«كوتش».. أميركية في لندنhttps://aawsat.com/home/article/386066/%C2%AB%D9%83%D9%88%D8%AA%D8%B4%C2%BB-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%86%D8%AF%D9%86
تقدم عرضا يسجل بداية مهمة في مخاطبتها الأسواق العالمية
من عرض «كوتش»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
«كوتش».. أميركية في لندن
من عرض «كوتش»
في اليوم الثاني من الأسبوع، قدمت شركة «كوتش» الأميركية بقيادة مصممها البريطاني ستيوارت فيفرز، عرضا كل ما فيه ينبض بإيقاع شبابي. فما إن تطأ قدماك مكان العرض حتى تستشف ديناميكية غير معهودة، حيث توسطت المسرح شبه حلبة تزلج من الخشب، تبين فيما بعد أنها خلفية مهمة لتشكيلة تلعب على عناصر «سبور» تحية لثقافة الشارع أو للأسلوب الأميركي، وعناصر من التفصيل الإنجليزي الراقي. عندما ظهرت المجموعة الأولى بألوانها ونقشاتها المستوحاة من كائنات الغاب والأدغال، كادت أن تخدعنا بالوجهة التي ستأخذنا إليها، لكن سرعان ما ظهرت قطعا مفصلة تؤكد بأن الدار الأميركية تريد أن تحفر لها مكانة جديدة في عالم الموضة. مكانة تجمع الأناقة بالترف، لا سيما وأن مجال الأزياء الرجالية، لا يزال مثل الكنفس بالنسبة لها، فهذه ثاني تشكيلة لها، وبالتالي يمكن أن تطوعه بأي شكل أو اتجاه تريد. كانت هناك الكثير من القطع المنفصلة والمفصلة بتقنيات عالية تؤكد أن اللغة هنا عالمية. ما لا شك فيه أن دار «كوتش» تعقد آمالا كبيرة على مصممها البريطاني ستيوارت فيفر. فعام 2014 لم يكن جيدا بالنسبة لها، مما أدى إلى إغلاقها نحو 70 محلا تقريبا في الولايات المتحدة الأميركية. ويعود السبب إلى المنافسة الشديدة من مصممين يطرحون منتجات بأسعار أقل مثل مايكل كورس، وتوري بيرش، وكايت سبايد، لهذا كان الحل بالنسبة لها هو ستيوارت فيفرز، الذي لجأت إليه «كوتش» في عام 2013، على أمل أن يجعل منها دار أزياء متكاملة، يجد فيها الزبون كل ما يرغب فيه من أزياء وإكسسوارات وغيرها. فسيرته العملية تؤكد بأنه يتمتع بلمسة ميداسية تحول دائما الجلد إلى ذهب. فقد سبق له العمل مع «مالبوري» البريطانية وأعطاها مجموعة حقائب ناجحة، شكلت الأساس لما حققته من أرباح فيما بعد، قبل أن يغادرها إلى «لويفي» الإسبانية. هناك أيضا ترك بصمته وسجل عدة نجاحات. نقلته إلى «كوتش» التي تتمتع بشخصية أميركية محضة، كانت تحديا وفرصة لا تُفوت في الوقت ذاته، لأنه أعطي الكثير من الحرية حتى يلمع صورتها ويزيد من جاذبيتها. وهذا ما حققه يوم الأحد الماضي في تشكيلة لعب فيها على أيقونات الدار الأميركية متسلحا بخبرته البريطانية. أهم خطوة بالنسبة له كانت تحديد شخصيتها ووجهة نظرها حتى يميزها الناس عن غيرها، ونجح في ذلك. تجدر الإشارة إلى أن الأزياء والإكسسوارات الرجالية تشكل 14 في المائة من أرباح الدار، وسجلت ارتفاعا ملحوظا من مائة مليون دولار أميركي في عام 2010 إلى 700 مليون دولار أميركي في عام 2014، ويتوقع أن تصل إلى أكثر من مليار دولار في غضون عامين. وبالنظر إلى ما يقدمه فيفرز للدار، فلن نستغرب أن تفوق التوقعات هذا الرقم، لأن حتى الرجل الذي لا يميل إلى الموضة عموما، سيجد نفسه منجذبا نحوها، لأنها بتصاميم «معقولة» تعكس صورة عصرية يمكن لأي رجل أن يرى نفسه فيها. حتى إذا لم يكن جاكت من الجلد ضمن أساسياته، فإن حذاء أو حقيبة من الجلد الطبيعي لا بد وأن يغريانه، لا سيما وأن «كوتش» لا تزال ترتبط في الذهن بالإكسسوارات أولا، وقلما يفكر الرجل بأنها أصبحت تطرح أزياء لكل المناسبات. وربما عروض الأزياء الأخيرة هي الأمل في أن تفتح عيونه على الأزياء، والأهم إقباله عليها، لا سيما وأن أسعارها في متناول اليد رغم ترفها الواضح. فحقائب اليد تتراوح بين 450 و895 دولارا أميركيا، والأحذية ما بين 200 و400 دولار أميركي، بينما الأزياء ما بين 695 و2.500 دولار أميركي. كما أنها متوفرة ليس في محلاتها الخاصة فحسب، بل أيضا في موقع «مستر بورتر» ومحلات «سيلفريدجز» و«لافاييت» و«أوبنينغ سيريموني».
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.
ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».
بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.
صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.
كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.
الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.
المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.
المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.
سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»
من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.
موسم الأعياد والحفلات
بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.
وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».
دمج بين الفينتاج والبوهو
تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.
مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.
إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.
أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.
رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.