي لم تبن منزلاً واحدًا دمر بالكامل خلال الحرب».
وتشير الإحصائيات إلى أن إسرائيل دمرت 60 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، ومثلها تضررت بنسب متفاوتة.
وفي وقت سابق قالت منظمة أوكسفام البريطانية، إن قطاع غزة سيحتاج 100 عام لإعادة إعماره إذا بقيت الآلية المتبعة كما هي.
ويعيش في قطاع غزة الساحلي الضيق الذي تبلغ مساحته 362 كلم مربعا، ويبلغ طوله 45 كلم وعرضه بين ستة و12 كيلومترا، نحو مليون و800 ألف فلسطيني، ما يجعله من أكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان.
وتشير إحصائيات لجنة مواجهة الحصار، إلى أن أكثر من 70 في المائة في قطاع غزة ما يزالون يعيشون تحت خط الفقر، فيما وصل معدل البطالة 50 في المائة، وأن أكثر من مليون مواطن يعتمدون على المساعدات الدولية والإغاثية، في ظل غياب فرص عمل أو دخل ثابت لهم، وأن معدل دخل الفرد اليومي هو دولار واحد فقط.
8:17 دقيقة
بعد عام على الحرب.. الغزيون يعيشون على المساعدات وأوضاعهم تزداد سوءا
https://aawsat.com/home/article/401006/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B2%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%B4%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A3%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%B9%D9%87%D9%85-%D8%AA%D8%B2%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%B3%D9%88%D8%A1%D8%A7
بعد عام على الحرب.. الغزيون يعيشون على المساعدات وأوضاعهم تزداد سوءا
رئيس لجنة مواجهة الحصار: كأن المعارك لا زالت مستمرة
- رام الله: كفاح زبون
- رام الله: كفاح زبون
بعد عام على الحرب.. الغزيون يعيشون على المساعدات وأوضاعهم تزداد سوءا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة