في الوقت الذي لا يزال فيه مشروع قانون العفو العام الذي أرسلته الحكومة العراقية إلى البرلمان لغرض تشريعه يثير جدلا في الأوساط السياسية والبرلمانية لجهة المطالبة بعدم شموله المدانين في الأعمال الإرهابية، فإن عدم مصادقة رئيس الجمهورية على أحكام الإعدام بحق مئات المدانين ممن صدرت بحقهم أحكام اكتسبت الدرجة القطعية، دفع وزير العدل حيدر الزاملي للإعلان عن أن هناك نية لإجراء تعديل على قانون أصول المحاكمات الجزائية في البلاد.
وقال الزاملي في تصريح صحافي له إن «مجلس الوزراء صوّت على مشروع قانون يسمح لوزير العدل بالموافقة على تنفيذ أحكام الإعدام دون الحاجة إلى مصادقة رئيس الجمهورية». وأضاف أن «نحو 160 إرهابيًا مدانا موجودين في سجون الوزارة بانتظار المصادقة على أحكام إعدامهم وإصدار مراسيم جمهورية بذلك»، موضحا أن «مجلس الوزراء صوت على مشروع تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971». وفيما أعلن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري وصول مشروع قانون العفو العام من الحكومة لغرض التصويت عليه فإنه لم يعلن عن وصول المشروع الخاص بتعديل أصول المحاكمات الجزائية الذي من شأنه قيام وزارة العدل بتنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين من قبل وزارة العدل مباشرة بعد مرور شهر في حال عدم مصادقة رئاسة الجمهورية على أحكام الإعدام.
رئاسة الجمهورية وعلى لسان المتحدث باسم رئيس الجمهورية خالد شواني نفى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون الرئيس معترضا على أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم العراقية بخصوص المدانين بقضايا الإرهاب». وأضاف أن «مما يؤسف له أن هناك مبالغات كثيرة في مثل هذه الأمور سواء لجهة تقويل رئاسة الجمهورية ما لم تقله أو لجهة الحديث عن أرقام كبيرة بشأن المحكومين بالإعدام وهي غير صحيحة». وأشار إلى أن «ما يتعلق بملف الإعدام هناك 160 ملفا فقط وليس مثلما قيل بحدود 600 ملف، علما أن هذه الأحكام موزعة على كل المكونات والمحافظات، بينما هناك ملفات جنائية، حيث يمكن أن يشمل بعضها بالعفو الخاص، تأتي من قبل الحكومة ويصادق عليها الرئيس بعد حصول التنازل والتراضي».
وردا على سؤال بشأن الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية بعدم المصادقة على الأحكام وهو ما فتح المجال أمام تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية قال شواني إن «رئيس الجمهورية لا يريد الاستعجال بإصدار المراسيم بشأن هذه الملفات، خاصة أنه شكل لجنة لدراسة ما يتعلق بقضايا الإرهاب بعد تزايد المطالبات الخاصة بذلك لجهة توخي الدقة والعدالة، ولكنه في النهاية سيصادق على الأحكام التي تكتسب الدرجة القطعية».
وتعطي المادة الثامنة من الفصل الثاني من الدستور العراقي الدائم المصادق عليه في استفتاء شعبي عام 2005 الحق لرئيس الجمهورية في «المصادقة على أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم المختصة».
من جهته أكد المستشار القانوني أحمد الجميلي لـ«الشرق الأوسط» أن «سحب الصلاحية الخاصة برئيس الجمهورية وفقا للمادة الثامنة من الدستور وفقا للقانون الجديد الذي يراد تشريعه لا يمكن تمريره دون تعديل دستوري بحيث تضاف مهلة 30 يوما المتاحة أمام رئيس الجمهورية للمصادقة، وبعدمها يصبح الطريق سالكا أمام وزارة العدل للمباشرة بإجراءات الإعدام»، مشيرا إلى أن «أي تعديل دستوري يتطلب إجراء استفتاء شعبي، وهو أمر شبه مستحيل في ظروف العراق الحالية».
في سياق ذلك أكد عضو البرلمان العراقي حامد المطلك وهو نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدلائل أكدت وكذلك ما أدلى الادعاء العام واللجان البرلمانية التي شكلت ومنظمات حقوق الإنسان، أن هناك أبرياء في السجون الحكومية في العراق، وأن الكثير منهم لم يعرضوا على قضاة التحقيق ولا توجد تهم واضحة بحقهم». وأضاف: «الأهم من ذلك أن الاعترافات غالبا ما يتم انتزاعها بالقوة، وبالتالي تصدر بحق الكثير منهم أحكام تصل إلى الإعدام دون ذنب سوى أنهم جرى اعتقالهم بتهم كيدية أو بتقارير المخبر السري».
وكانت السلطات العراقية قد أعادت العمل بتنفيذ عقوبة الإعدام في عام 2004 بعدما كانت هذه العقوبة معلقة خلال المدة التي أعقبت دخول القوات الأميركية للعراق ربيع عام 2003. ويسمح القضاء العراقي بعقوبة الإعدام في نحو 50 جريمة، منها الإرهاب والاختطاف والقتل. وبرر المتحدث الرسمي في وزارة حقوق الإنسان كامل أمين في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الاستمرار في تنفيذ عقوبة الإعدام في العراق «الآن بسبب الظروف غير الطبيعية التي يمر بها العراق؛ إذ إن هذه العقوبة وسيلة ردع ضد المجرمين والإرهابيين»، مشيرا إلى أن «عقوبة الإعدام تمر بآلية طويلة ومعقدة من محاكمات أصولية وقانونية تعطي للمتهم كل الحقوق». وأشار إلى أن «تطبيق عقوبة الإعدام محدود جدا في العراق ويقتصر التنفيذ على مرتكبي الجرائم الكبرى والإرهابيين من لطخت أياديهم بدماء الأبرياء، وأن ما يطبق من إعدامات عدده قليل مقارنة بالجرائم الكثيرة التي ترتكب، وأن العراق لا بد أن يحمي ويحفظ حقوق المواطنين مثلما يحمي حقوق المعتقلين».
تعديل قانوني وشيك في العراق يمنح الحق لوزارة العدل في تنفيذ عقوبة الإعدام
المقترح يصادر صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الدستوري
تعديل قانوني وشيك في العراق يمنح الحق لوزارة العدل في تنفيذ عقوبة الإعدام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة