معتقلو «سجن حماه» يعلقون إضرابهم بانتظار تسوية أوضاعهم قضائيًا وأمنيًا

معظم المضربين عن الطعام من «معتقلي الرأي» منذ بدء الاحتجاجات

معتقلو «سجن حماه» يعلقون إضرابهم بانتظار تسوية أوضاعهم قضائيًا وأمنيًا
TT

معتقلو «سجن حماه» يعلقون إضرابهم بانتظار تسوية أوضاعهم قضائيًا وأمنيًا

معتقلو «سجن حماه» يعلقون إضرابهم بانتظار تسوية أوضاعهم قضائيًا وأمنيًا

بعد أسبوع على إعلان الإضراب عن الطعام، اتخذ المعتقلون في سجن حماه المركزي قرارا بتعليق إضرابهم بشكل مؤقت بعدما التقوا أول من أمس، وفدا من وزارة «المصالحة الوطنية»، برئاسة محمود سباهي، الذي قدم وعودًا لهم بتسوية أوضاعهم قضائيًا وأمنيًا، وفق ما ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وكانت مطالب الموقوفين والمحكومين بتهم «الشغب والإرهاب» الذين يقدر عددهم بـ700 شخص، ترتكز بشكل أساسي على إعادة النظر بالمحاكمات التي تصدر أسبوعيا، كان آخرها ما صدر عن «محكمة مكافحة الإرهاب» بحق 56 شخصا، منذ بداية الشهر الحالي، بينهم 15 محكوما بالإعدام، إضافة إلى أحكام أخرى تصل إلى المؤبد، عدا الذين يموتون يوميا تحت التعذيب، وفق الشبكة. مع العلم، أنّ معظم المضربين عن الطعام هم من «معتقلي الرأي» الذين اعتقلوا منذ بدء الاحتجاجات السورية عام 2011. وكان العشرات منهم قد سلّموا أنفسهم بعد تلقيهم وعودا بأنه سيطلق سراحهم، وهو الأمر الذي لم يحصل لغاية الآن، وفق ما أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط».
وكان المضربون عن الطعام الذين رفعوا شعارات «لا للطعام حتى الخروج من معتقلات النظام»، و«الموت ولا المذلة»، إضافة إلى تلك التي رفعت في المظاهرات قبل أربعة أعوام، تلقوا تهديدات من أمن السجن بالتعذيب والضرب ونقلهم إلى سجن أشد قسوة في اللاذقية أو طرطوس، إذا لم يحضروا المحاكمات، وفق ما أفاد أحد الموقوفين في السجن، لـ«الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، مشيرا إلى أنّ بعض المعتقلين قد مر على احتجازهم أربع سنوات من دون أن يخضعوا لأي محاكمة.
ولفتت الشبكة إلى أنّه أصبح مؤكدا وبديهيًا لدى المنظمات الحقوقية العاملة في الشأن السوري، أن جميع التهم الواردة إلى المحكمة تم انتزاعها من المعتقلين تحت التعذيب والإكراه والتهديد، وأن القضاء في سوريا يتبع بشكل تام لسلطة الأجهزة الأمنية، وهو ما أشار إليه عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط» بقوله، أنّ الكلمة الفصل في السجون هي للسلطة الأمنية وليس السياسية، كما أن هناك تضاربا في الصلاحيات بين الجهتين، وبالتالي فإن الوعود التي تلقاها المعتقلون من قبل الوفد التابع لوزير المصالحة، قد لا تكون قابلة للتنفيذ.
وقبل يومين، أطلق ناشطون في حملة «حماه هون»، عريضة في موقع منظمة آفاز الدولية، وجه خلالها الناشطون نداءً عاجلاً للجنة الدولية للصليب الأحمر لزيارة سجن حماه المركزي، إثر ما قالوا إنه «تهديد من إدارة السجن للسجناء المضربين عن الطعام بإعادتهم للفروع الأمنية واقتحام جناح الشغب لفك الإضراب بالقوة».
وقال المعتقل (د.ص) الذي أوقفته قوات فرع الأمن الجوي بحماه في 4 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012. إن الحكم الصادر بحقه من محكمة جنايات الإرهاب بدمشق في 15 يونيو (حزيران) الحالي بالسجن مدة 22 عامًا، أصدرته المحكمة استنادًا إلى تقرير أمني واعترافات انتزعت منه نتيجة التعذيب القاسي ودون وجود أي دليل يثبت التهمة المنسوبة إليه في «تشكيل عصابة إرهابية». وأكّد الموقوف في حديث للشبكة، أنّ الأحكام لم تتوقف أسبوعيًا، وفي كل يوم سبت من كل أسبوع يتم اقتياد قرابة 40 شخصًا إلى المحكمة في دمشق، ويصدر الحكم بحق اثنين أو ثلاثة منهم على الأكثر، وأغلب الأحكام تصدر بالسجن مدة 15 عامًا. وفي هذا الإطار، قال القاضي «خالد شهاب الدين» لموقع «كلنا شركاء»، إن هناك مخاوف كبيرة من إصدار أحكام جديدة بالإعدام بعد تعيين القاضي رضا موسى رئيسًا لمحكمة قضايا الإرهاب، مشيرا إلى أنّه «معروف بإصدار أحكام الإعدام التي طالت الكثير من الشبان ممن لهم علاقة بالحراك الثوري السوري».
وكان النظام السوري قد أنشأ «محكمة قضايا الإرهاب» في يوليو (تموز) عام 2012 بمرسوم رئاسي رقم 22، لتحلّ مكان محكمة أمن الدولة التي ألغيت مع قانون الطوارئ، ومهمتها محاكمة العسكريين والمدنيين، ومقرها وزارة العدل على أوتوستراد المزة في العاصمة السورية دمشق. ووفق «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فإن هذه المحكمة هي مجرد صورة شكلية تظهر من خلالها السلطات الحاكمة أن هناك نوعًا من إجراءات المحاكمة، لكن الوقائع والأدلة التراكمية منذ عام 2011 تثبت أن الموت بسبب التعذيب مستمر داخل مراكز الاحتجاز المختلفة ولم تتوقف يومًا واحدًا، مشيرة إلى أنّه يسجّل يوميًا ما بين ثلاث إلى أربع حالات وفاة بسبب التعذيب، وقد وصل عدد الذين قتلوا تحت التعذيب إلى 11358 شخصًا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».