فيما عده مراقبون وخبراء عسكريون محاولات من السلطات المصرية لمكافحة الإرهاب والتطرف المتوغل في شبة جزيرة سيناء، قالت مصادر مصرية أمس، إن «الحكومة قررت مد حق الانتفاع للأراضي لأهالي سيناء ليصبح 50 عاما بدلا من 30 ويمتد لـ75 عاما، وأن يكون التملك للمصريين فقط حتى لا يكون هناك ملاك من جنسيات أخرى». في حين، أكد مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا السابق، اللواء زكريا حسين، لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعديلات تستهدف استرضاء بدو سيناء، وإشراكهم في حرب الحكومة ضد الإرهاب، وليسارعوا للإبلاغ عن أماكن المتشددين والعناصر المتشددة، التي تختبئ في أماكن كثيرة داخل صحراء وجبال سيناء».
وتزامن ذلك مع تصريحات للمتحدث باسم الجيش المصري أعلن فيها عن إحباط «عمل إرهابي كبير» ومقتل سبعة مسلحين أمس، موضحا «ورود معلومات استخباراتية مؤكدة من أحد العناصر المتعاونة تفيد بقيام العناصر الإرهابية بنقل كمية من الأسلحة المختلفة والمواد المتفجرة من قرية المهدية بمركز ومدينة رفح إلى قرية المقاطعة بمركز ومدينة الشيخ زويد، تمهيدا لتنفيذ عمل إرهابي ضخم ضد عناصر قوات قطاع تأمين شمال سيناء»، وأضاف أنه بناء على هذه المعلومات «تم تنفيذ ضربة استباقية للعناصر المتطرفة أسفرت عن مقتل 7 منهم وتدمير مخزنين للأسلحة والمتفجرات».
ويشن الجيش والشرطة حملات أمنية موسعة في شمال سيناء لبسط سيطرتهما على المحافظة الحدودية، التي تتمركز فيها تنظيمات متشددة دأبت على استهداف عناصر الجيش والشرطة خلال السنوات الماضية، لكن نشاطها تزايد في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، حيث شهدت مدن العريش ورفح والشيخ زويد عمليات إرهابية كبرى قتل خلالها العشرات من عناصر الجيش والشرطة.
وفرضت السلطات حالة الطوارئ داخل المنطقة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومددت حالة الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى، ثم مدتها لثالث مرة في أبريل (نيسان) الماضي.
ووافقت الحكومة المصرية أمس، برئاسة إبراهيم محلب، على مشروع قرار الرئيس المصري بتعديل بعض أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، إذ قال السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، إن «التعديلات لضمان عدم دخول أجهزة الدولة في أي منازعات قانونية مع المستثمرين الذين قاموا بإجراء أي تعاقدات قانونية، أو صدرت لهم قرارات تخصيص»، مضيفا أن «التعديلات تضمنت مد حق الانتفاع ليكون 50 سنة بدلاً من 30 سنة، وتمتد إلى 75 سنة مع تقرير توريث حق الانتفاع لتشجيع المستثمرين، وأن يكون تملك الأراضي والعقارات المبنية بالمنطقة للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية، ومن أبوين مصريين».
ويري مراقبون أن «الحل الأمني في سيناء لن يحل وحده المشكلة، وأن التنمية هي الحل الحقيقي للأزمة هناك، خاصة أن أبناء سيناء تعرضوا لظلم بين على مر سنوات طويلة، حيث لم يكن يسمح لهم بتملك الأراضي، وكانت أحوالهم الاقتصادية سيئة للغاية نتيجة غياب التنمية إبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك».
وخلال الفترة الماضية توغلت عناصر إرهابية في شمال سيناء، خصوصا في منطقة الشيخ زويد، التي تتصل شرقا بمنطقة رفح وأنفاقها الحدودية، وتمتد جنوبا إلى جبل الحلال، وهو ما يشكل أحد أبرز العوائق الجيولوجية التي تتحدى فرض الأمن داخل المنطقة نظرا لوعورته الشديدة، وتحوله إلى ملاذ للخارجين عن القانون والمطاردين من القبائل منذ سنوات. وفي هذا الصدد أعلنت مصادر أمنية بشمال سيناء أمس، أن «قوات مكافحة الإرهاب تمكنت من إبطال مفعول 4 عبوات ناسفة شرق العريش ورفح والشيخ زويد، بعد أن زرعها مسلحون على طريق مرور آليات أمنية بغرض استهدافها، فضلا عن توقيف 15 من العناصر التكفيرية الخطرة».
بدوه، قال الخبير العسكري اللواء زكريا حسين إنه «منذ سنوات طويلة هناك قيود على التملك في سيناء، لأنها هي مسرح العمليات العسكرية في مصر طوال تاريخها»، لافتا إلى أن إجراءات الحكومة الجديدة تسترضي بدو سيناء لإشراكهم معها في حربها ضد الإرهاب، ولدفعهم للإبلاغ عن أماكن المتشددين، وإمداد الدولة المصرية بالمعلومات اللازمة لمحاربة التطرف، وهذا ما جعل الدولة المصرية تخصص من قبل مليارات لاسترضاء أهالي سيناء بعد سنوات من الحرمان.
وفي مطلع فبراير (شباط) الماضي، وبالتزامن مع الإعلان عن تكليف الفريق أسامة عسكر بقيادة منطقة شرق القناة بكاملها لمكافحة الإرهاب، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تخصيص مبلغ 10 مليارات جنيه (نحو 1.4 مليار دولار) من أجل التنمية ومكافحة الإرهاب في سيناء.
وقال اللواء حسين، مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا السابق، إن «الحرب على الإرهاب مستمرة في جميع أنحاء مصر، لكنها مطلب ملح الآن للقضاء على العناصر التكفيرية المتشددة، وإجراءات الحكومة لتملك الأراضي في سيناء خطوة ليشعر أهالي سيناء بأن الدولة معهم في محاربتهم ضد الإرهاب، وهم جزء من مصر».
ويقول خبراء عسكريون ومراقبون، إنه «ما بين عمليات كر وفر يومية بين رجال الأمن والجيش والعناصر التكفيرية المتشددة، يسعى الطرفان لاستقطاب أهالي المنطقة من البدو إلى جانبهم»، لكن اللواء حسين يقول إن «الدولة المصرية تريد تغيير ما يردده البعض من أهالي سيناء أنه في حال قيامه بالإبلاغ عن المتشددين، فإنه سيتم توقيفه وإلقاء القبض عليه.. فالدولة تريد أن يكون الجميع متعاونين لمحاربة الإرهاب في كل موقع في البلاد».
السلطات المصرية تكافح الإرهاب في سيناء.. بسلاح التنمية
مدت حق انتفاع الأهالي بالأراضي حتى 75 عامًا.. وحرمت الأجانب من حق التملك
السلطات المصرية تكافح الإرهاب في سيناء.. بسلاح التنمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة