حكومة هادي تتوقع قرب إبرام اتفاق هدنة.. ومشاورات ولد الشيخ تبحث «التفاصيل»

بادي لـ «الشرق الأوسط»: ضمانات بتسليم الموانئ للسلطة المحلية في عدن.. ومراقبون لإيصال المساعدات

مظاهرة  احتجاجية للحوثيين رددوا فيها هتافات ضد الأمم المتحدة في صنعاء (رويترز)
مظاهرة احتجاجية للحوثيين رددوا فيها هتافات ضد الأمم المتحدة في صنعاء (رويترز)
TT

حكومة هادي تتوقع قرب إبرام اتفاق هدنة.. ومشاورات ولد الشيخ تبحث «التفاصيل»

مظاهرة  احتجاجية للحوثيين رددوا فيها هتافات ضد الأمم المتحدة في صنعاء (رويترز)
مظاهرة احتجاجية للحوثيين رددوا فيها هتافات ضد الأمم المتحدة في صنعاء (رويترز)

أكدت الحكومة اليمنية الشرعية لـ«الشرق الأوسط» أن هناك مشاورات تجري بين قادة دول التحالف والأمم المتحدة والحكومة اليمنية، للحصول على ضمانات لنجاح إبرام هدنة إنسانية تمتد حتى عطلة عيد الفطر، خصوصا أن الأمم المتحدة قدمت وعودا بتلافي ما حصل في الهدنة السابقة التي استفاد منها طرف واحد، وهم الانقلابيون، ولديها تصور لإنشاء هيئة منسقين عامين للرقابة على مستوى فعالية الهدنة.
وأوضح راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة اليمنية الشرعية، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك مشاورات مع دول التحالف والأمم المتحدة والحكومة اليمنية لتقديم هدنة إنسانية تستمر حتى نهاية عطلة عيد الفطر المبارك، وذلك نتيجة للوضع الكارثي والإنساني من جهة، وعدم وجود أي شعور بالمسؤولية الإنسانية تجاه الطرف الآخر، وهم الانقلابيون على الشرعية اليمنية، من الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، تجاه اليمنيين في المحافظات الذين جرى الاستيلاء عليها في عدن وتعز والضالع ولحج.
وقال بادي إنه من المرجح الإعلان عنها خلال اليومين المقبلين، إذ إن الحكومة اليمنية قدمت رؤيتها التي تشمل مسارين سياسي وإنساني، ومرجعيتهما القرار الأممي الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي ورقمه 2216، إذ يتضمن المسار الإنساني المادة التاسعة في قرار مجلس الأمن الذي يلزم جميع الأطراف بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى كل المدن والمحافظات التي وقعت فيها المواجهات، ويجري التشاور من أجل رفع الحصار، إذ إن الهدنة شرطها الأساسي رفع الحصار عن المدن الأربع، وهي عدن وتعز والضالع ولحج.
وأشار المتحدث باسم الحكومة اليمنية إلى أن هناك تصورا على هيئة ضمانات تتضمن تسليم الموانئ للسلطة المحلية في عدن، إذ لا يزال الميليشيات المسلحة وأتباع الرئيس المخلوع صالح يسيطر عليها، وكذلك وجود مراقبين لتنفيذ مدى مراقبة الهدنة وإيصال المساعدات.
ولفت بادي إلى أن الأمم المتحدة لديها تصور لإنشاء هيئة عامة لمنسقين عامين للرقابة على مستوى فعالية الهدنة وعدم وجود خروقات، وتحديد الطرف الذي يقوم باختراق الهدنة.
وفي سياق متصل يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مشاوراته ومباحثاته في صنعاء مع قيادات في حركة «أنصار الله» الحوثية وقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام بشأن التطورات الراهنة على الساحة اليمنية، وفي المقدمة موضوع الهدنة الإنسانية التي يسعى المبعوث الأممي إلى التوصل إليها، وقالت مصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن المشاورات «توشك على التوصل إلى اتفاق على الهدنة»، وأن «النقاشات الجارية، حاليا، تتعلق بتفاصيل جانبية وبالمخاوف التي يطرحها الطرفان، الحكومة اليمنية الشرعية، من جهة، والحوثيون وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، من جهة أخرى»، وقد أجرى المبعوث الأممي مشاورات مع قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه صالح، وقال الدكتور عادل الشجاع، عضو اللجنة العامة (المكتب السياسي) لحزب المؤتمر الشعبي العام، عضو وفد مشاورات جنيف لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى بحث الكثير من القضايا : «حيث تتحدث الأمم المتحدة اليوم عن هدنة إنسانية، والمؤتمر الشعبي العام يتحدث عن وقف لإطلاق النار بشكل دائم، قبل الذهاب إلى حوار سياسي بين الأحزاب والمكونات السياسية»، ويرى القيادي في حزب المؤتمر أنه «من دون حوار بين المكونات السياسية، ستظل المشكلة قائمة والهدنة، بطبيعة الحال، ستكون عبارة عن استراحة مقاتل وسيعود الاقتتال مجددا»، وأشار الشجاع إلى أن حزبه «حرص على أن يساعد المبعوث الأممي وعلى أن يساعد، أيضا، الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد مخرج حقيقي ودائم للأزمة اليمنية، ويحرص المؤتمر، كل الحرص، على أن يكون الحوار بين كافة المكونات السياسية، لأن الحوار لو تم في ظل استبعاد بعض المكونات السياسية، لن يتم التوصل إلى حل وسيظل التوتر والاحتراب قائما»، وتوقع الشجاع إعلان الهدنة الإنسانية في وقت قريب، وأشار إلى إصرار دولي على الدخول في هدنة باليمن.
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان هناك تطابق في طروحات ووجهات نظر حزب المؤتمر والحوثيين فيما يتعلق بالنقاط التي تطرح وتناقش مع المبعوث الأممي، قال الدكتور الشجاع: «بالتأكيد إن هناك تطابقا وبالتحديد فيما يتعلق بالحوار السياسي وفيما يتعلق بإيجاد حل جذري وشامل للأزمة اليمنية»، ويؤكد القيادي المؤتمري أن «الحوثيين، في الآونة الأخيرة، سلموا بأن العمل السياسي هو الذي يمكن أن يفسح المجال للقوى السياسية لكي تعبر عن نفسها، ووصلوا إلى إدراك أن الاحتراب لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن ينتج منتصرا ومهزوما، لأن المنتصر والمهزوم هما سيان في الساحة، على اعتبار أن الحرب تعمل على تدمير البنية الاجتماعية والسياسية والتحتية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.