تونس تستعيد دبلوماسييها المختطفين.. وتغلق قنصليتها في طرابلس

البكوش: المفاوضات حصلت بين جهات رسمية.. ولا دخل للوزارة بملف القليب

عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)
عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)
TT

تونس تستعيد دبلوماسييها المختطفين.. وتغلق قنصليتها في طرابلس

عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)
عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)

وصل الدبلوماسيون التونسيون العشرة المختطفون، الذين تم إطلاق سراحهم من قبل مجموعات مسلحة في ليبيا، سالمين إلى المطار العسكري بمنطقة العوينة في تونس العاصمة، وكان في استقبالهم الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسي. وقد رافق المختطفين العشرة 13 شخصا من موظفي القنصلية التونسية في طرابلس التي أعلن البكوش عن قرار إغلاقها.
وأكد مختار الشواشي، المتحدث باسم وزارة الخارجية التونسية، وصول الدبلوماسيين التونسيين المحتجزين في ليبيا، وقال إن عدد العائدين إلى تونس بلغ 23 شخصا من أعوان وموظفي القنصلية، وبمجرد الإعلان عن وصولهم تدافعت وسائل الإعلام لتغطية الحدث والتحدث إلى الدبلوماسيين المحررين، وذلك بعد جولات طويلة من المفاوضات بين تونس والمجموعات المسلحة في طرابلس.
وذكر الشواشي أن طائرة عسكرية أقلت الدبلوماسيين من معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا وهبطت في مطار العوينة العسكري. وقد تمت العملية على مرحلتين: الأولى بتسلم الدبلوماسيين التونسيين المختطفين من الجانب الليبي عبر المعبر الحدودي رأس الجدير، والثانية عبر نقلهم إلى تونس العاصمة. وكان في استقبال الدبلوماسيين المختطفين بالمعبر الحدودي والي (محافظ) مدنين الذي أكد سلامتهم الجسدية.
وبمجرد وصول الدبلوماسيين التونسيين المختطفين إلى رأس الجدير، والإعلان الرسمي عن تحريرهم، سلمت تونس فجر أمس الجمعة وليد القليب، القيادي في تنظيم «فجر ليبيا»، المسجون لدى تونس منذ يوم 18 مايو (أيار) الماضي، إلى السلطات الليبية في طرابلس، وذلك في إطار الاتفاقية التي أبرمت بين السلطات التونسية والجهات الخاطفة.
ونجحت تونس في تأمين عملية الإفراج عن الدبلوماسيين التونسيين دون خسائر بشرية، وذلك بمقتضى اتفاق تونسي ليبي يقضي بتسليم وليد القليب، مقابل عودة الدبلوماسيين التونسيين المختطفين في العاصمة الليبية طرابلس منذ الجمعة الماضية.
وبهذا الخصوص قال الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسي، في تصريح إعلامي إن الحكومة التونسية قررت وقف أعمالها القنصلية في العاصمة الليبية طرابلس بعد أن اقتحم مسلحون القنصلية قبل نحو أسبوع، وخطفوا عشرة موظفين، وأوضح أن إغلاق القنصلية يأتي بعد حصول عمليات الاقتحام والاختطاف.
وبخصوص نجاح المفاوضات مع الجهات الليبية المسلحة، أعلن البكوش أنها حصلت بين جهات رسمية، أي بين وزارة الخارجية وحكومة طرابلس، مشيرا إلى أن الوزارة وجهت رسالة إلى الجانب الليبي، مفادها أنها ستتعامل معها سياسيا، وأنها لا تتدخل في المسائل والملفات القضائية، مؤكدا أن قضية وليد القليب مسألة قضائية لا دخل للوزارة بها.
وخلافا لتصريحات وزير الخارجية التونسي، فإن معظم المعطيات المتوفرة من خلال التصريحات التي أدلت بها القيادات الليبية، تؤكد أن تحرير كل أفراد البعثة التونسية كان في مقابل تسليم تونس لوليد القليب إلى السلطات الليبية. وإثر نجاح عملية المقايضة، دعت تونس كل العاملين في القنصلية إلى مغادرتها، والعودة إلى تونس، كما دعت وزارة الخارجية كافة التونسيين إلى تجنب السفر إلى ليبيا، وحملت من يخالف ذلك مسؤولية ما قد يتعرض له. فيما أعلن وزير الخارجية إغلاق مقر القنصلية التونسية بطرابلس بسبب «إخلال الجانب الليبي بتعهداته بتأمين المقر وسلامة البعثة الدبلوماسية التونسية» حسب تعبيره.
وفي ظل معلومات أولية تشير إلى تعرض الدبلوماسيين التونسيين المختطفين لسوء المعاملة، نفى البشير السناوي، وهو أحد الدبلوماسيين التونسيين الذين جرى تحريرهم، تعرضهم للتعذيب، وقال في تصريح لوسائل الإعلام «لم نتلق تهديدات ولم يتم تعذيبنا. وقد عشنا لحظات صعبة فعلا عند الاختطاف، لكننا عوملنا بطريقة إيجابية.. فقد كانوا يقدمون لنا ثلاث وجبات في اليوم، وعند الإعلان عن حلول شهر الصيام قدموا لنا السحور الخاص بأول ليلة فجر الأربعاء، وكانت الأجواء عادية، وخلافا لما تم تداوله فإن الاحتجاز كان في أحد المنازل بضواحي طرابلس وليس بالسجن». ونفى السناوي تعرض أي من الوفد التونسي، المكون من عشرة موظفين بالبعثة، لسوء معاملة.
لكن في مطار العوينة، حيث تمت عملية استقبال الدبلوماسيين المختطفين، بدا أن أحد المختطفين قد تعرض لاعتداء في الرأس، إلا أنه رفض تأكيد حصول الاعتداء، كما أشيعت أنباء عن تعرض المختطفين لاعتداءات متنوعة، إلا أنهم رفضوا التصريح بذلك لأسباب ما تزال مجهولة.
وفي السياق ذاته، قال جمال السايبي، أحد المختطفين، إن وليد القليب اتصل بالخاطفين من سجنه من تونس، وأكد أن المعاملة كانت سيئة خلال اليومين الأولين من حدوث الاختطاف، لكنها تغيرت بعد الاتصال بالقليب والاطمئنان على سلامته. وأفاد أنهم تعرضوا إلى الضرب خلال اليومين الأولين ولمعاملة نفسية صعبة قبل أن تنفرج الأمور، على حد تعبيره.
وسجن الليبي وليد القليب يوم 18 مايو (أيار) الماضي في تونس، وهو قيادي بارز في تنظيم «فجر ليبيا» للاشتباه في تورطه في تشكيل معتقلات ومعسكرات في ليبيا واستغلالها لاحتجاز مدنيين من بينهم تونسيون. إلا أن التطورات التي أعقبت عملية اعتقال القليب سلطت ضغوطات كبرى على السلطات التونسية، إثر احتجاز 172 عاملا تونسيا في ليبيا في مرحلة أولى، وإطلاق سراحهم على دفعات، ثم مهاجمة القنصلية التونسية في طرابلس يوم الجمعة 12 يونيو (حزيران) الجاري، واحتجاز عشرة دبلوماسيين تونسيين من قبل عناصر مسلحة قيل إنها على علاقة بالقيادي الليبي المذكور. واشترطت هذه العناصر المسلحة الإفراج عن وليد القليب لإطلاق سراح الدبلوماسيين التونسيين المختطفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».