«الانتشار الإعلامي».. هوس يطارد الأبحاث الأكاديمية

التمويل والاحتيال والتشويه أبرز مشكلات الدراسات

مدينة كمبريدج في ولاية ماساتشوستش الاميركية
مدينة كمبريدج في ولاية ماساتشوستش الاميركية
TT

«الانتشار الإعلامي».. هوس يطارد الأبحاث الأكاديمية

مدينة كمبريدج في ولاية ماساتشوستش الاميركية
مدينة كمبريدج في ولاية ماساتشوستش الاميركية

يجتمع كبار الاقتصاديين من جميع أرجاء العالم، في يوليو (تموز) من كل عام، في مدينة كمبردج بولاية ماساتشوستس الأميركية، لحضور مؤتمر يرعاه المكتب الوطني الأميركي للأبحاث الاقتصادية. وفي حين أن الأعمال المطروحة تأتي من كل الأشكال والأحجام، ومن التقنيات الفائقة إلى العصري وحتى الاستفزازي منها، إلا أن اليوم الأول المنتظر للجلسة الرئيسية التي تستمر أسبوعا كاملا سوف يُمنح لبحث من الأبحاث قد يتسبب في فورة إعلامية هائلة.
يقول البروفسور ديفيد كارد، وهو اقتصادي عمالي بارز لدى جامعة كاليفورنيا فرع بيركلي: «إنني أتخير الأوراق البحثية. تلك الأوراق التي سوف يُكتب عنها لاحقا». ويفسر البروفسور كارد موقفه فيقول إن كبار خبراء المجال يقرون بالأهمية المتزايدة للانتشار الإعلامي، ويشعر بالتزام ما حيال منحهم الفرصة في ذلك. ويتابع: «إن الجميع يريدون ذلك».
خلال الأيام الأولى منذ الكشف عن أن أحد المرشحين لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا فرع لوس أنجليس قد أساء عرض البيانات في دراسة تتعلق بالدعوة للزواج المثلي - التي نالتها التغطية الإعلامية في صحيفة مثل «نيويورك تايمز» وموقع «vox.com» وكذلك موقع «الحياة الأميركية» - لاحظ الكثير من علماء الاجتماع أن تخصصاتهم العلمية، التي كانت تنظر في المقدرة على جذب الانتباه مع بعض الشكوك، يتزايد تأكيدهم لها. ولم يكن بعيدا عن الملاحظة أن مايكل لاكور، مؤلف الدراسة المذكورة، كان في طريقه لينال منصب الأستاذ المساعد لدى جامعة برنستون. (في يوم الجمعة، اليوم التالي على سحب دورية العلوم لتلك الدراسة من موقعها، التي كانت نشرتها في ديسمبر «كانون الأول» الماضي، أقر السيد لاكور بالكذب في بعض جوانب الدراسة، ولكنه أضاف أنه يتخذ جانب نتائج الدراسة).
قد يجادل البعض بأن العلماء، ومستشاريهم ومحرري الدوريات العلمية الذين يراجعون أعمالهم، يتحملون المسؤولية الرئيسية حيال الأبحاث المعيبة. أيضا، وعلى أي حال، فإن أولئك الذين يذهبون لأبعد الحدود حتى مستوى الاحتيال العلمي الصريح، نادرا ما يتحركون بدافع الانتشار والدعاية فحسب.
ومع ذلك، فإن الفائدة الراجعة على الأكاديميين من اجتذاب الاهتمام الإعلامي قد تتسبب، وبقدر من الدهاء، في تشويه أبحاثهم العلمية. يقول البروفسور جيمس هيكمان، وهو الخبير الاقتصادي لدى جامعة شيكاغو والفائز بجائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية: «إن الضغوط هائلة جدا. ويعتقد الكثير من صغار الاقتصاديين أنهم قد ينالون جائزة ماك آرثر، أو جائزة كلارك، أو كليهما، لمجرد ظهورهم أو الحديث عنهم في مجلة (تايمز)».
تستمر معظم لجان التوظيف ومجالس المراجعة التنفيذية في العلوم الاجتماعية في إيلاء أهمية أكبر للمنشورات أو إمكانية النشر في الدوريات التقنية المعروفة أكثر مما تولي من أهمية لعوامل أخرى عند اتخاذ القرارات التي تؤثر على الحياة المهنية لصغار الأكاديميين.
ولكن اهتمام وسائل الإعلام المعروفة غالبا ما يعمل على نحو متزايد لصالح المرشحين أيضا. بالنسبة للقرارات التنفيذية، فكما يقول البروفسور هيكمان: «وصلتني خطابات تطالبني بمراجعة وتقدير تأثير وانتشار أعمال أحد الشخصيات».
غالبا ما يكون التأثير غير مباشر، ولكنه ليس خفيا بأي حال، حيث يقول الكثير من العلماء، على سبيل المثال، بأن عددا متزايدا من الزملاء باتوا يعتمدون على المؤسسات غير الربحية في تمويل أبحاثهم، ويميل المسؤولون في تلك المؤسسات إلى الابتهاج والسعادة ما وجدت تلك الأبحاث طريقها إلى وسائل الإعلام.
يقول دانيال دريزنر، أستاذ العلوم السياسية لدى كلية فلتشر للقانون والدبلوماسية الملحقة بجامعة تاتفس: «ينظر مانح التبرعات إلى ذلك ويقول: حسنا، دعونا نمول ذلك الرجل أو تلك المرأة، فقط لأننا لن نجني نتائج من الأبحاث التي يهتم بها عشرة أشخاص فقط حول العالم. بل لأنها سوف تنتشر إعلاميا ويتحدث عنها الكثيرون».
تساعد هبات تلك المؤسسات في جمع البيانات الغريبة، من النوع الذي زعمه السيد لاكور في دراسته، وهي البيانات التي تحمل احتمال الرجوع بنتائج غير مسبوقة.
أدى كل ذلك إلى بروز نموذج جديد من نشر أبحاث العلوم الاجتماعية عبر وسائل الإعلام. ويقول الكثير من خبراء الاقتصاد لدى الإدارات البارزة بأن الزملاء يحاولون الآن التنظيم ثم الدفع بأبحاثهم الأكاديمية إلى الصحافيين، بدلا من كتابة الأبحاث بأنفسهم والسماح لوسائل الإعلام بالكشف عنها بطريقتها.
أحد المخاطر الكامنة هو أن الكثير من الصحافيين ليسوا مؤهلين للتمييز بين الغث والسمين من العلوم المطروحة أمامهم. وهي مخاطرة معتبرة خصوصا عندما لا يسلك البحث المطروح طريقه المعتاد من خلال القنوات الأكاديمية قبل طرحه على وسائل الإعلام الإخبارية، حيث يقول البروفسور غاري كينغ أستاذ العلوم السياسية لدى جامعة هارفارد: «إذا ظهرت الأبحاث في وسائل الإعلام والصحف قبل طرحها للمراجعة الأكاديمية أولا، فتلك مشكلة».
في حين أن الدوريات العلمية البارزة في مجال العلوم السياسية أو الاقتصاد، تستغرق في المعتاد من ستة أشهر إلى عام كامل في مراجعة وتنقيح المواد المقدمة إليها، فإن عملية المراجعة والتنقيح ذاتها تستغرق وقتا أقل بكثير في دورية علمية عامة مثل «ساينس»، وهي التي نشر السيد لاكور من خلالها نتائج دراسته. تستغرق دورية «ساينس» في الغالب أقل من شهرين في المراجعة والتنقيح، وفقا إلى غينجر بينهولستر الناطقة الرسمية باسم الدورية.
يقول البروفسور كارد، في إشارة إلى الدوريات الاقتصادية المتخصصة البارزة: «هناك في الغالب عام ونصف العام بين الوقت الذي تقدم فيه الأبحاث وبين قبولها. وينقضي غالب ذلك الوقت في عملية طويلة ومرهقة من الاستجابات والردود على المراجعين والمحررين».
يمكن للعملية الحالية في مجلة «ساينس»، كما يقول بعض العلماء، أن تشجع المؤلفين على التضخيم من قدر وأهمية أعمالهم. يقول الدكتور نارايانان كاستوري، الباحث الطبي المنتقل حديثا إلى مختبر آرغون الوطني الأميركي الذي نشر أبحاثه على صفحات مجلة «ساينس»: «سوف يقول المراجع: إن النتيجة حقيقة والاستنتاج معقول، ولكنه لم يقدم جديدا يمكن أن يلفت انتباه الجمهور. مما يعني، ارجع وأتني باستنتاجات أكبر وأكثر إثارة للاهتمام».
على الطرف الآخر من المعادلة، فإن النشر في الدوريات التقنية المتخصصة يستغرق الكثير من الوقت بالفعل حتى إنها في الغالب تؤخر الأعمال البحثية إلى ما بعد الوقت المفترض أن تجتذب فيه اهتمام الجمهور. يقول عزرا كلاين محرر موقع «vox.com»: «إنه لأمر جيد أن تكون لدينا أبحاث علمية تؤسس لمناقشات علمية على أصول تجريبية».
يعتقد الكثير من العلماء أن عملية المراجعة المتناظرة في مجلة «ساينس» هي عملية سليمة، حيث أضاف البروفسور هيكمان يقول: «أشعر أن الحكام هناك يمتلكون حسا دقيقا للغاية. ويبدو أنهم يعرفون ماذا يفعلون تماما».
غير أن العملية، وبصورة جزئية، يبدو أنها تعبر عن هدف الدورية من تحقيق المزيد من الانتشار للأعمال المنشورة لديها، حيث تقول مونيكا برادفورد المحررة التنفيذية لدى «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم» الناشرة للدورية: «من بين الأمور التي تسعى إليها الجمعية رغبتها في نشر العلوم، والحفاظ على اهتمام الجمهور بالعلوم كذلك». على سبيل المثال، لدى الجمعية فريق من 40 عضوا يعملون على التحكم في حركة مرور المقالات من خلال المنشور منها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومع استعار المنافسة حول المناصب الأكاديمية واشتداد أوار تمويلات البحث العلمي خلال العقود الأخيرة، يرزح العلماء تحت ضغوط هائلة من أجل نشر نتائج باهرة ورائجة للغاية في عدد محدود من الدوريات العلمية البارزة - ومن بينها: مجلة «ساينس»، و«نيتشر»، و«سيل».
يقول البروفسور فيريك فانغ، وهو باحث لدى جامعة واشنطن، سجل تزايد حالات الغش العلمي في الأوراق البحثية، إن الأبحاث التي يشرف عليها قسمه بالجامعة لنيل درجة الأستاذ المساعد تجذب في المعتاد ما لا يقل عن مائة متقدم لنيل الدرجة. وعلى الرغم من أن الكثير من المتقدمين لأكثر من ستة مناصب شاغرة لديهم الكثير من الأوراق البحثية قيد المراجعة والفحص الدقيق بواسطة إحدى الدوريات العلمية غير المشهورة مثل دورية «علم الجراثيم»، فإن غالبية المرشحين النهائيين كانوا المؤلف الرئيسي لإحدى الأوراق البحثية المنشورة في واحدة من الدوريات البارزة. ويتابع فانغ قائلا: «إنك تحاول الكفاح في مواجهة ذلك، والنظر إلى العمل ذاته، غير أن بريق العمل المنشور أخاذ بكل تأكيد».
لسنوات كثيرة، كان القيام بأعمال العلوم الاجتماعية بهدف جذب انتباه وسائل الإعلام الاجتماعية مجالا للهواة الذين لا يسعون إلى الدخول في غمار الأبحاث الدقيقة.
لكن بعد الأزمة المالية، رغم ذلك، صار الجمهور ووسائل الإعلام الإخبارية أكثر اهتماما بالبحث الجاد، واستجاب العلماء بالسعي إلى المزيد من التغطية. والمؤسسات الإعلامية على غرار مجلة «التايمز» و«واشنطن بوست» قد أضافت أقساما خاصة على صفحاتها، واضطلعت مواقع مثل «vox.com» بتغطيات أكثر شمولية للأعمال التي تتصارع مع مشكلات السياسات العامة، ومن بينها مشكلة الفقر، والحراك الاجتماعي، وركود الأجور.
وتقول سيما جاياشاندران، الأستاذ الزائر لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «أغلب الوقت، ولدى معظم الناس، لا يعدو الأمر أن يكون جيدا. إنه يعني المزيد من الاهتمام للمزيد من النتائج المهمة».
ويكشف الصحافيون برفقة العلماء عن الأخطاء، كما يشارك علماء الاجتماع بالمزيد من البيانات، وتجتذب النتائج الجديدة المزيد من الاهتمام.
ومع ذلك، يمكن للنظام الذي يسمح للأكاديميين بنشر أبحاثهم العلمية عبر وسائل الإعلام الحالية أن يسبب المزيد من الفوضى قبل خروج الأخطاء إلى العلن.
في بدايات عام 2010، على سبيل المثال، نشر الاقتصادي كينيث روغوف برفقة الاقتصادية كارمن راينهارت ورقة بحثية لم تخضع للمراجعة المتناظرة تفيد بأن الدول خاطرت بانخفاض كبير في معدلات النمو الاقتصادي فور تجاوز ديونها حد 90 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتحدث الخبيران إلى وسائل الإعلام للترويج لنتائج بحثهما، مما أدى بالسياسيين في أوروبا والولايات المتحدة إلى اعتبار تلك الأبحاث من قبيل الأساس المنطقي لسياسات التقشف العامة.
لكن في عام 2013، أشارت مجموعة من الباحثين لدى جامعة ماساتشوستس فرع أمهرست، إلى خطأ رقمي وممارستين مشبوهتين ألقتا بشكوك كثيرة حول النتائج الرئيسية للبحث المذكور.
واعترف البروفسور روغوف، في استجابة من طرفه لتلك الانتقادات العام الماضي، بأن البحث احتوى على خطأ كودي طفيف. ولكنه أضاف أنه والمؤلفين المشاركين في البحث عملوا على إزالة الخطأ في الوقت الذي نشرت فيه المقالة بالدورية عام 2012 واصفا إياها بأنها «كانت أطول بكثير وأكثر استكمالا». وقال في رسالة وصلت بالبريد الإلكتروني إنه لم يعتقد أن المراجعة المتناظرة سوف تلحظ ذلك الخطأ.

* خدمة «نيويورك تايمز»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.