سيطرة المعارضة السورية على «اللواء 93» تمهد لسقوط الرقة والطريق الدولي باتجاه العراق

اشتباكات عنيفة بين الأكراد وقوات النظام بمدينة القامشلي

مقاتلون من «غرفة بركان الفرات» يسيطرون على اللواء 93 بريف الرقة (المركز الصحفي السوري)
مقاتلون من «غرفة بركان الفرات» يسيطرون على اللواء 93 بريف الرقة (المركز الصحفي السوري)
TT

سيطرة المعارضة السورية على «اللواء 93» تمهد لسقوط الرقة والطريق الدولي باتجاه العراق

مقاتلون من «غرفة بركان الفرات» يسيطرون على اللواء 93 بريف الرقة (المركز الصحفي السوري)
مقاتلون من «غرفة بركان الفرات» يسيطرون على اللواء 93 بريف الرقة (المركز الصحفي السوري)

استكملت «غرفة عمليات بركان الفرات» المكونة من عدة فصائل من الجيش الحر ووحدات حماية الشعب الكردية تقدمها جنوب مدينة تل أبيض، حيث وصلت يوم أمس على بعد 5 كيلومترات من الطرف الغربي لمدينة عين عيسى واللواء 93 الواقع غرب المدينة بريف الرقة، وهو أحد أهم النقاط العسكرية التي يتخذها تنظيم داعش مركزًا له في الرقة، وفق ما قال حقي كوباني، القيادي في «بركان الفرات»، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّ السيطرة على المدينة واللواء، لم يعد هدفا بعيدا. وأوضح أن «إخراج تنظيم داعش من هذه المنطقة يعني السيطرة أيضا على الطريق الدولي من حلب إلى تل تمر والقامشلي باتجاه العراق»، مضيفا: «عندها ستصبح أيضا الرقة الخاضعة لسيطرة داعش مهدّدة».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «الوحدات الكردية ومقاتلو الفصائل المعارضة تمكنوا بدعم من طائرات التحالف الدولي، من الوصول إلى مشارف اللواء 93. فيما استمرت الاشتباكات العنيفة مع عناصر تنظيم داعش في محيط اللواء الواقع جنوب غربي مدينة عين عيسى في الريف الشمالي الغربي لمدينة الرقة»، لافتا إلى أنّه وفي حال تمت السيطرة من قبل «بركان الفرات» على اللواء 93، فإن مدينة عين عيسى تصبح بحكم الساقطة عسكريًا، وذلك نتيجة لتقدم الوحدات الكردية من جبهات أخرى في شمال شرقي وشمال غربي المدينة.
وكان تنظيم داعش سيطر على اللواء 93 في أغسطس (آب) من العام الماضي وأسر حينها أكثر من 500 عنصر من قوات النظام، واغتنم عشرات الدبابات والأسلحة الثقيلة ومخازن الذخيرة وفق ما ذكرت مواقع معارضة. ومنذ ذلك الحين اتخذ التنظيم اللواء مركزًا لتدريب مقاتليه قبل أن تبدأ قوات التحالف الدولي باستهداف مواقعه في المنطقة، ما جعل اللواء هدفا مرات عدّة للقصف بالطيران. وتحدثت عدة مصادر في المعارضة عن إخلاء التنظيم اللواء 93 منذ أشهر، والإبقاء على عدد من عناصره فيه كنقطة ثابتة في المنطقة المطلة على مدينة عين عيسى الواقعة على مشارف اللواء، وهي مدينة مهمة لا يزال «داعش» يفرض سيطرته عليها.
وبينما قال المرصد إن الآلاف من أبناء مدينة عيسى نزحوا خلال اليومين الماضيين، إلى مدينة الرقة، نقلت «شبكة شام» المعارضة عن ناشطين محليين قولهم إن «داعش» عمل على تحصين مدينة الرقة ومنع الأهالي في المدينة من الخروج منها، مع تهديدهم بالمحاسبة من عناصر الحسبة والشرطة التابعة للتنظيم التي تتمركز على مداخل ومخارج المدينة. وتشهد الرقة منذ نحو أسبوعين ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الغذائية بما فيها مادة الخبز، بسبب انقطاع التواصل مع الحدود السورية - التركية في منطقة تل أبيض، وصعوبة وصول إمدادات المواد التموينية عبر معبر باب السلامة الخاضع لسيطرة الفصائل المعارضة، في الوقت الذي تشهد فيه مدينة تل أبيض، توفرًا لمادة الخبز وللمواد الغذائية والتموينية بشكل كبير، وبأسعار أقل من مناطق سيطرة تنظيم داعش.
في غضون ذلك، ذكر «مكتب أخبار سوريا» أنّ قوات الأسايش الكردية، التابعة للإدارة الذاتية في منطقة الحسكة، سيطرت فجر أمس على المخفر الشرقي في حي البشيرية، الخاضع لسيطرة النظام السوري في مدينة القامشلي، بعد اشتباكات دارت بين الطرفين واستمرت لعدة ساعات.
ونقل المكتب عن ناشطين محليين، قولهم، بأن قوى الأمن الكردية، الأسايش، شنّت هجومًا على مفرزة الأمن العسكري والمخفر الشرقي في حي البشيرية وسط مدينة القامشلي، انتهى بسيطرتها على المخفر الشرقي بعد انسحاب القوات النظامية منه، حيث لم تسفر الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى بين الطرفين. وأضاف المصدر أن قوات الجيش النظامي استعادت أخيرا السيطرة على محطة القطار بمدينة القامشلي، وذلك بعد يومين من سيطرة القوات الكردية عليها.
كذلك، أشارت «شبكة الدرر الشامية» إلى وقوع اشتباكات عنيفة بين الأكراد وقوات النظام منذ ليل الأحد واستمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس الاثنين في حي الأربوية بمدينة القامشلي، انتهت بانسحاب الأخيرة وسيطرة المقاتلين الأكراد على المخفر الشرقي بالمنطقة.
وكانت مدينة القامشلي شهدت الأيام الماضية توترًا أمنيًّا واشتباكات بين قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني من جهة، ووحدات الحماية من جهة أخرى، وذلك بعد قيام الأخيرة باعتقال قيادي في «الدفاع الوطني» يدعى فاضل حوران و15 عنصرًا معه، إضافة إلى العقيد ياسر الوزة مسؤول الذاتية في الفوج 154، وفق «الدرر الشامية».
وسيطر الأكراد الأسبوع الماضي على معظم المباني الحكومية والعامة في مدينة القامشلي، بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».