تشكيل «جيش الفتح» في جنوب سوريا يعيد تفعيل جبهتي القنيطرة ودرعا

عودة الاشتباكات إلى محيط «مطار الثعلة» في محافظة السويداء

أطفال من حي الكلاسة في حلب أثناء لحظة صدمة أعقبت غارة من طيران النظام أسفرت عن قتلى وجرحى (رويترز)
أطفال من حي الكلاسة في حلب أثناء لحظة صدمة أعقبت غارة من طيران النظام أسفرت عن قتلى وجرحى (رويترز)
TT

تشكيل «جيش الفتح» في جنوب سوريا يعيد تفعيل جبهتي القنيطرة ودرعا

أطفال من حي الكلاسة في حلب أثناء لحظة صدمة أعقبت غارة من طيران النظام أسفرت عن قتلى وجرحى (رويترز)
أطفال من حي الكلاسة في حلب أثناء لحظة صدمة أعقبت غارة من طيران النظام أسفرت عن قتلى وجرحى (رويترز)

توقّعت مصادر في المعارضة السورية أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تطورات في المناطق الواقعة في جنوب دمشق، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الهدف من تشكيل «جيش الفتح» في الجنوب هو «التركيز على الجبهة الجنوبية حيث لا تزال نقاط مهمة محاصرة، لافتة في الوقت عينه إلى عودة الانشقاقات في صفوف قوات النظام في هذه المنطقة بعد توقفها في المرحلة الأخيرة».
وبعد تراجع المعارضة في هجومها على مطار الثعلة وحصارها له لأيام، قرب محافظة السويداء، أشار المصدر إلى أن تشكيل هذا الجيش سيؤدي إلى تفعيل العمل على جبهة القنيطرة وجبهات أخرى في درعا.
ويوم أمس، تجددت الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة والفصائل المعارضة من جهة أخرى في محيط قرية سكاكا التي سيطرت عليها قوات النظام يوم أول من أمس، وبالقرب من قرية الدارة المحاذية لمطار الثعلة العسكري، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وفي ظل المعلومات التي تشير إلى إمكانية استغلال إسرائيل للأحداث في المنطقة الجنوبية، ولا سيما في المناطق الحدودية الدرزية، والدخول على خط الأزمة، قال المصدر: «ظهرنا الآن إلى إسرائيل ووجهنا إلى دمشق»، ويبدو واضحا أنّ إسرائيل باتت متأكدة أن النظام يتداعى وهي تقف اليوم تراقب من بعيد، لكن إذا تحركت فهذا لا يعني أننا سنقف مكتوفي الأيدي».
وكان مقاتلو «جيش الفتح» شنوا هجومًا عنيفًا على النقاط العسكرية شمال بلدة ‏جباثا الخشب بريف القنيطرة، وتمكنوا من السيطرة على نقطة الـUN الواقعة على الطريق الواصل بين منطقة حضر ومزرعة بيت جن بريف دمشق الغربي، والتي كان يتمركز فيها الجيش النظامي.
في المقابل، قالت «شبكة الدرر الشامية»، إنّ ميليشيات الدفاع الوطني الدرزية في بلدة حضر بريف القنيطرة المتاخمة لغوطة دمشق الغربية، لم تستجب لنداءات الفصائل المعارضة بالوقوف على الحياد وعدم مساندة النظام في وجه تقدم «جيش الحرمون» و«جيش الفتح» في سعيهم لفك الحصار عن غوطة دمشق الغربية.
وأشارت الشبكة إلى أن مقاتلي المعارضة وبعد سيطرتهم على التلول الحمر، وحاجز الأمن العسكري ونقطة الـ«un»، اصطدموا بميليشيات الدفاع الوطني المنتمية لبلدة الحضر التي تقوم بالتنسيق مع جيش النظام.
وكان «جيش الحرمون»، المكون من عدة فصائل وجّه نداء للطائفة الدرزية بضرورة منع أبنائهم من الاصطفاف مع النظام، وأنهم ليسوا هدفًا له، وذلك بعد سيطرتهم على التلول الحمر وتقدمهم باتجاه سرايا الدفاع بريف القنيطرة التي تفرض حصارًا خانقًا على غوطة دمشق الغربية.
وتعد محافظة القنيطرة التي تشكل قسمًا منها أراضي الجولان المحتل، منطقة حساسة، فهي تبعد نحو 70 كيلومترا جنوب غربي العاصمة دمشق، وشهدت اشتباكات متعددة بين جماعات المعارضة المختلفة وجيش النظام السوري ومسلحين متحالفين معه.
وكانت ثمانية فصائل معارضة، أعلنت أخيرا، عن تشكيل «جيش الفتح» في المنطقة الجنوبية، ويضم وفق البيان الذي بثّ على موقع «يوتيوب»، كلاً من (حركة أحرار الشام الإسلامية، وجبهة النصرة، وتحالف فتح الشام، ولواء إحياء الجهاد، وتجمع مجاهدي نوى، ولواء أنصار الحق، ولواء أسود التوحيد، ولواء العمرين الإسلامي).
يذكر أن «جيش الفتح» في الجبهة الجنوبية هذا، هو ثالث فصيل يشكل تحت هذا الاسم بعد إدلب والقلمون، حيث تعتبر «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام الإسلامية» هما الفصيلان الأساسيان فيه وقد تمكنا من السيطرة على معظم محافظة إدلب، منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، ولكنه شهد تراجعًا في منطقة القلمون بريف دمشق بالتزامن مع تقدم مقاتلي حزب الله اللبناني والجيش النظامي.
وبعد ساعات على إعلان تشكيل «جيش الفتح» في الجبهة الجنوبية عن سيطرة فصائله على مناطق بين ريف القنيطرة والغوطة الغربية بريف دمشق، هاجمت مجموعات تابعة للواء شهداء اليرموك (موالية لداعش) مقرات سرية لـ«حركة أحرار الشام» أحد فصائل «الفتح» في بلدة تسيل بمنطقة وادي اليرموك في درعا، ما أدى لسقوط قتلى من الطرفين.
وكان «شهداء اليرموك» المتهم بالتنسيق مع تنظيم داعش، قد تعهد في وقت سابق بعدم التعرض للفصائل المعارضة، إلا أنه وبشكل مفاجئ بدأ بقصف البلدة بقذائف الهاون، مما دفع جيش الفتح المشكل حديثًا في الجنوب، إلى استقدام تعزيزات لرد هجومهم. وقد أدت المعارك إلى سقوط جرحى في صفوف الطرفين، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وفي درعا، كثّف الطيران المروحي غاراته الجوية، صباح أمس، على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في درعا، في حين قامت قوات النظام بالاستيلاء على منازل المدنيين ممن نزحوا عنها بالأحياء الخاضعة لسيطرتها بالمدينة، وفق «الدرر الشامية».
وأفاد ناشطون بأن الطيران المروحي استهدف بالبراميل المتفجرة أحياء مدينة درعا، في حين شن عدة غارات على المنطقة الواقعة بين تل الحارة وبلدة نبع الصخر بالبراميل المتفجرة، كما ألقى ببرميلين آخرين على بلدة اليادودة بريف درعا، ولم ترد معلومات عن حجم الخسائر.
في غضون ذلك، أفادت مصادر محلية لشبكة «الدرر الشامية» باستيلاء قوات النظام خلال اليومين الماضيين على عشرات المنازل ممن نزح سكّانها من أحياء درعا المحطة الخاضعة لسيطرتها إلى مناطق أقل خطرًا، وذلك بعد توارد الأنباء عن هجوم وشيك للفصائل المقاتلة للقضاء على الوجود العسكري في مدينة درعا.
وأوضحت المصادر، أن قوات النظام تمركزت في عدد من المنازل بحي المطار في منطقة درعا المحطة والواقعة بالقرب من مواقعهم العسكرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».