تونس تنشر ألف شرطي لحماية الفنادق والشواطئ بعد هجوم سوسة

الحكومة تقر مخططًا استثنائيًا لمزيد من تأمين المناطق السياحية والمواقع الأثرية

عناصر من الشرطة التونسية ينتشرون على الشواطيء والأماكن السياحية عقب هجوم سوسة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
عناصر من الشرطة التونسية ينتشرون على الشواطيء والأماكن السياحية عقب هجوم سوسة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

تونس تنشر ألف شرطي لحماية الفنادق والشواطئ بعد هجوم سوسة

عناصر من الشرطة التونسية ينتشرون على الشواطيء والأماكن السياحية عقب هجوم سوسة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)
عناصر من الشرطة التونسية ينتشرون على الشواطيء والأماكن السياحية عقب هجوم سوسة يوم الجمعة الماضي (أ.ب)

قال ناجم الغرسلي، وزير الداخلية التونسي: «قررنا وضع نحو ألف شرطي مسلح في النزل وعلى الشواطئ لتعزيز الحماية ما دامت هناك تهديدات إرهابية»، وذلك بعد يومين من هجوم دامٍ قتل خلاله مسلح متطرف 39 سائحًا معظمهم بريطانيون. وأجْلت شركات سياحة آلاف السيّاح الأجانب من تونس منذ أول من أمس بعد مقتل عشرات برصاص مسلح استهدفهم وهم يستلقون على الشاطئ، في هجوم أعلن تنظيم «داعش» المسؤولية عنه. ويؤكد هذا القرار توجه الحكومة التونسية نحو وضع مخطط استثنائي لمزيد من تأمين المناطق السياحية والمواقع الأثرية ونشر وحدات من الأمن السياحي المسلحة على كامل الشريط الساحلي وداخل الفنادق بداية من 1 يوليو (تموز) المقبل. وأشرف الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية على مجلس وزاري في سوسة ليلة أول من أمس، وقد خصص لاتخاذ إجراءات عاجلة بعد الكارثة الإرهابية التي جدت في المنطقة.
وفي السياق ذاته، أشار معز السيناوي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في تصريح إذاعي، إلى أن الحكومة التونسية ستنفذ قرار نشر وحدات الأمن السياحي المسلح على كامل الشريط الساحلي في غضون يومين فقط. ومن المنتظر نشر نحو ألف شرطي مسلح في محيط الفنادق وعلى الشواطئ لتحسين الأمن في المنتجعات السياحية. وعززت قوات الأمن من إجراءاتها الأمنية وانتشرت قوات مسلحة من الشرطة في عدد من نقاط التفتيش خاصة في المناطق السياحية التونسية الكبرى مثل سوسة والحمامات ونابل وجربة.
ويوفر القطاع السياحي نحو 3.5 مليار دينار تونسي سنويا من ميزانية مقدرة بنحو 28 مليار دينار تونسي. وقدرت خسائر القطاع السياحي بعد عملية «باردو» التي حدثت في شهر مارس (آذار) الماضي، وفق تقديرات الخبراء، بنحو 700 مليون دولار أميركي. وتوقع خبراء في الاقتصاد أن ترتفع الخسائر بعد هذه العملية الإرهابية إلى نحو مليار دولار أميركي.
وشهدت الوجهة السياحية التونسية منذ سنة 2011 تراجعا كبيرا في عدد من أسواق السياحة خاصة في أوروبا وفي مقدمتها السوق الفرنسية التي سجلت تراجعا بأكثر من 60 في المائة بعد أن استرجعت أنفاسها قليلا، إلا أنها فشلت في استقطاب عدد أكبر من السياح خلال الثلاثي الأول هذه السنة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
يأتي هذا القرار في إطار إجراءات فورية لمجابهة الوضع الأمني المتدهور والحد من تبعات الضربة الإرهابية التي حدثت يوم الجمعة الماضي في المنطقة السياحية في مدينة سوسة، وأودت بحياة 39 شخصا.
وأضاف السيناوي أنه لا بد من شن حرب شاملة ضد الإرهاب تشمل مختلف الأطراف الوطنية من أجل رد فعل في مستوى العملية الإرهابية الموجعة التي ضربت صورة تونس. وعقب الهجوم الإرهابي الأخير، أعلن الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، في اجتماع خلية التنسيق الأمني والمتابعة، عن مجموعة من الإجراءات؛ من أهمها فتح تحقيق، وإجراء تقييم شامل للهجوم الإرهابي الذي شهدته المنطقة السياحية بسوسة، وتحديد المسؤوليات خاصة على المستوى الأمني، وإعلان جبال سمامة ومغيلة وبيرينو وللا عيشة وورغة وتوشة وهي ممتدة بين الكاف وجندوبة والقصرين (شمال ووسط غربي تونس) مناطق عسكرية مغلقة بما يسهل عمليات التدخل وملاحقة الإرهابيين. وتخشى عدة منظمات حقوقية من انعكاس مناخ محاربة الإرهاب على منسوب الحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان.
ودعت الحكومة إلى مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل بمشاركة كل مكونات المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات التونسية، إضافة إلى رصد مكافأة مالية لكل من يدلي بمعلومات تمكن من القبض على عناصر إرهابية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.