أول عملية لتبادل الأسرى تحت إشراف أعيان اليمن

قوات التحالف توفر أجهزة الاتصال للمقاومة في عدن

مقاتلان من القوات الموالية للرئيس الشرعي يقومان بتوجيه عناصرهما من خلال أجهزة الاتصال (أ.ف.ب)
مقاتلان من القوات الموالية للرئيس الشرعي يقومان بتوجيه عناصرهما من خلال أجهزة الاتصال (أ.ف.ب)
TT

أول عملية لتبادل الأسرى تحت إشراف أعيان اليمن

مقاتلان من القوات الموالية للرئيس الشرعي يقومان بتوجيه عناصرهما من خلال أجهزة الاتصال (أ.ف.ب)
مقاتلان من القوات الموالية للرئيس الشرعي يقومان بتوجيه عناصرهما من خلال أجهزة الاتصال (أ.ف.ب)

أنهت المقاومة الشعبية في عدن جنوب اليمن أول عملية لتبادل الأسرى، مع جماعة الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح، برعاية عدد من زعماء ووجهاء اليمن الذين قاموا بعملية الوساطة بين الجانبين لتقريب وجهات النظر، والأشخاص المراد الإفراج عنهم للتأكد من سلامتهم وأنهم على قيد الحياة.
ونجحت المقاومة الشعبية في إعادة 40 أسيرًا من بينهم قيادات ووجهاء في العاصمة المؤقتة عدن، والذين قضوا في سجن الحوثيين أكثر من 80 يوما، في أوضاع صحية سيئة، مع استخدام القوة المفرطة في تعذيب المدنيين أثناء عمليات الاستجواب، فيما يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة عملية إطلاق سراح عدد من الأسرى في حال استجابة جماعة الحوثيين لمطالب المقاومة في تحديد الأسماء المراد الإفراج عنها.
واستمرت عملية التفاوض قرابة 40 يوما، بسبب مماطلة الحوثيين وتسلطهم في مرات أخرى، إضافة إلى مطالبهم بالإفراج عن 20 شخصية مقابل أعداد تفوق المفرج عنهم من قبل المقاومة الشعبية، كذلك رفضهم إطلاق سراح أسماء محددة تابعة للمقاومة لأسباب غير معروفة، إلى أن توصل الطرفان إلى حل نهائي مكن المقاومة من الاستفادة في الإفراج عن 40 أسيرًا من بينهم الشيخ حكيم الحسني أحد أعيان عدن.
وفي سياق متصل واصلت قوات التحالف تقديم الدعم العسكري للمقاومة الشعبية، إذ أنزل طيران التحالف أول من أمس أنواعًا مختلفة للأسلحة شملت الأسلحة المتوسطة والخفيفة والذخيرة، إضافة إلى أجهزة وشبكات اتصالات حديثة، يعول عليها بحسب المقاومة الشعبية في تحسين أداء المقاومة في حرب الشوارع ورصد عملية التسلل بالتنسيق مع غرفة العمليات.
وقال علي الأحمدي المتحدث باسم مجلس المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة الشعبية تلقت دفعة جديدة من الدعم العسكري التي تحتاج إليه المقاومة الشعبية في المرحلة المقبلة، ومن ضمن هذا الدعم أجهزة الاتصال اللاسلكي والتي ستساعد أفراد المقاومة الموجودين في أطراف عدن، وأولئك الذين يخوضون حرب الشوارع في نقل المعلومة وبسرعة فائقة إلى غرفة العمليات التي بدورها تمررها للمقاومة في موقع آخر وهو ما كانت تفتقده المقاومة في مرحلة سابقة.
وأكد الأحمدي أن الاتصال والتنسيق دائم ومستمر مع قوات التحالف وبشكل مباشر على أعلى درجة، وكان لهم دور كبير وواضح في صد الهجمات الأخيرة على الجبهة الشمالية وسرعة تفاعلهم مع الحدث من خلال التحرك السريع، إضافة إلى التنسيق الكبير في تزويد المقاومة بالسلاح بشكل دائم ومستمر ومتى دعت الحاجة، موضحا أن فترة الحرب مع الانقلابين تجاوزت ثلاثة أشهر استخدمت المقاومة الشعبية فيها كميات كبيرة من الذخيرة وكادت أن تنفد إلا أن الدعم جاء في وقت مهم ومميز لسد النقص في الذخيرة.
وحول عملية تبادل الأسرى، قال الأحمدي إن المجلس لعب دورا مهمّا للإفراج عن المدنيين في جميع المحافظات الجنوبية، ولم يدخر جهدا في ذلك، إلا أن تعنت الحوثيين وحليفهم صالح ورفضهم للتفاوض أخّر عملية إطلاق سراح المدنيين الذين من بينهم أعيان للمدينة وشيوخ ومواطنين عاديين، إلى أن تمكنت المقاومة من أسر أعداد كبيرة من شخصيات بارزة تابعة للحوثيين، وهو ما دفعهم لقبول التفاوض مع الشخصيات الاعتبارية والمعروفة في اليمن.
وأشار الناطق باسم المقاومة إلى أن عملية التفاوض استغرقت وقتًا بسبب فرض قيود من قبل الحوثيين على بعض الأسماء التي رفعتها المقاومة، والتي تم التوصل فيها إلى حل، إضافة إلى رغبة المقاومة في فكّ أسر أكبر عدد من المدنيين من مختلف المحافظات، خصوصا كبار السنين والمرضى أو المصابين نتيجة الاشتباك مع الحوثيين.
وقال الأحمدي إن مجلس المقاومة لديه قرابة 350 أسيرًا من بينهم قيادات في جماعة الحوثيين، وهؤلاء الأسرى تقدم لهم كل الرعاية الطبية والإنسانية، ويقيمون في أماكن آمنة تتوفر بها الخدمات الأساسية وفق الأنظمة الدولية، وقبل ذلك ما نص عليه الدين الإسلامي، بخلاف ما تقوم به ميليشيات الحوثيين من تعذيب الأسرى ووضعهم في مواقع غير مؤهلة ولا تتوفر بها أدنى اشتراطات الحياة.
وعن وجود قوة عسكرية ستدخل الحرب خلال الساعات القادمة لمساندة المقاومة الشعبية، قال الأحمدي إن مستشار الرئيس اليمني لشؤون الدفاع الذي كان موجودا في عدن في الأيام الأولى من رمضان، أبلغهم أن الدفعة الأولى من المقاتلين ستصل خلال يومين، لتقوية صفوف المقاومة وإعادة الشرعية، وأكد أن هناك دعما من قيادات عسكرية لتقوية صفوف المقاومة، لافتا إلى أن مجلس المقاومة دعا في أوقات سابقة إلى ضرورة أن تتخذ قوات التحالف خطوة مهمة في إنهاء الحرب من خلال الإنزال البري والذي سيسهم بشكل كبير في إنهاء الحرب.
وعلى أرض الواقع ضرب طيران التحالف في الساعات الأولى من فجر أمس (الثلاثاء) بعد أن هدأت العاصفة الرملية، عددا من المواقع التي تتحصن فيها ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح، وهو ما دفع الانقلابيين إلى قصف المناطق السكنية منها «إنماء، المنصورة» بالكاتيوشا وقذائف الهاون بشكل عشوائي، بينما تعيش باقي الجبهات حالة من الهدوء والاستقرار بعد أن فشلت جميع محاولات الحوثيين في اختراق هذه الجبهات الآمنة التي تسيطر عليها المقاومة الشعبية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.