مساع عراقية لإدراج مواقع أثرية جديدة ضمن لائحة التراث العالمي

لجنة التراث في اليونيسكو تناقش التهديدات للإرث الثقافي في العراق

مساع عراقية لإدراج مواقع أثرية جديدة ضمن لائحة التراث العالمي
TT

مساع عراقية لإدراج مواقع أثرية جديدة ضمن لائحة التراث العالمي

مساع عراقية لإدراج مواقع أثرية جديدة ضمن لائحة التراث العالمي

بدأت أمس لجنة التراث العالمي دراسة الترشيحات المتعلقة بـ37 موقعا لتدرج على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، في دورتها 39 التي تعقد في مدينة بون (ألمانيا) وتستمر حتى 8 يوليو (تموز) 2015، برئاسة ماريا بوهمير، الوزيرة المساعدة للخارجية الألمانية والنائبة في البرلمان الألماني.
وأعلنت اليونيسكو في بيان أمس أن وضع الإرث الثقافي في العراق سيكون من بين القضايا التي تناقشها الدورة، مضيفة أن من المتوقع أن يصل وزير السياحة والآثار العراقي عادل شرشاب إلى بون اليوم لحضور حفل تدشين التحالف العالمي لحماية الإرث الثقافي تحت شعار «متحدون لحماية التراث» بمشاركة المديرة العامة لليونيسكو إرينا باكوفا.
وأضاف البيان أن اللجنة ستدرس أيضا إضافة موقع الحضر إلى لائحة المواقع الأثرية العالمية المهددة لينضم إلى موقعين آخرين في العراق في القائمة هما موقع آشور وسامراء. يذكر أن موقعا رابعا في العراق هو قلعة أربيل أضيف العام الماضي إلى لائحة التراث العالمي.
يفتخر العاملون في وزارة السياحة والآثار العراقية، بتحقيقهم خطوات مهمة وجديدة على صعيد إدراج مواقع أثرية جديدة في العراق ضمن لائحة التراث العالمي، من بينها آثار الأهوار ومدينة أور واريدو والوركاء وبابل إلى لائحة التراث العالمي.
ويأتي توجه العراق لحماية آثاره وتراثه متزامنا مع ما تتعرض له من هجمات إرهابية من قبل تنظيم داعش، الأمر الذي جعل الوزارة ترد على تلك الهجمات بافتتاح وصيانة الكثير من المتاحف، من أهمها المتحف العراقي ومتحف عبد الكريم قاسم ومتحف الناصرية، إضافة إلى ترميم الكثير من القطع الآثارية والمخطوطات وغيرها من توجهات تهدف للرد على مشروع «داعش» الرامي لإفراغ العراق من هويته الحضارية والإنسانية.
وقال قاسم طاهر السوداني، مدير العلاقات والإعلام في وزارة السياحة والآثار، لـ«الشرق الأوسط»: «بسبب الانتهاكات الكبيرة التي تعرضت لها الآثار العراقية على يد تنظيم داعش الإرهابي جاء تصميم العاملين في الوزارة على صناعة الحضارة والاستمرار بعملها الحثيث لإدراج المزيد من المواقع الآثارية على لائحة التراث العالمي من خلال الاستعانة بالشركاء والخبراء الدوليين ، كان آخرها خطة لإدارة مدينة بابل الأثرية التي أعدها عدد من الخبراء الدوليين، وهي جزء مهم من ملف ترشيح المدينة التاريخية للائحة التراث العالمي الذي سبق أن قدمته الوزارة إلى منظمة اليونيسكو». وأضاف: «تم خلال الفترة الماضية تدريب الملاكات الفنية العراقية العاملة في الموقع وتنظيم ورش العمل الخاصة بذلك، والقيام بعمليات توثيق للمواقع الآثارية على كل المواقع الآثارية لما لها من أهمية في تسهيل إعادة ترميمها وصيانتها فيما لو تعرضت إلى هجمات إرهابية».
وكان وزير السياحة والآثار العراقي قد أكد أن الوزارة بذلت جهودًا كبيرة لاستقدام واستقبال بعثات تنقيب أجنبية للاستفادة منهم ومن خبراتهم، مبينًا أن «هناك أكثر من 12 ألف موقع أثري في العراق لم ينقب منها سوى القليل لأسباب فنية ومالية»، لافتا إلى أن الوزارة تعتزم من خلال الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة إدراج مناطق التنوع الأحيائي ضمن لائحة التراث الثقافي والبيئي للإنسانية، مبينا أن تلك المناطق ستحظى بدعم دولي، سواء كان توفير موارد مالية لغرض تطويرها؛ كونها أصبحت محميات طبيعية، أو الإفادة من الخبرات والكفاءات الأجنبية بهذا المجال.
بدوره أوضح وكيل وزارة السياحة والآثار قيس حسين: «إن إنجاز انضمام بابل إلى لائحة التراث العالمي سيستغرق 18 شهرًا، وإن هناك لجانًا ستدرس الملف وخبراء سيزورون بابل، وبعدها سيتم إعلان بابل على لائحة التراث العالمي، علما أن العراق وقع على اتفاقية التراث العالمي منذ عام 1972، إلا أن حضوره فيها ظل ضعيفا طيلة تلك الفترة». وأكد حسين أن «العراق لديه الآن أربعة مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي، وهي الحضر وآشور وسامراء وقلعة أربيل»، مبينًا أن «الوزارة سترسل قريبًا، إضافة إلى ملف مدينة بابل، ملفات الأهوار ومقبرة وادي السلام في النجف وضفاف ونهر دجلة».
من جهته، قال مدير عام دائرة التحريات والتنقيبات في هيئة الآثار والتراث التابعة لوزارة السياحة الدكتور أحمد كامل محمد إن «العمل يجري حاليا في أحد أكبر المشاريع الإنقاذية في منطقة الأهوار، بعد أن تم اكتشاف أكثر من 58 تلا أثريا بعد جفاف المنطقة»، لافتا إلى أن «عددا من بعثات التنقيب الأجنبية أبدت رغبتها بالعمل في هذا المشروع بشرط توفير إجراءات حمايتها، وأبدت الهيئة استعدادها لتقديم التسهيلات كافة لعمل تلك البعثات».
وتقول المصادر التاريخية إن العراق يمتلك ما يقرب من 12 ألف موقع أثري، أطلالها ماثلة إلى يومنا هذا، إلا أن ما مر بأرض الرافدين من ظروف غير اعتيادية، خلال عقود طوال، كان لها تأثيرها الواضح على هذه الآثار الموغلة في أعماق التاريخ البشري، ومن ثم على مستوى التقييم العالمي لها. ومن هنا فإن الكثير جدا من الآثار العراقية غير مسجلة في لائحة التراث العالمي لأسباب كثيرة، منها ما عزاه مسؤولون وخبراء إلى «ما تعرضت له هذه المواقع، من جراء التقلبات السياسية التي مرت بالبلاد، أو ما طالها من تغييرات وتشويه من قبل النظام السابق». والعراق يمتلك الكثير من المواقع المهيأة لأن تكون جزءا من هذه اللائحة». وسبق أن اعترضت المنظمات الدولية المعنية بالآثار ومن بينها اليونيسكو على حجم التشوهات والتغييرات التي أحدثها النظام السابق في بعض المواقع الأثرية ومنها مدينة بابل وقلعتها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.