«داعش» تتلقى الضربة الأكبر في تل أبيض منذ إعلان «خلافتها» في سوريا

أكثر من 23 ألف لاجئ فروا من القتال في سوريا إلى تركيا خلال 5 أيام

مقاتلان من {الجيش الحر} ساهما في تحرير تل أبيض يستريحان قرب عربتهما خارج المدينة وإلى جوارهما علم الثورة السورية (سوريا)
مقاتلان من {الجيش الحر} ساهما في تحرير تل أبيض يستريحان قرب عربتهما خارج المدينة وإلى جوارهما علم الثورة السورية (سوريا)
TT

«داعش» تتلقى الضربة الأكبر في تل أبيض منذ إعلان «خلافتها» في سوريا

مقاتلان من {الجيش الحر} ساهما في تحرير تل أبيض يستريحان قرب عربتهما خارج المدينة وإلى جوارهما علم الثورة السورية (سوريا)
مقاتلان من {الجيش الحر} ساهما في تحرير تل أبيض يستريحان قرب عربتهما خارج المدينة وإلى جوارهما علم الثورة السورية (سوريا)

شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها 25 ضربة جوية في العراق وسوريا في أحدث جولة من الهجمات اليومية على متشددي تنظيم داعش، وشمل ذلك ضربات بالقرب من الحدود التركية السورية حيث حقق الأكراد وداعموهم من الجيش الحر تقدما في مواجهة مقاتلي التنظيم وقطعوا طريق إمداد رئيسيا. هذا في الوقت الذي قالت فيه مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أمس الثلاثاء، نقلا عن السلطات التركية أن أكثر من 23 ألف لاجئ فروا من القتال في شمال سوريا وعبروا الحدود إلى تركيا.
وتلقى تنظيم داعش الضربة الأكبر منذ تصاعد نفوذه في سوريا، وذلك بعد سيطرة المقاتلين الأكراد على مدينة تل أبيض الاستراتيجية على الحدود مع تركيا والتي تشكل طريق إمداد حيويا للجهاديين.
وتمكن المقاتلون الأكراد ومقاتلو المعارضة السورية، بعد خمسة أيام من الهجوم المدعوم بغارات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، من السيطرة فجر الثلاثاء بشكل كامل على مدينة تل أبيض في محافظة الرقة، معقل التنظيم في شمال سوريا، بعد اشتباكات عنيفة ضد مقاتليه، تسببت بفرار الآلاف من السكان.
وبذلك، يخسر التنظيم المتطرف واحدا من أبرز طرق إمداده مع تركيا، ولم يعد يسيطر إلا على معبر جرابلس الحدودي مع تركيا في محافظة حلب (شمال)، وإن كانت عمليات نقل الأسلحة والمقاتلين تتم عن طريق التهريب لا عن طريق المعابر المقفلة من الجانب التركي رسميا.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مقاتلي التنظيم انسحبوا دون قتال يذكر (...) كان انتصارا سهلا».
ورفع المقاتلون الأكراد ومقاتلو المعارضة أعلامهم داخل المدينة. وقال شرفان درويش، الناطق الرسمي باسم قوات «بركان الفرات» المعارضة التي تقاتل إلى جانب الوحدات الكردية، للوكالة: «نستمر في تمشيط المدينة لتهيئة عودة أهاليها»، لافتا إلى «وجود ألغام وسيارات مفخخة وجثث مرمية على الأرض».
واعتبر المحلل أيمن جواد التميمي من منتدى الشرق الأوسط للأبحاث أن سقوط المدينة يعد «الخسارة الأكبر حتى الآن لتنظيم داعش في سوريا». وأوضح أن تل أبيض تعد «طريقا رئيسيا لنقل المقاتلين والأسلحة والسلع من تركيا إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم». وتشكل تل أبيض طريق إمداد رئيسيا للتنظيم إلى مدينة الرقة الواقعة على بعد 86 كيلومترا. ويسيطر التنظيم على كامل محافظة الرقة منذ نحو سنة، لكنه خسر في الأشهر الأخيرة أكثر من خمسين قرية وبلدة في الريف الشمالي لصالح الأكراد.
وقال عبد الرحمن إن هذه الخسارة تعد «الانهيار الأكبر للتنظيم منذ إعلانه دولة الخلافة في شهر يونيو (حزيران) 2014». وأضاف أنه «بات على مقاتليه في دير الزور (شرق) ومحافظة الرقة اجتياز مئات الكيلومترات للوصول إلى الحدود التركية عبر حلب»، بعد أن بات الأكراد يسيطرون «على شريط حدودي بطول 400 كيلومتر يمتد من ريف حلب الشمالي الشرقي (عين العرب) وصولا إلى الحدود العراقية».
واعتبر الباحث في شؤون الجهاد في مؤسسة كويليام في لندن تشارلي وينتر أن النجاح الكردي في تل أبيض «أكثر أهمية على المدى الطويل من كوباني» (عين العرب)، المدينة الحدودية مع تركيا التي تمكن المقاتلون الأكراد من صد هجوم تنظيم داعش عليها بمؤازرة غارات التحالف الدولي في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
ويوجه تفوق الأكراد في هذه المعركة وفق وينتر «ضربة لأسطورة النصر الإلهي الثابت» التي يحاول التنظيم الترويج لها منذ ظهوره في سوريا عام 2013.
ويثير تقدم الأكراد في الجانب السوري من الحدود مخاوف تركيا التي تصنف وحدات حماية الشعب الكردية «إرهابية». وتخشى أنقرة أن يبادر أكراد سوريا على غرار أكراد العراق إلى تأسيس إقليم مستقل على طول الحدود التركية، يوحد مناطق عفرين وكوباني والجزيرة، وهو ما يطلق عليه الأكراد تسمية روجافا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».