الحرب وإغلاق الحدود مع سوريا يعطلان الحياة الاقتصادية في الرمثا الأردنية

مخاوف من أن تقود المتاعب المعيشية شبابها إلى التطرف

الحرب وإغلاق الحدود مع سوريا يعطلان الحياة الاقتصادية في الرمثا الأردنية
TT

الحرب وإغلاق الحدود مع سوريا يعطلان الحياة الاقتصادية في الرمثا الأردنية

الحرب وإغلاق الحدود مع سوريا يعطلان الحياة الاقتصادية في الرمثا الأردنية

فاقمت الحرب السورية من معاناة أهالي مدينة الرمثا الحدودية التي لا تبعد سوى 4 كم عن درعا، المدينة التي تشهد اليوم قتالا ضاريا بين المعارضة السورية المسلحة وجيش الأسد فسكان هذه المدينة الحدودية الذين يبلغ عددهم 125 ألف أردني، يعتمدون في حياتهم وعملهم على التجارة والنقل مع سوريا والعراق. وقبل أيام سقطت قذائف على مركز مدينة الرمثا أدت إلى مقتل أردني وجرح أربعة آخرين.
ويقول عبد الكريم الدرايسة نائب مدينة الرمثا لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرمثا منطقة حدودية مع سوريا ومن الطبيعي أن تتأثر بالصراع والحرب الدائرة هناك، والقذائف العشوائية ستسقط بين الفينة والأخرى على مدينة الرمثا بسبب اشتداد الحرب في درعا، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أعدت حكومتنا إجراءات استباقية فيما لو تكرر تساقط القذائف على الرمثا؟».
ويطالب الدرايسة بإنشاء نظام صفارات إنذار لتنبيه الناس قبل سقوط أي قذيفة، وينوه بأهمية إنشاء مستشفى ميداني لاستيعاب الجرحى. إلا أنه يؤكد على الوضع الاقتصادي الكارثي لأهل الرمثا، ويرى أن الرمثا تحملت الكثير ولديها الاستعداد للتحمل، ولكن يجب إيجاد الحلول الاقتصادية وتوفير فرص العمل للناس.
ويقول الدرايسة، إن «الرمثا اليوم مأزومة اقتصاديا بعد إغلاق حدود الرمثا وحدود جابر وحدود الكرامة الأردنية العراقية، حيث يعتمد الناس على التجارة الخارجية مع سوريا والعراق.
وأشار إلى أن الكثير من أصحاب الشاحنات قاموا ببيع شاحناتهم لأنها متوقفة.
ويصف رئيس غرفة تجارة الرمثا عبد السلام ذيابات الوضع الاقتصادي في الرمثا، بأنه متوقف. ويرى أن الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا هناك جراء الصراع الدائر في سوريا والعراق. ويخبرنا أن شركات التخليص في الأردن التي يبلغ عددها 370 شركة، غالبية من يعمل في التخليص فيها هم من أبناء مدينة الرمثا، وأن معظم هذه الشركات اليوم متوقفة بسبب إغلاق الحدود في سوريا والعراق.
ويضيف «أهالي الرمثا كانوا في بحبوحة اقتصادية، لكن الوضع اليوم أصبح صعبا، فالجميع تضرر جراء الحرب في سوريا والعراق، وقطاعات كثيرة في الرمثا توقفت عن العمل وخصوصا قطاعات النقل والتجارة والخدمات اللوجيستية والتخليص».
ويحذر رئيس غرفة التجارة من خطورة تردي الأوضاع في الرمثا على توجهات ناسها، في حال لم تجد الحكومة الأردنية حلول لتجاوز المأساة المعيشية لهم. ويضيف: «سألتني سفيرة دولة غربية قبل أيام، هل يوجد في الرمثا تطرف؟ فقلت لها لا يوجد تطرف اليوم.. لكنه قد يبدأ غدا».
من ناحيته، يؤكد نقيب أصحاب الشاحنات في الأردن محمد الزعبي وهو من سكان الرمثا، أن قطاع النقل في الأردن تكبد خسائر كبيرة منذ بداية الحرب في سوريا، وأن هذه الخسائر وصلت خلال السنوات الأربع الماضية إلى 500 مليون دينار أردني (850 مليون دولار أميركي).
ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «قطاع النقل في الأردن منكوب في هذه الفترة، ولدينا الآن 5 آلاف شاحنة متوقفة عن العمل من أصل 17 ألف شاحنة مجموع الشاحنات في الأردن». مضيفا أن «تلك الشاحنات، كانت تعمل في نقل البضائع إلى سوريا والعراق وتركيا، واليوم ولكنها اليوم متوقفة بسبب الأوضاع والحروب. كما أن بعض سائقي تلك الشاحنات انقطع راتبه الشهري أصبحت أسرته بلا مورد رزق».
في الرمثا، الجميع يؤكد أن البطالة فاقت كل التوقعات وأصبح الكثير من أرباب الأسر بلا عمل. ويطالب الدرايسة ورئيس غرفة التجارة من الحكومة العمل على إيجاد بدائل من أجل تشغيل من تعطل بسبب الأزمة في سوريا.
وينتقد نقيب أصحاب الشاحنات طريقة تعامل وزارة النقل الأردنية مع الأزمة، بقوله: «إنهم لا يقدرون حجم المشكلة التي تعرض لها قطاع الشاحنات في الأردن».
ويقول بشار أبو عيد من أبناء الرمثا، إنه «كان يمتلك شاحنة ينقل عليها البضائع والمواد إلى سوريا والعراق، ولكنها توقفت منذ سنتين واضطر لبيع الشاحنة من أجل المال لتلبية احتياجات أسرته البالغة ستة أفراد».
الرمثا اليوم زاد عدد سكانها بطريقة كبيرة بسبب دخول ما يقارب 70 ألف لاجئ سوري يعيشون داخل مدينة الرمثا. ويقول النائب الدرايسة اليوم تكتظ الرمثا باللاجئين السوريين، وهذا أيضا شكل عبئا إضافيا على كل القطاعات في المدينة، فالعمال السوريون أصبحوا ينافسون أهالي الرمثا على فرص العمل القليلة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.