جددت المفوضية الأوروبية في بروكسل أمس (الخميس)، الموقف المعلن من جانب مجموعة اليورو، وهو التأكيد على عدم وجود أي نقاش أو مفاوضات بشأن الملف اليوناني، قبل ظهور نتائج الاستفتاء المقرر الأحد القادم، حول برنامج إصلاحات تقدمت به الأطراف الدائنة.
كما تحفظ المتحدث باسم الجهاز التنفيذي الأوروبي ماغاريتس شيناس، على الإدلاء بأي تصريحات حول طبيعة الاستفتاء والآراء التي أثيرت حوله، وقال: «السلطات اليونانية هي من تنظم هذه العملية، والشعب سيختار مستقبله». ورفض شيناس الحديث عن أي سيناريوهات قادمة، مشيرًا إلى أن الجميع ينتظر رأي اليونانيين. ونفى أن تكون المفوضية تقوم بحملة «دعائية» من أجل التصويت الإيجابي.
وعلى الرغم من أن المفوضية الأوروبية تنفي قيامها بحملة دعائية ما، فإن المفوض المكلف الشؤون الداخلية والهجرة ديمتريس أفراموبولوس، وهو يوناني الجنسية، كان أطلق تصريحات تدعم موقف بروكسل.
من جانبه، عبر وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز، عن قناعته بأن الاستفتاء المقرر عقده الأحد القادم، في اليونان لاستطلاع رأي الشعب حول برنامج الإصلاحات المقترح من قبل دائني البلاد، لا يتناسب مع المعايير الأوروبية وفي تصريحات للوزير البلجيكي الذي سبق أن عمل وزيرا للمالية عشر سنوات في بلاده والموجود منذ الأربعاء في أثينا لبحث موضوعات تخص الهجرة والوضع الاقتصادي في البلاد، أشار إلى أنه يضم صوته، حول هذا الموضوع، إلى صوت مجلس أوروبا، ومضى ريندرز قائلا: «من الصعب فهم أن تقوم حكومة ما بالدعوة إلى إجراء استفتاء، طالبة من الناخبين التصويت بلا». واعتبر المسؤول البلجيكي أن التصويت بـ«لا» لا يعني بالضرورة رفض الاتحاد الأوروبي أو العملة الموحدة (اليورو)، موجها انتقادات ضمنية إلى بعض الزعماء الأوروبيين الذين يسيرون بهذا الاتجاه وأشار إلى إمكانية أن تعمد الأطراف الدائنة لليونان، أي صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي ودول اليورو، إلى إعطاء مزيد من الوقت لأثينا وإعادة هيكلة ديونها، مشددًا على ضرورة أن يقابل اليونانيون ذلك ببرنامج إصلاح حقيقي.
ويأتي ذلك بعد أن قررت مجموعة اليورو مساء الأربعاء، وقف أي محادثات مع الحكومة في أثينا، والانتظار حتى تظهر نتائج الاستفتاء في اليونان، وستضع مجموعة اليورو في الاعتبار نتائج هذا الاستفتاء، حسب ما قال جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو، الذي أضاف أنه نظرا للوضع السياسي في اليونان ورفض أثينا مقترحات سابقة ودعوتها إلى الاستفتاء الأحد القادم وتوصيتها للمواطنين بالتصويت السلبي على مقترحات الأطراف الدائنة، فإن مجموعة اليورو ترى أنه لا يوجد أي سبب لإجراء المزيد من المحادثات في هذه المرحلة ولن تجري أي محادثات خلال الأيام المقبلة، سواء على مستوى مجموعة اليورو أو بين السلطات اليونانية والأطراف الدائنة.
وأضاف ديسلبلوم في بيان عقب اجتماع لمنطقة اليورو عبر دوائر الهاتف والفيديو، أنه جرت مناقشة الوضع السياسي في اليونان، وبالنسبة لمسألة تمديد البرنامج القديم الذي كان معمولا به، والذي جرت مناقشته الثلاثاء: «للأسف، لن يتم التمديد، وكان هذا قرارانا يوم السبت الماضي، لأن الوضع السياسي في اليونان لم يتغير، ولا توجد أسباب للتمديد، ولذلك للأسف انتهى البرنامج مساء الثلاثاء». واختتم ديسلبلوم بالتعبير عن أسفه لما وصل إليه الوضع على الرغم من الإصرار القوي من الشعب اليوناني على أن يكون جزءا من أوروبا وأن يظل جزءا من منطقة اليورو.. «وهو الأمر الذي نؤيدهم فيه تماما». وفي تعليق على الأمر قال جياني بيتيلا زعيم كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية، ثاني أكبر الكتل في البرلمان الأوروبي، إنه «بعد التطورات السلبية في المفاوضات بين السلطات اليونانية والأطراف الدائنة يمكن القول إنه يوم حزين حقا لأوروبا، لقد فعلنا كل ما نستطيع لإيجاد حل وسط ومعقول، يمكن أن يساعد الشعب اليوناني، ويكون مقبولا للدائنين، وكنا ندرك منذ البداية أن الأمر سيكون معقد للغاية، في وقت تواجه فيه أوروبا اختبارا صعبا، ويمكن القول إن أثينا لم تتعامل مع المفاوضات منذ بدايتها بالقدر المطلوب، وفي نفس الوقت على الجانب الآخر لا يمكن إنكار أن بعض الدول كانت عنيدة في مواقفها، ولكن سنظل نعمل من أجل استقرار منطقة اليورو وأوروبا.
ولعبت المفوضية الأوروبية دور الوسيط في المفاوضات بين اليونان ودائنيها، أي صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي ودول مجموعة اليورو، في مسعى كان يهدف للتوصل إلى اتفاق على لائحة إصلاحات يونانية مقابل مساعدات مالية تمكن أثينا من دفع ديونها، وهو أمر انتهى أجله منتصف ليل الأربعاء. وتجد اليونان نفسها حاليًا في حالة عجز عن السداد.
وقد شكل الإعلان عن الاستفتاء في اليونان على مقترحات الدائنين (صندوق النقد الدولي، والمصرف المركزي الأوروبي، ودول اليورو)، صدمة لدى هؤلاء، مع إقرارهم بحق أي دولة ديمقراطية الدعوة إلى الاستفتاء. ولكن ما يثير غضب الأوروبيين هو مسعى تسيبراس للتأثير على الناخبين ودفعهم للتصويت بـ«لا»، ما يعني أن بلاده ستكون على حافة الخروج من منطقة اليورو، وهو ما لا يريده الأوروبيون لأسباب جيوسياسية ومالية بالدرجة الأولى.
من جانبه، رأى رئيس الوزراء البلجيكي، شارل ميشال، أن الإشارات الواردة من اليونان حاليًا، تدل على فقدان قادتها للشعور بالمسؤولية.. وقال ميشال: «أعتقد أن السيد تسيبراس يلعب بالنار». واعتبر أن الدائنين الدوليين، أي صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي ودول منطقة اليورو، من ضمنها بلجيكا، قد قدمت تنازلات هامة لليونان، وهو ما لم يتم تقديره من الطرف الآخر.
وكان جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو، صرح السبت الماضي في بروكسل، في تعليقه على الانسحاب اليوناني من المفاوضات واللجوء إلى استفتاء، بالقول إن القرار الذي اتخذته أثينا كان سلبيا، كما أن الكثير من وزراء المال في مجموعة اليورو وجهوا السؤال إلى نظيرهم اليوناني حول الجدوى من هذا التصرف، وخصوصا أن الحكومة طرحت الأمر للاستفتاء وفي نفس الوقت تحدثت الحكومة بشكل سلبي عن برنامج الإصلاح الذي اقترحته الأطراف الدائنة.. وهذه مشكلة كبيرة.
ونوه إلى أن الحكومة تقدم معلومات مغلوطة لليونانيين وأبدى ديسلبلوم اندهاشه من تصرفات الجانب اليوناني وإضاعته لمزيد من الوقت في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليوناني، ويحتاج إلى برنامج الإصلاح حتى يعود إلى النمو والانتعاش الاقتصادي مرة أخرى.
بروكسل: لا نقاش حول الملف اليوناني قبل إجراء الاستفتاء واليونانيون سيحددون مستقبلهم
المفوضية ودول اليورو تأمل في «نعم» وتنتقد تحريض حكومة أثينا على «لا»
بروكسل: لا نقاش حول الملف اليوناني قبل إجراء الاستفتاء واليونانيون سيحددون مستقبلهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة