تيار عون يُعلن انتهاء «شهر العسل» مع «المستقبل» ويصوب معركته تجاهه

اجتماعات مكثفة تسبق التحرك الشعبي ودعوات للناشطين للاستعداد يوم الخميس

تيار عون يُعلن انتهاء «شهر العسل» مع «المستقبل» ويصوب معركته تجاهه
TT

تيار عون يُعلن انتهاء «شهر العسل» مع «المستقبل» ويصوب معركته تجاهه

تيار عون يُعلن انتهاء «شهر العسل» مع «المستقبل» ويصوب معركته تجاهه

يبدو أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون قرر تصويب كل سهامه في المعركة التي أعلنها تحت عنوان «استعادة حقوق المسحيين وترسيخ مبدأ الشراكة» على تيار «المستقبل»، بعد نحو عام من دخول الفريقين في «شهر عسل» طويل قرر العونيون وضع حد له قبيل نزولهم إلى الشارع نهاية الأسبوع الحالي، بغرض التصعيد للضغط على الحكومة لتعيين قائد جديد للجيش.
وتتكثف الاجتماعات في دارة عون في منطقة الرابية شرق بيروت، وفي مراكز التيار الوطني الحر في الأقضية والمحافظات لتنظيم التحركات المرتقبة، وقد تم توجيه دعوات للناشطين كافة للاستعداد يوم الخميس للتحرك «تلبية لنداء وتوصيات العماد عون نصرة للحق والحقوق».
وبدأت وسائل الإعلام التابعة لعون في الساعات الماضية حملة عنيفة ومباشرة على تيار «المستقبل» بعد نحو عام على ترسيخ التهدئة على الجبهات الإعلامية للفريقين بالتزامن مع انطلاق حوار بين رئيس تيار المستقبل، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري والعماد عون.
وشنّت قناة «أو تي في» الناطقة باسم تيار عون هجومًا عنيفًا على تيار المستقبل في مقدّمة نشرتها الإخبارية مساء الأحد، متهمة إياه بـ«خوض حروب إلغاء للدور المسيحي ومواصلة جولات استئثاره وهيمنته على الدولة ومفاصلها». وأشارت إلى أنهم «يذبحون شركاءهم سياسيًا ويغتصبون حقوقهم ويريدونهم أهل ذمة في إمارتهم الحريرية»، سائلة: «ما الفرق بينهم وبين (داعش) في الأداء والنتائج؟»، لتجيب: «لا شيء يذكر، فهم مثل التنظيم التكفيري الإرهابي، باقون في السلطة ويتمددون، ليصبح فعل المقاومة ضدهم واجب على كل لبناني وطني حر».
واعتبر عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أن تياره غير معني بكل الاتهامات التي يطلقها العونيون، واصفا كلامهم بـ«الإلغائي والداعشي والذي لا يختلف بشيء عن الكلام التكفيري لـ(داعش) والتخويني لحزب الله».
ورأى فتفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مواقف عون الأخيرة تنم عن انعدام بالمسؤولية وعن قلة الحكمة والدراية باعتبار أن التحركات التي يدعو إليها من شأنها أن تؤدي لتدهور الوضع الداخلي ولاستدراج نيران المنطقة إلينا. وقال: «لقد جربوا الشارع في وقت سابق وحتى لجئوا لـ7 ولم يصلوا إلى مكان، لأن هذا البلد لا يقوم إلا بالتوافق والحوار».
واستغرب فتفت إصرار عون على «فرض انتخابه رئيسا بشروطه هو»، متسائلا: «أي منطق سياسي يقول بانتخاب عون حليف حزب الله وإيران؟».
في المقابل، اعتبر النائب السابق سليم عون، القيادي في التيار الوطني الحر أن «العقدة الأساسية بوجه تحقيق الشراكة المسيحية الفعلية تكمن لدى تيار المستقبل، وإذا تم حل هذه العقدة تفككت السلسلة المترابطة التي تكبّل الشراكة». وأكد عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه «وفي الاجتماع الذي عقد بين العماد عون والرئيس الحريري في 18 فبراير (شباط) الماضي، تم الاتفاق على تفاصيل التعيينات الأمنية»، متسائلا: «لماذا وبعد مرور نحو 5 أشهر لم ينفذ هذا الاتفاق؟».
وشدّد عون على أن من يلجأ للشارع يكون قد استنفد كل الخيارات والسبل الأخرى، وأضاف: «إذا لم يستجيبوا لحراكنا بالشارع سنكون مضطرين للجوء إلى ما هو ممنوع ومحرم، فبوجه الظلم والاضطهاد والضغط يصبح كل شيء متاح». وحذّر عون تيار المستقبل من أنّهم «يلعبون بكرة نار ستحرقهم وتحرقنا»، وقال: «هناك عقد اجتماعي تتمادون في عدم تطبيقه ما قد يفع بالنهاية إلى تمزيقه».
بدوره، أسف الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري لأن ثمة من يأخذ لبنان إلى الانتحار، ويصر على تركه أسير الفراغ، مشددا على أن ما يهم تيار المستقبل هو حماية لبنان من هذا الجنون والاستكبار. وقال الحريري خلال كلمة في حفل إفطار في أستراليا، «إننا في تيار المستقبل لن نكون شهود زور على الجرائم التي ترتكب بحق لبنان، بل سنكون شهود حق من أجل حمايته، ولن نكون شركاء لأي جنون يريد تدمير لبنان، بل سنكون شركاء لكل عاقل يريد بناء لبنان».
من جهته، تحدث النائب في حزب «القوات» فادي كرم عن «وجود قناعة لدى حزبه بضرورة المحافظة على الهدوء ونيل الحقوق عن طريق المفاوضات»، مشيرا إلى أن هذه الحكومة وجدت لامتصاص الحالات المتفجرة لا أن تصبح هي الحالة المتفجرة.
وقال كرم في حديث إذاعي: إن «لدى كل فريق الحق بالتظاهر، ولكن من دون التأثير على حرية الآخرين ووفق القوانين المرعية الإجراء، وبالتالي عدم محاولة شل حياة المواطنين الطبيعية الذين لا يشاركون في التظاهرات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.