مسؤول أميركي: غارة في ليبيا قتلت أبو عياض «زعيم أنصار الشريعة»

تمت تصفيته في نفس الغارة التي استهدفت بلمختار زعيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»

مسؤول أميركي: غارة في ليبيا قتلت أبو عياض «زعيم أنصار الشريعة»
TT

مسؤول أميركي: غارة في ليبيا قتلت أبو عياض «زعيم أنصار الشريعة»

مسؤول أميركي: غارة في ليبيا قتلت أبو عياض «زعيم أنصار الشريعة»

قال مسؤول أميركي كبير أول من أمس إن أهم متطرف مطلوب في تونس زعيم جماعة «أنصار الشريعة»، والذي دبر حملة اغتيالات وهجمات إرهابية من بينها هجوم على سفارة الولايات المتحدة في تونس، لقي حتفه في غارة جوية أميركية في ليبيا في منتصف يونيو (حزيران)، وهي الغارة التي كانت تستهدف قياديا آخر بـ«القاعدة». وكان القيادي سيف الله بن حسين، المعروف كذلك بـ«أبو عياض»، واحدا من كبار مساعدي أسامة بن لادن، وزعيما لجماعة أنصار الشريعة المحظورة في تونس. وكان يقيم في ليبيا منذ 2013. بحسب تقارير، وأدار معسكرات تدريب وشبكة للخلايا الجهادية في أنحاء المنطقة. ومن شأن موته، في حال تأكد، أن يكون انتصارا مهما لتونس في كفاحها من أجل احتواء تمرد مسلح متواصل في منقطة حدودها الغربية وتهديدا متناميا لمراكزها الحضرية. وفي يوم الجمعة الماضي، لقي 38 شخصا، معظمهم من البريطانيين، مصرعهم عندما هاجم متشددون منتجعا ساحليا في مدينة سوسة. وفي مارس (آذار) قتل 21 شخصا عندما هاجم متشددون المتحف الوطني.
وقد أرجعت الحكومة الكثير من الهجمات إلى خلايا نائمة أسسها بن حسين عندما أسس جماعة «أنصار الشريعة» بعد الثورة التونسية في عام 2011. وكانت إذاعة موزاييك التونسية أول من أفاد بنبأ مقتل بن حسين في الغارة الجوية، وأكد الخبر مسؤول أميركي كبير في واشنطن. وقالت المحطة الإذاعية إن المسؤولين أجلوا الكشف عن هذه المعلومات بينما كان يحدوهم أمل في التأكد من الحمض النووي «دي إن إيه».
وأكد المسؤول الأميركي الذي تحدث مشترطا عدم الكشف عن هويته لمناقشة تقييم عسكري سري، التقرير التونسي بأن أبو عياض يُعتقد بأنه قتل الشهر الماضي في نفس الهجوم الذي شنته مقاتلات إف - 15 إي سترايك إيغل التابعة لسلاح الجو الأميركي، والتي كانت تستهدف مختار بلمختار، الزعيم الجزائري لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وفي إشارة إلى أبو عياض، قال المسؤول: «كل المؤشرات تفيد بأنه قتل». وأقر المسؤول بأن الولايات المتحدة لا تملك دليلا قاطعا، كدليل الحمض النووي. ولكن مراجعة تقارير المراقبة والاستخبارات، بما في ذلك الحديث على الإنترنت بين المقاتلين المتشددين، توصل المحللون إلى اعتقاد بأنه قتل. انضم أبو عياض، الذين كان في أربعينات العمر، إلى تنظيم القاعدة في أفغانستان في تسعينات القرن الماضي. وبحلول العام 2001 كان قد صعد ليصبح واحدا من المساعدين العشرة الكبار لبن لادن، وقائد مجموعة القتال التونسية، وفقا لمحام تونسي تابع مسيرته عن كثب وطلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية. وقدم أبو عياض الانتحاريين التونسيين الاثنين اللذين اغتالا القيادي الأفغاني البارز أحمد شاه مسعود. وقد كان يتم النظر إلى عملية الاغتيال تلك، والتي سبقت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) بيومين، على أنها ضربة وقائية من «القاعدة» لخصومها الأفغان الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة. قاتل السيد بن حسين إلى جانب بن لادن في تورا بورا في أفغانستان في 2001 قبل أن يهرب إلى باكستان ثم في وقت لاحق إلى تركيا. تم اعتقاله في تركيا، وتسليمه إلى تونس في 2003 وزج به إلى السجن لنشاطاته الإرهابية في عهد الرئيس زين العابدين بن علي. وتم إخلاء سبيله بموجب عفو استفاد منه مئات السجناء السياسيين الإسلاميين بعد الثورة التي أطاحت بحكم بن علي.
أسس جماعة أنصار الشريعة، حيث ركز على العمل الدعوي والخيري وتجنيد الشباب. وعلى رغم شهرته بين المتشددين، فقد قال السيد بن حسين إن الوقت ليس مواتيا لـ«الجهاد» في تونس.
ورغم هذا، فسرعان ما تحول إلى العنف. في سبتمبر (أيلول) وبعد ثلاثة أيام على تعرض البعثة الأميركية في بنغازي في ليبيا إلى النهب والحرق وقتل أربعة أشخاص، من بينهم السفير كريس ستيفنز، قاد السيد بن حسين عملية مماثلة ضد السفارة الأميركية في تونس. أحرق متظاهرون السيارات ونهبوا مدرسة أميركية بجوار السفارة، ولقي اثنان من المتظاهرين حتفهم في مصادمات مع الشرطة. وفي الشهور التي أعقبت ذلك، تم اغتيال اثنين من الساسة اليساريين، وهي هجمات قال المسؤولون التونسيون إن السيد بن حسين كان العقل المدبر لها. وبعد أن صنفت الحكومتان التونسية والأميركية أنصار الشريعة منظمة إرهابية، فر السيد بن حسين خارج البلاد. وقد أنكر تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا أن يكون بلمختار قتل في الغارة الجوية الشهر الماضي.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».