وزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة يستقيل احتجاجا على فوضى تمويل الكتائب

أكد في رسالة وجهها إلى الجربا أن جهوده لا تساوي شيئا أمام «تضحيات الثوار»

وزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة يستقيل احتجاجا على فوضى تمويل الكتائب
TT

وزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة يستقيل احتجاجا على فوضى تمويل الكتائب

وزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة يستقيل احتجاجا على فوضى تمويل الكتائب

لم تفلح الجهود التي بذلها المجلس الأعلى العسكري للجيش السوري الحر، خلال اجتماعه مع وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد مصطفى، في إقناع الأخير بالتراجع عن استقالته التي أعلنها قبل يومين. وأشارت مصادر مواكبة لاجتماع «الحر» لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المناقشات ركزت على الأسباب التي دفعت مصطفى للاستقالة، دون أن تسفر في إقناعه بالتراجع عنها».
وكان مصطفى، الذي شغل منصب وزير الدفاع منذ تشكيل الحكومة السورية المؤقتة في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي «عزم على تقديم استقالته قبل شهر تقريبا، لكنه تريث إلى حين تبدل الظروف وعلى أمل أن يصبح عمله أكثر فاعلية، لكن ذلك لم يحدث»، وفق ما أكده رئيس تيار التغيير الديمقراطي عمار القربي لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أنه كان لدى مصطفى «مشروع بناء جيش وطني ومؤسسة عسكرية فاعلة يجري من خلالها توجيه الدعم والتمويل، وزار عددا من الدول لتحقيق هذا الهدف».
ويشدد القربي، وهو من الشخصيات المواكبة لنشاط وزير الدفاع المستقيل، على أن «الدول الداعمة للثورة، شكلت العائق الأساسي في وجه تنفيذ خطط مصطفى العسكرية بسبب قلة الدعم الذي قدمته وعدم جديتها في نقل الجيش الحر من وضعه المشرذم إلى جيش وطني حديث».
وكان مصطفى علل قبل يومين استقالته من مهامه وزيرا للدفاع في الحكومة المؤقتة بأسباب عامة عبر رسالة مكتوبة وجهها لرئيس الائتلاف الوطني أحمد الجربا، أشار فيها إلى أن «عمله وزيرا للدفاع كان فرصة لخدمة الثوار على الأرض، لكن وبعد أن وجدت أن جهودنا التي تبذل لا تساوي شيئا أمام عظمة التضحيات التي يقدمها (الثوار) ولا تستجيب للحد الأدنى من متطلباتهم، وسوريا كلها تدمر بأكثر الأسلحة فتكا وتهدم فوق رجالها ونسائها وأطفالها على مرأى ومسمع من العالم الذي انقسم بين مشارك بالمذبحة وبين متخاذل يغطي نفسه بمبادرات ومؤتمرات لم تحقق شيئا من أهداف الثورة السورية». وأعلن استقالته «من وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة»، مؤكدا في الوقت ذاته أنه سيبقى «جنديا في خدمة الثورة السورية حتى يتحقق النصر القريب».
لكن القربي يؤكد أن وراء استقالة مصطفى ثلاثة أسباب رئيسة أولها «الفوضى في قنوات التمويل، فهناك جهات تدعم الجبهة الإسلامية وأخرى تدعم كتائب إسلامية من دون المرور عبر وزارة الدفاع المولجة تنظيم وتنسيق هذا الأمر»، والسبب الثاني بحسب القربي يتعلق بـ«التدخل الذي يمارسه بعض أعضاء الائتلاف في الملف العسكري فيلتقون مع حكومات ودول ويتخذون قرارات دون علم أو معرفة وزير الدفاع». ويضع القربي السبب الثالث للاستقالة في «سياق التناقض الحاصل حول مؤتمر (جنيف 2)، إذ إن جميع الكتائب العسكرية على الأرض تعارض المشاركة في هذا المؤتمر في حين أن الجزء السياسي للمعارضة التي يعتبر مصطفى جزءا منها وافقت على المشاركة».
وتدرج مصطفى، المتحدر من قرية حيالين في ريف حماه الغربي ويحمل إجازة في اللغة العربية، في مناصب عدة داخل مؤسسات النظام السوري. إذ عمل موجها في إحدى مدارس بلدة السقيلبية في محافظة حماه، قبل أن يصبح عضوا في مجلس الشعب عن منطقته، ثم محافظا لحماه بين عامي 1985 و1992، ثم وزيرا للزراعة حتى عام 2001. وبعد انتهاء مهماته الوزارية انتقل ليعمل مستشارا لوزير الزراعة الكويتي، لكن مع انطلاق الحراك الشعبي في بلده، انضم إلى المعارضة وأعلن في ديسمبر (كانون الأول) 2012 من عمان، مع معارضين آخرين إنشاء «التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية»، ليطرح اسمه في عام 2013 مرشحا لرئاسة «الحكومة المؤقتة»، لكن أحمد طعمة سبقه إلى الفوز بالمنصب. وعين مصطفى وزيرا للدفاع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.