برلمانيون أميركيون يدعون لفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لإنقاذ المدنيين من الموت

«الائتلاف» يضغط لتنفيذ مناطق آمنة.. ويرى أن تحقيقها يحتاج لإرادة أميركية جادة

برلمانيون أميركيون يدعون لفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لإنقاذ المدنيين من الموت
TT

برلمانيون أميركيون يدعون لفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لإنقاذ المدنيين من الموت

برلمانيون أميركيون يدعون لفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا لإنقاذ المدنيين من الموت

جدّد برلمانيون أميركيون دعوتهم إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سوريا بعد عرض شريط مصور يظهر أطباء يحاولون إنقاذ أطفال إثر هجوم بغاز الكلور في إحدى المناطق السورية واستماعهم إلى شهادات عدة. وأكد البرلمانيون أن إقامة منطقة خالية من القصف ستعطل إحدى أهم الأدوات التي استخدمت لقتل المدنيين السوريين وإرهابهم، وخصوصا الأطفال الذين هم الأكثر عرضة لهذه الغازات السامة والذين تمزقت أجسادهم الصغيرة حرفيا نتيجة المسامير الفظيعة التي تحتوي عليها هذه القنابل.
جاءت هذه الدعوات في ظل ضغوط سورية يمارسها معارضون وحقوقيون، منذ مطلع عام 2012، لفرض مناطق آمنة في شمال وجنوب البلاد، وهو ما يتحقق حتى الآن، رغم أن قضية فرض مناطق آمنة، طرحها «رئيس الائتلاف الوطني السوري» الدكتور خالد خوجة خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة، ولقاءاته بمسؤولين أميركيين ومسؤولين في الأمم المتحدة، كما أكد نائب رئيس «الائتلاف» هشام مروة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط».
مروة قال إن «الائتلاف» يضغط باتجاه إقرار منطقة آمنة «مع علمه أن هذا الموضوع يحتاج إلى إرادة أميركية جادة»، وأشار إلى أن «الدعوات البرلمانية تهدف للضغط على الرئيس الأميركي باراك أوباما لتحريك المسألة، ووضعها على طاولة البحث». وتابع أن الرئيس الأميركي نفسه باراك أوباما الذي تحدث في أواخر أبريل (نيسان) الماضي عن أن إدارته تدعم عمليات عسكرية لإقامة مناطق آمنة في سوريا، «بدا مترددًا، وهو ما دفع البرلمانيين لممارسة الضغوط عليه لتطبيق المناطق الآمنة».
وإذ لفت مروة إلى أن المطالبة ليست جديدة، أفاد بأن «المنظمات الحقوقية والجالية السورية في الولايات المتحدة، عملت مع البرلمانيين لتفعيل فرض هذه المناطق»، مشيرًا إلى أنه «بعد حديث أوباما عن دعمه لعمليات تؤدي إلى فرض مناطق آمنة، تناقشت الإدارة التركية مع واشنطن حول إقامة غطاء جوي للقوات التي يجري تدريبها الآن في تركيا». وأردف أن «الحديث عن المناطق الآمنة، هو مشروع يُعمل عليه، ويقتضي وجود قدرة لوجيستية على منع النظام وصواريخه وأجهزته من تحقيق اختراقات في المناطق المحررة والمناطق القريبة منها»، واستطرد أن تحقيق هذه القضية «ليس سهلاً، رغم أن الدراسات قطعت شوطًا كبيرًا لتنفيذ المنطقة الآمنة»، من غير التوصل إلى خطة واضحة حول التفاصيل.
البرلمانيون الأميركيون حرّكوا هذه القضية، بعد توثيق استخدامات جديدة للغازات السامة في مختلف أنحاء سوريا. وقالت الطبيبة آني سبارو أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: «أنا طبيبة واعتدت مشاهد الموت. لكنني لم أر من قبل طريقة أكثر فظاعة للقتل إطلاقًا، ولم أشهد من قبل هذا القدر من المعاناة بمثل هذه الطريقة الفظيعة». وأردفت: «من حق الأطفال السوريين والمدنيين السوريين أن يحظوا بحماية والولايات المتحدة قادرة على تأمينها».
من ناحية ثانية، قال روبرت فورد، السفير الأميركي السابق لدى سوريا، أمام أعضاء اللجنة الذين شاهدوا العرض أن «الحكومة السورية تستخدم غاز الكلور من دون أي محاسبة». وحذر فورد بأنه على الرغم من صدور قرار عن الأمم المتحدة يدين الهجمات بغاز الكلور، فإن ذلك لم يردع نظام الأسد الذي يخوض نزاعا منذ أكثر من أربع سنوات مع معارضة مسلحة تسعى إلى إسقاطه. وأردف أن «قواته باتت تفتقد إلى العناصر ومع تطور هذا الوضع فإن النظام السوري سيلجأ بشكل متزايد إلى استخدام الأسلحة الكيميائية للتعويض عن هذا النقص في الكثير».
وروى الطبيب محمد تناري، من جهته، بمساعدة مترجم ما حصل ليلة 16 مارس (آذار) الماضي حين ألقيت سلسلة من البراميل المتفجرة من مروحيات فوق مدينته سرمين في محافظة إدلب وانتشرت في الجو «رائحة تشبه سوائل التنظيف». وأضاف أن «عشرات الأشخاص كانوا يعانون صعوبات في التنفس وحروقا في العيون والحنجرة وإفرازات من الفم».
يذكر أن الإدارة الأميركية استبعدت مرارا فرض حظر جوي فوق أجزاء من سوريا، مدعية أنه من الصعب للغاية تطبيقه، وردد المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي يوم أول من أمس الأربعاء أن «الأمر غير مطروح.. وليست هناك خطط لتطبيق أو الإشراف على منطقة حظر جوي فوق سوريا فيما يتعلق باستخدام هذه المواد الكيميائية. ما يجب أن يحصل هو أن يتوقّف (الأسد) عن استخدامها».
لكن سبارو، وكذلك فورد وتناري، دافعوا بقوة عن فكرة الحظر. وقالت سبارو: «إن إقامة منطقة خالية من القصف ستعطل إحدى أهم الأدوات التي استخدمت لقتل المدنيين السوريين وإرهابهم، وخصوصا الأطفال الذين هم الأكثر عرضة لهذه الغازات السامة والذين تمزقت أجسادهم الصغيرة حرفيا نتيجة المسامير الفظيعة التي تحتوي عليها هذه القنابل».
كذلك قال رئيس اللجنة النائب الجمهوري إيد رويس إن «السياسة الأميركية يجب أن تتغير»، مشددًا على أن مناطق الحظر الجوي «ستحرم الأسد من السيطرة على الأجواء.. ولن يكون السوريون بعدها مجبرين على الاختيار بين البقاء على الأرض حيث يمكن أن يقتلوا ببراميل يملأها الأسد بالمتفجرات أو الاحتماء تحت الأرض حيث يمكن أن يتعرضوا في شكل أكبر للتسمم بغاز الكلور».
هذا، وكان النظام السوري قد تعرض لاتهامات باستخدام أسلحة كيميائية في ريف دمشق في أغسطس (آب) 2013، مما دفع واشنطن إلى التهديد بتنفيذ ضربات على دمشق. ووافقت الحكومة السورية على الأثر تحت ضغط هذا التهديد على التخلص من ترسانتها الكيميائية، الأمر الذي حصل بموجب خطة وضعتها المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية. وأيضًا، وجهت اتهامات إلى النظام بشن هجمات عدة بأسلحة كيميائية بواسطة مروحيات، أحدها في محافظة إدلب في مارس 2015. وأفيد خلال الأشهر الأخيرة عن 45 هجوما من هذا النوع، بيد أن النظام ينفي استخدامه الكلور.
وما يذكر في هذا الشأن أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية كانت قد أعلنت الأربعاء أنه تم التخلص من كامل نفايات الأسلحة الكيماوية السورية التي دمرت، غير أن الكلور لا يعتبر من المواد المحظورة، بل يعد مادة صناعية معدة بصورة عامة للاستخدامات التجارية والمنزلية مثل تنقية المياه مثلا. وخلصت المنظمة إلى أن غاز الكلور استخدم مرارا وبشكل منهجي كسلاح كيميائي في سوريا من غير أن تلقي مسؤولية استخدامه على أي من النظام أو المعارضة المسلحة اللذين يتبادلان الاتهامات بهذا الصدد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.