كما بات معروفًا لدى جميع المتابعين، لدينا بدل «العراب» عرابان. الأول من بطولة عاصي الحلاني ومصطفى الخاني وعبد المنعم عمايري وسلافة معمار وسلوم حداد ومن إخراج المثنّى صبح، والثاني من بطولة جمال سليمان وباسم ياخور وباسل خياط وأمل بشوشة ومن إخراج حاتم علي. ولرسم مسافة بين العملين، اختار هذا المسلسل الثاني عنوان «العراب - نادي الشرق».
كل من هذين «العرابين» إنتاج سوري، وكلاهما مبيع لقنوات عربية متعددة (مثل «إل بي سي» و«أبوظبي» و«روتانا»، إلخ…) ثم - وهذا هو الأهم - مقتبس من فيلم فرنسيس فورد كوبولا الشهير المعروف بـ«العرّاب».
ما لدينا هنا، وكما سنرى إثر مشاهدة الحلقات الأولى، هو منافسة بين عملين كل منهما استوحى من الفيلم الشهير أحداثه بصرف النظر عن كيف طوّرها أو لواها لتصبح قريبة من حياتنا العربية وحواسنا الشرقية وتقاليدنا الاجتماعية. بذلك، وربما للمرّة الأولى في تاريخ المسلسلات، لم تعد المنافسة بين أي عملين، أو بين الأعمال جميعًا، بل بين عملين يصلان في وقت واحد مسحوبين من مصدر واحد.
هل هذا أمر جيّد؟
الجواب يختلف من مسلسل لآخر. من جهة فإنه طالما وجد المسلسل من يشتريه ويعرضه فهو أمر جيد. لقد حقق الهدف الأول (والبعض يقول الأهم) من بين أهدافه. السباق الآن هو على النوعية. من منهما تمتّع بالعناصر التي تمنح العمل المنتج خصائص فنية أفضل تؤدي إلى درجة استمتاع وتجاوب جماهيري أفضل من الآخر.
السيئ (نسبيًا) في الموضوع هو أن المشاهدين سوف يقبلون على أحدهما أكثر من إقبالهما على الآخر، وكلما زادت مسافة الإقبال على العمل الذي شد انتباههما أكثر، وجد الآخر نفسه وقد خسر المواجهة على نحو جسيم. طبعًا إلا إذا كان الإقبال الجماهيري عليهما متساويا، وهذا أمر صعب لأن الناس لا بد لها، في وسط هذه الزحمة، أن تختار، وما سيساعدها على الاختيار حقيقة أن كلا العملين متشابهان ولو على نحو شامل.
تستطيع أن تتصوّر موقف المشاهدين في الأسبوع الأول. إنه أصعب الأسابيع لأن من يكسب السباق فيه كسبه حتى نهاية شهر رمضان. من أعرف من الأقارب والمعارف تساءلوا: كيف يمكن الاختيار بينهما؟ لكن ما إن تدور العجلة حتى يأتي الاختيار طبيعيًا، وأحد المسلسلين سيضحك والآخر سيتجهم.
المنافسة مشروعة كما ذكرنا بالأمس، بل ضرورية. لولاها لافتقدنا التنوّع والبذل للارتقاء إلى مستويات عليا فنيًا ودراميًا. وهي موجودة طوال الوقت وعلى نحو طبيعي بين كل المسلسلات المصنوعة لشهر رمضان. كذلك لافت أن التشابه موجود بين المسلسلات حتى وإن كانت مكتوبة من مصادر مختلفة أو ذات مواقف مختلفة.
في العام الماضي جاء «سرايا عابدين» مشابها لـ«حريم السلطان»، وكان هناك أكثر من مسلسل يدور في الحارة الدمشقية وأكثر من مسلسل يدور في القصور المصرية. لكن في النهاية واحد هو الذي يبرز في كل نوع إذا لم يكن لسبب، فلأن المسلسلات من الكثرة (نحو ستين مسلسلا هذه السنة) بحيث لا بد من الاختيار.
وهذا التشابه موجود هذا العام وبكثرة. بين «باب الحارة» و«حارة المشرقة» و«بنت الشهبندر» على صعيد المكان والزمان. وبين «الصعلوك» و«أستاذ ورئيس قسم» و«مولد وصاحبه غايب» على صعيد تقديم أحداث متصلة بسنوات الثورة المصرية الراهنة أو ما قبلها بقليل. وهناك تشابه آخر ناتج عن العودة إلى المسلسل ذاته في أجزاء جديدة، كما الحال مع «باب الحارة 7» و«طوق البنات 2» مثلاً.
وفي الوقت الذي استمد فيه «العراب» الأول والثاني مادتهما من «عراب» كوبولا، هناك اقتباس آخر من السينما قام به المخرج الكويتي وليد العوضي. ما يميّز اقتباسه أنه خاص به. قبل نحو خمس سنوات قام بتصوير فيلم سينمائي بعنوان «تورا بورا» حول الأب الذي يبحث عن ابنه المفقود في أفغانستان بعدما انضم لحركة طالبان. من المفرح أن نجد أن العوضي قام الآن بتحضير مسلسل كامل عن هذا المغامرة يعرضه في ثلاثين حلقة (بمشاهد جديدة على نحو شبه كلي) ولا يزال الهدف واحدا في الحالتين: تقديم عمل له علاقة بحالات التطرّف التي نعانيها جميعًا.
شاشات: مسلسلات رمضان.. تتشابه لكي تتنافس
شاشات: مسلسلات رمضان.. تتشابه لكي تتنافس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة