طالبان الأفغانية لـ«الشرق الأوسط»: 400 إلى 500 ينضمون إلينا شهرياً

الحركة فتحت خطًا ساخنًا على موقع «الإمارة» للموظفين الحكوميين الراغبين في الانضمام إليها

طالبان الأفغانية لـ«الشرق الأوسط»: 400 إلى 500 ينضمون إلينا شهرياً
TT

طالبان الأفغانية لـ«الشرق الأوسط»: 400 إلى 500 ينضمون إلينا شهرياً

طالبان الأفغانية لـ«الشرق الأوسط»: 400 إلى 500 ينضمون إلينا شهرياً

أعلنت حركة طالبان الأفغانية عن فتح «خط ساخن» على مدار الساعة، إضافة إلى عناوين إلكترونية مخصصة للموظفين الحكوميين الراغبين في الانضمام لصفوف الحركة، في مسعى منها لحشد الدعم الشعبي لها. وقالت الحركة في بيان إن «(الإمارة الإسلامية) ستوفر الأمان لأي شخص ينشق عن نظام كابل وبإمكانهم الاتصال بنا على مدار الساعة طوال الأسبوع على هذه الأرقام والعناوين الإلكترونية».
وتظهر هذه الخطوة جهود طالبان لحشد دعم السكان للتمرد المستمر الذي لا يحظى بشعبية بعد سلسلة انشقاقات بين صفوف الحزب لصالح تنظيم داعش. وتعد هذه محاولة نادرة لطالبان للاتصال بموظفي الحكومة الذين يستهدفونهم في العادة في هجماتهم المتصاعدة.
من جهته، قال الدكتور محمد نعيم المتحدث باسم مكتب الحركة في العاصمة الدوحة، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»، أمس، إن حركة طالبان تنشر شهريا تقريرا تحت اسم «لجنة الجذب والجلب» في الحركة يؤكد انضمام 400 إلى 500 من موظفين مدنيين وعسكريين من عموم أبناء الشعب الأفغاني إلى الحركة.
وأوضح بعض هؤلاء الذين ينضمون إلى الحركة من جنود وضباط وطلبة وموظفين حكوميين أن أبناء الشعب الأفغاني يعانون من الحكومة الحالية بسبب الفساد الإداري وسوء الأحوال المعيشية. وقال إن الأفغان شعب فقير يئس من الحكومة الحالية، وهو ما ينعكس على سرعة استجابة أبنائنا في الانضمام إلى الحركة، مشيرا إلى أن أبرز مسببات تململ الشعب الأفغاني هو معارضته لوجود قوات أجنبية على أراضيه.
وعند الاتصال بالرقم الساخن الموجود على موقع «الإمارة الإسلامية»، أجاب ممثل عن الحركة قال إن اسمه الملا جاليد، وقال إنه تلقى أكثر من 20 مكالمة من موظفين حكوميين منذ نشر بيان الحركة.
وأضاف أن جميع المتصلين «قالوا: (لبيك)». وأكد الملا جاليد أن «هذه الدعوة لجميع موظفي الحكومة العسكريين والمدنيين؛ فهم مرحب بهم للمجيء إلينا وسنحميهم من الغزاة والحكومة الوهمية»، وتضمن بيان الحركة شفرة لاسلكية يمكن استخدامها للاتصال بالحركة المسلحة.
وطورت الحركة جهازا إعلاميا خبيرا في العلاقات العامة يستخدم التكنولوجيا الرقمية للوصول إلى السكان، إلا أن قدرات الحركة في هذا المجال لا تقارن بخبرات تنظيم داعش، الذي يستخدم شبكة التواصل الاجتماعي لاجتذاب آلاف المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق. وتسعى الحركة إلى وقف عمليات الانشقاق والانضمام إلى تنظيم داعش، والثلاثاء حذرت طالبان زعيم تنظيم داعش من شن تمرد موازٍ في أفغانستان، بعد أنباء عن اشتباكات مع مسلحين موالين للتنظيم.
وتجيء خطوة طالبان لاستقطاب الموظفين الحكوميين، بعد أنباء تناقلتها وسائل الإعلام الأفغانية، بأن تنظيم داعش يقوم بتجنيد مقاتلين إلى صفوفه في مناطق الشرق الأفغاني، خصوصا في ولاية ننجرهار شرق أفغانستان والمتاخمة للحدود الأفغانية التي تعتبر المعقل الأساس لمقاتلي طالبان، وحديقة خلفية للجماعات المسلحة التي تقاتل في أفغانستان.
ويقول خبراء الشأن الأفغاني في العاصمة كابل لـ«الشرق الأوسط» إن «(داعش) وطالبان تتسارعان جذب واستقطاب مسلحين إلى صفوفها استعدادا لصراع طويل قد يندلع بين الطرفين في أي لحظة، وفقا للمراقبين». وكانت طالبان قد أصدرت رسالة وجهتها إلى زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي طالبته فيها بتجنب الاحتكاك مع طالبان، وعدم فتح جبهة جديدة في أفغانستان، تفاديا لوقوع ما سمته بـ«فتنة بين المسلمين»، مشيرة في رسالة صدرت باسم قيادي بارز في طالبان إلى أن «الشعب الأفغاني عانى ولا يزال من حروب، وأنه ضحى بكثير من الأرواح في سبيل الإسلام، ولا يجوز بفتح خط قتالي موازٍ لطالبان التي ألحقت الخسائر في صفوف القوات الأجنبية»، على حد وصف الرسالة الطالبانية.
كما أن طالبان صعدت من هجماتها الربيعية في شمال أفغانستان حيث سيطر مقاتلوها على أهم بلدة في ولاية قندوز (تشهار دره)، بعد معارك عنيفة مع الشرطة المحلية.
وتسعى طالبان إلى كسب مزيد من الأراضي قبل الدخول في أي حوار مع الحكومة الأفغانية. يقول عبد المجيد حنيف كاتب ومحلل سياسي لـ«الشرق الأوسط» إن الصراع المقبل في أفغانستان سيكون بين «داعش» وطالبان، حيث بدأت كثير من الجماعات الصغيرة لطالبان تلتحق بـ«داعش» بسبب المال وضبابية الموقف في طالبان حول ما يجري في البلاد من أحاديث السلام والحرب في آن واحد.



مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، الأربعاء، جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا إن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.