كلينتون تتهم الصين بـ«سرقة أسرار» الولايات المتحدة

المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية تطالب بـ«ذكاء أكثر» في التعامل مع بوتين

كلينتون في مسيرة احتفال الاستقلال الأميركي في مدينة غلين بولاية نيو هامبشاير أول من أمس (أ.ف.ب)
كلينتون في مسيرة احتفال الاستقلال الأميركي في مدينة غلين بولاية نيو هامبشاير أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

كلينتون تتهم الصين بـ«سرقة أسرار» الولايات المتحدة

كلينتون في مسيرة احتفال الاستقلال الأميركي في مدينة غلين بولاية نيو هامبشاير أول من أمس (أ.ف.ب)
كلينتون في مسيرة احتفال الاستقلال الأميركي في مدينة غلين بولاية نيو هامبشاير أول من أمس (أ.ف.ب)

وجهت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، المرشحة للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لخوض السباق الرئاسي في 2016، اتهامات لاذعة للصين، أول من أمس، متهمة إياها بقرصنة «كل ما لا يتحرك» من المعطيات في الولايات المتحدة وسرقة «الأسرار». وبعد أن ركزت كلينتون خلال حملتها الانتخابية حتى الآن على القضايا الداخلية بشكل كبير، شهدت عطلة نهاية الأسبوع انتقادات شديدة من كلينتون تجاه الخصمين للولايات المتحدة، الصين وروسيا، وحذرت من كيفية التعامل معهما.
وفي كلمة موجهة إلى أنصارها الديمقراطيين اثناء تجمع في ولاية نيوهامشير، هاجمت كلينتون الصينيين، واتهمتها بالقيام بعمليات قرصنة كثيفة، قائلة: «إنهم يحاولون قرصنة كل ما لا يتحرك في أميركا»، مضيفة: «إنهم يسرقون كما هائلا من المعلومات الحكومية ويسعون للاستفادة منها». ويذكر أن الحكومة الأميركية قد اعتبرت الصين المتهم الرئيسي في قرصنة مواقع حكومية أميركية.
وبينما أصرت كلينتون على أنها تريد نهضة سلمية للصين، شددت على القول: «يجب عدم الانخداع.. فهم يعلمون أنهم في منافسة وسيفعلون كل ما بوسعهم للربح». وأضافت كلينتون، التي تولت وزارة الخارجية الأميركية بين عامي 2009 و2013: «لكن علينا أيضا أن نحذر بشدة.. الجيش الصيني ينمو بسرعة كبيرة ويشيد منشآت عسكرية تمثل مرة أخرى تهديدا لدول تربطنا بها معاهدات، كالفلبين، لأنهم يبنون على أراض متنازع عليها». وتابعت: «إنهم يحاولون اختراق أي شيء غير متحرك في أميركا. يسرقون أسرارا تجارية.. من متعاقدين مع وزارة الدفاع.. يستولون على كميات هائلة من المعلومات الحكومية.. كل هذا من أجل السعي لتحقيق تفوق».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قال مدير أجهزة الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر إن الصين هي «المشتبه به الرئيسي» في عملية اختراق كثيفة لبيانات شخصية لملايين الموظفين في الحكومة الأميركية. ووصفت بكين هذا الاتهام بأنه «مناف للعقل». واتهمت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الصين في أحدث عملية اختراق استهدفت سجلات موظفي الحكومة الأميركية السابقين والحاليين، إلا أن بكين نفت هذه الاتهامات.
وعلى صعيد آخر، صرحت كلينتون في تجمع انتخابي بأن الولايات المتحدة يجب أن تكون «أكثر ذكاء» بشأن كيفية التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأضافت الوزيرة الخارجية السابقة: «يجب أن نكون أكثر ذكاء في كيفية التعامل مع بوتين وكيفية التعامل مع طموحاته.. ليس رجلا سهلا.. لكن لا أعتقد أنه يوجد أي بديل بخلاف التواصل المستمر (معه)». ودعت كلينتون الولايات المتحدة إلى أن تتحلى «بقدر أكبر من الذكاء في تعاملها مع الرئيس الروسي».
ومن جهة أخرى، نشرت وزارة الخارجية الأميركية يوم الثلاثاء الماضي عبر الإنترنت نحو ألفي رسالة إلكترونية أرسلتها أو تلقتها كلينتون عام 2009 وذلك بأمر قضائي. وتعود الرسائل الـ1925، المنقحة من أي معلومة مهمة أو سرية، إلى مارس (آذار) وديسمبر (كانون الأول) 2009، أي في الأشهر الأولى لتسلم كلينتون وزارة الخارجية. وستكون هذه الرسالة موضع درس وتمحيص من قبل خصوم المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض.
وتوضح الرسائل كيف أن كلينتون كانت تتوجه لحضور اجتماع لتكتشف أنه ألغي، وساورها القلق بشأن الوقت المتاح لها مع رئيسها الجديد، الأمر الذي يكشف مشاق في العلاقة بينها وبين أوباما خصمها السابق في الانتخابات أثناء الشهور الأولى لتوليها المنصب الدبلوماسي الأرفع في الولايات المتحدة. وخاض الاثنان الانتخابات الأولية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في سباق الرئاسة لعام 2008.
وفي رسالة لاثنين من مساعديها في الثامن من يونيو (حزيران) 2009، بدت كلينتون غير واثقة مما إذا كان البيت الأبيض قد عقد اجتماعا للحكومة، وإن كان ينبغي عليها الحضور أم لا. وكتبت كلينتون: «سمعت في الإذاعة أن هناك اجتماعا للحكومة هذا الصباح. هل هناك.. وهل يمكنني الحضور؟.. وإذا لم أحضر فمن سنرسل؟». ورد عليها مسؤول بالوزارة بأن «اجتماع الحكومة منعقد لكنه ليس اجتماعا كاملا للحكومة يتعين عليها حضوره». ورغم أنهما كانا خصمين خلال الحملة الانتخابية فقد نشأت بينهما في نهاية المطاف علاقة عمل ودية خلال الأعوام الاربعة التي أمضتها وزيرة للخارجية.
ويشار إلى أن رسائل هيلاري كلينتون هي في صلب جدل سياسي منذ أن أقرت، في مارس الماضي، أنها اعتمدت أسلوبا شخصيا وخاصا في توجيه الرسائل خلال مهماتها الرسمية من 2009 إلى 2013.
وكانت وزارة الخارجية قد أعلنت عن نيتها نشر جميع الرسائل المتوافرة عبر شبكة الإنترنت بعد تنقيحها، وهذا ما تمنته هيلاري كلينتون التي ادعت الشفافية وقالت إنها اختارت «عنوانا خاصا لأسباب تقنية».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.