كل ثلاثاء، يجتمع فريق عمل مدونة «بوندي بلوغ»، من مدونين وصحافيين وشباب يمثلون مختلف آراء ضواحي باريس الفقيرة، داخل مكاتب الإصدار، الذي يحمل اسم المنطقة المحيطة. وقد تركز اجتماع أخير لهم حول السبيل الأمثل لتحدي زعيم الحزب الاشتراكي، جان كريستوف كامباديلي، خلال ظهوره في البرنامج الحواري الشهري «ذي بوندي بلوغ كافيه».
يذكر أن الاشتراكيين استحوذوا على نصيب كبير من الأصوات في بوندي وضواح أخرى خلال انتخابات عام 2012 التي دفعت بمرشح الحزب، الرئيس فرنسوا هولاند، لمقعد الرئاسة. ومع ذلك، فإن الكثير من سكان الضواحي، وأغلبهم من المهاجرين، لا يبدون اهتمامًا بالحياة السياسية.
عن ذلك، قال أحد المشاركين بالاجتماع: «في هذه اللحظة، لا أحد يعبأ هنا حتى لو تم انتخاب الجبهة الوطنية»، في إشارة إلى حزب أقصى اليمين. وأضاف: «لقد فقدوا الأمل في هذه الحكومة».
وتسعى هذه المدونة، التي أنشئت عام 2005 أثناء أعمال الشغب التي تفشت بمختلف أرجاء فرنسا وقتها، وينشرها نوردين نابيلي، لمنح صوت للمجموعات التي تعاني في الغالب من ضعف تمثيلها في التغطية الخاصة بوسائل الإعلام الممثلة للتيار الرئيس. وتصف «بوندي بلوغ» نفسها بأنها تقوم على صحافة المواطن، وتنشر بانتظام تقارير حول قضايا سياسية واجتماعية، مع طرح كثير من الكتاب لصور وفيديوهات للحظات من حياتهم أثناء العمل أو داخل الضاحية.
ويبلغ عدد زوار المدونة شهريًا 220 ألف زائر، وفازت بعدة جوائز عن أعمالها، ويسهم الصحافيون لديها بأعمال منتظمة في إصدارات رفيعة مثل «أل» و«لوموند» و«كانال بلو» و«راديو فرانس».
بمرور السنوات، تحولت المدونة إلى مصدر ثري للخبراء والصحافيين والنشطاء المهتمين بالحياة داخل الضواحي، حسبما أوضح د.هشام دي إيدي، الباحث بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب «الموسيقى المتمردة»، وهو دراسة حول الحياة السياسية للشباب المسلم في أوروبا والولايات المتحدة. وأضاف خلال مقابلة أجريت معه: «تشعر المؤسسة الفرنسية بعدم ارتياح بعض الشيء تجاههم. أما السفارة الأميركية فغالبًا ما تستشير الصحافيين وتدعوهم لزيارة الولايات المتحدة. إنها تعطي صوتًا لسكان الضواحي. وينتمي غالبية الصحافيين لسكان الضواحي وهم من أبناء المهاجرين. والآن، سترسل المدونة صحافيًا لكتابة موضوع صحافي عن وحشية الشرطة في الولايات المتحدة أو حول ما إذا كان المسلمون أفضل حالا هناك».
ورغم أن المؤسسة الرسمية في فرنسا قد لا تشعر بالارتياح حيال المدونة، فإن هذا لم يمنع العديد من السياسيين من الحج إلى مكاتب «بوندي بلوغ». وعن ذلك، قال نابيلي مبتسمًا: «يتنافس السياسيون للقدوم إلى هنا، وذلك لأن وسائل الإعلام تنقل عنا كثيرًا نتيجة وجود فراغ هائل داخل هذه الضواحي نحاول نحن سده».
جدير بالذكر أنه في عام 2005 اندلعت أعمال شغب في الضواحي بعدما قتل صبيان بعد فرارهما من نقطة تفتيش شرطية. وحينها، قرر سيرغ ميشال، وهو صحافي يعمل لحساب مجلة «إبدو» السويسرية، تغطية أعمال الشغب من داخل الضواحي. وبالفعل، أسس مكتبًا في بوندي، بشمال شرقي باريس، وشرع في متابعة القصة عبر مدونة، سلمها لاحقًا لعدد من الصحافيين المحليين قبيل رحيله.
وبينما يلقى العاملون بالمدونة إشادات متكررة لعملهم، فإن هدفهم الأكبر يظل منح صوت لمن لا صوت لهم، ولا يبدون خجلا حيال التعبير عن آرائهم.
في يناير (كانون الثاني)، بدأت صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية اليسارية في استضافة المدونة على موقعها، وذاعت شهرة المدونة حتى وصلت الطرف الثاني من الأطلسي. وعام 2010، حرص الممثل الأميركي، صامويل إل جاكسون على زيارة المدونة، بل واستضافت المدونة نجمة التنس الأميركية سيرينا ويليامز، الفائزة ببطولة فرنسا المفتوحة الشهر الماضي، لإعطاء دروس في التنس لأطفال المنطقة المحيطة.
* خدمة «نيويورك تايمز»
الإنترنت ملاذ أبناء باريس المهمشين
«بوندي بلوغ» لمدونين وشباب من مختلف آراء ضواحي باريس الفقيرة ترسخ لـ«صحافة المواطن»
الإنترنت ملاذ أبناء باريس المهمشين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة