جبريل الرجوب لواء الرياضة

يمزج بين الكاريزما الخاصة والعصبية ليجمع بين الحلفاء والخصوم

جبريل الرجوب لواء الرياضة
TT

جبريل الرجوب لواء الرياضة

جبريل الرجوب لواء الرياضة

طالما كان اللواء الفلسطيني جبريل الرجوب مثيرا للجدل، ولم تكن الضجة التي أثيرت حوله بشأن مسألة طرد إسرائيل من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، الشهر الماضي فصلا مفاجئا في حياته. وعلى مدار 20 عاما هي عمر السلطة الفلسطينية تقريبا، برز اسم جبريل الرجوب الذي تدرج من عقيد إلى عميد إلى لواء، كواحد من أبرز المسؤولين الأمنيين الذين تركوا بصماتهم على الأمن الفلسطيني، وخلق ذلك له تابعين كثرا وخصوما أكثر، ومحبين موالين، وأعداء متربصين. وظل ذلك قائما حتى بعدما انتقل بشكل مفاجئ من عالم الأمن الذي فيه الكثير من العنف والغموض والسرية والتحفظ الشعبي إلى عالم كرة القدم الذي فيه الكثير من المتعة والتواصل مع الشعوب المختلفة.
راهن كثيرون على أن الرجوب سيفشل إذا قاد لاعبو كرة القدم مثلما يحكم الضباط والعسكر، لكن أظهر الرجوب بشكل استثنائي أنه قادر على إخراج أفضل ما في لاعبي الكرة مثلما فعل مع رجال الأمن.
وقال تيسير نصر الله، عضو الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم: «إنه (الرجوب) إداري ناجح قادر على توظيف الطواقم بشكل جيد ودقيق وكل حسب إمكانياته». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ميزته أنه يملك كاريزما ومثابر ويأخذ أي تكليف على محمل الجد. عندما كلف بقيادة جهاز الأمن الوقائي تفرغ لذلك بالكامل، واليوم يتفرغ بالكامل للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم». وتابع: «أنا أحد الذين كانوا يتوقعون أنه لن ينجح على رأس كرة القدم، قلت كيف سينجح؟ الفرق بين الأمن والرياضة شاسع، الأمن يكرهه الناس والرياضة يحبونها بشغف، لكنه خالف التوقعات، نجح بشكل استثنائي». وأردف قائلا: «اختبرته عن قرب وأستطيع أن أقول إنه من أحد أسرار نجاحه المتابعة والفردية.. يتابع كل التفاصيل ويبني المؤسسات لكن بشكل يعتمد على قدراته الفردية».
وظهرت هذه القدرات الفردية للرجوب أكثر من أي وقت مضى في بداية حياته العملية في السلطة الفلسطينية، عندما كلفه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ببناء جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، بينما كان عدوه اللدود محمد دحلان يبني الجهاز في قطاع غزة.
كانت خلفية الرجوب الوحيدة أنه سجن لـ17عاما في إسرائيل ومنتمٍ بشكل لا يقبل الشك لحركة فتح، الحزب الحاكم في السلطة.
بنى الرجوب جهازا أمنيا كان مقدرا له أن يعمل في الجرائم الداخلية، لكنه أصبح تحت قيادة الرجوب في ذلك الوقت الجهاز الأكثر أهمية ونشاطا في العمل الأمني والسياسي كذلك.
استقدم الرجوب قادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أعطاهم رتبا ورواتب وأسلحة ومباني وسيارات ومقرات للتحقيق والاعتقال.
كانوا شبه محسودين من أقرانهم الآخرين في الأجهزة الأمنية، لكنهم نالوا نصيب الأسد من الهجمة التي كانت تشنها حركة حماس ضد السلطة.
اتهمت حماس الرجوب والأمن الوقائي بممارسة التعذيب ضد عناصرها والسماح لإسرائيل باعتقال مطلوبين لها.
وفي 2002 عندما كانت إسرائيل تجتاح الضفة، وقع الرجوب تحت ضغط كبير بعد اقتحام إسرائيل لمقر الأمن الوقائي في (بيتونيا) واعتقال عناصر من حماس. هاجمته حماس بشدة وكذلك مقربون من الرئيس الراحل ياسر عرفات لإصراره على إبقاء معتقلين داخل مقر الوقائي، لكن رد الرجوب لم يتأخر أبدا، اتهم محمد دحلان بالتآمر عليه، ووصف مستشار عرفات آنذاك محمد رشيد الذي أصبح الآن مطلوبا للسلطة بأنه «طفل أنابيب» لا وليس له حق التعقيب على قضايا لا يفهم فيها، وأردف أنه مستعد للمحاسبة.
اللافت آنذاك أن الوطن كله كان مجتاحا من قبل إسرائيل وليس فقط المقرات الأمنية، وحتى مقاطعة الرئيس الفلسطيني الراحل، لكن السهام وجهت أكثر نحو الرجوب.
وقال ضابط عمل معه في الوقائي وفضل عدم الكشف عن اسمه «الرجوب كان مرشحا لخلافة عرفات آنذاك».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «له شخصية قوية ونفوذ في الداخل والخارج ويحظى باحترام الأميركيين ولذلك أيضا كان هدفا».
ويبدو أن هذه الصفات التي ساعدته في تبوؤ أهم المناصب جلبت له أعداء طاردوه حتى أقيل من منصبه.
ففي نفس العام (2002)، قرر عرفات إقالته من منصبه بعد حادثة «بيتونيا»، لكنه فوجئ بأن عناصر الجهاز الذين يفترض أنهم عسكريون، تمردوا على قرار الرئيس. رفضوا إقالة الرجوب وتظاهروا وهددوا بأنهم لن يتعاونوا مع سلفه مهما كان.
وخرج أحدهم إلى الصحافيين في رام الله، قائلا: «لقد ناضلنا ضد الاحتلال طيلة كل هذه السنوات وسجنا معا في إسرائيل وبنينا الأمن الوقائي معا (..) الرجوب هو واحد منا ولن ندعه يذهب».
وبعد أسابيع حاول عرفات أن يعالج المسألة بطريقته الخاصة بتقديم منصب مختلف للرجوب. وانصاع الرجوب الذي كان يرى في عرفات والدا ورمزا حتى وان اختلف معه، لكنه رفض «المراضاة» واعتذر عن توليه منصب محافظ جنين الذي عرضه عليه عرفات.
وأفل نجم الرجوب بعد إقالته من قيادة الأمن الوقائي، لكن بعد أقل من عام عاد عرفات واستحدث خصيصا له منصب مستشار الشؤون الأمنية، ومنحة ترقية من رتبة عقيد إلى عميد. بدا ذلك ضربة من عرفات لمسؤولين فلسطينيين كانوا على عداء مع الرجوب. وفي يناير (كانون الثاني) 2005 استقال الرجوب من منصبه عقب فوز الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس. وشرح الرجوب حينها: «قدمت استقالتي عن قناعة تامة، والسبب هو لإتاحة الفرصة أمام الرئيس الجديد أن يختار رجاله الذين سيعملون معه للمرحلة المقبلة». ودعا العميد الرجوب الجميع في الحكم الفلسطيني إلى الاستقالة لبناء حكم ديمقراطي جديد بناء على قناعات ثابتة في ترسيخ الديمقراطية.
وفي بيان صادر عن مكتبه، قدم الرجوب عددا من التوصيات قال انه يضعها بين يدي الرئيس الجديد عباس لاتخاذ القرار فيها. وتضمنت التوصيات السبع التسريع في إنجاز توحيد الأجهزة الأمنية في ثلاثة محاور رئيسية: وزارة الداخلية والأمن الوطني والمخابرات.
وطالب الرجوب بإجراء «تغييرات جذرية وفورية في البنية التنظيمية والقيادية لهذه الأجهزة، وإخضاع تعيين قادة هذه الأجهزة لإطار القيادة السياسية ومصادقة مجلس الوزراء وإخضاع أداء هذه الأجهزة لرقابة المجلس التشريعي».
ترشح الرجوب لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، لكن حماس اكتسحت عضوية هذا المجلس في هزيمة مدوية لحركة فتح التي يعد الرجوب أحد أبرز قادتها.
ولم يتوان الرجوب عن تحميل المسؤولية للرئيس الفلسطيني محمود عباس ولفتح. كان الرجوب يحمل فلسفة مختلفة عن كثير من مسؤولي فتح الغاضبين، ومفادها «فلتحكم حماس وتقرر ما إذا كانت تريد حربا أو سلاما».
في منتصف 2007، سيطرت حماس على قطاع غزة، لكن واحدا فقط من قيادات فتح كان مستعدا للقاء قيادات حماس في الخارج في محاولة لإنهاء الانقسام. لقد كان الرجل الذي طالما عدته حماس عدوا لدودا لها، إنه الرجوب الذي التقى عددا منهم في بيروت في خطوة أغضبت مسؤولي فتح.
ظل الرجوب يدعو إلى حوار حماس، لكن من دون أن تسمع هي أو يسمع أحد من قيادة السلطة آنذاك. وبعد أعوام وقعت الحركتان أكثر من مصالحة لم تترجم ولا واحدة منها على الأرض.
وفي 2009، نجح الرجوب في انتخابات مركزية حركة فتح التي شهدت الكثير من التحالفات، مظهرا مرة ثانية أنه ما زال نافذا ويملك أتباعا ومحبين.
كان لا يمكن تخيل لجنة مركزية يجتمع فيها الرجوب ودحلان. وفعلا لم تمر الاجتماعات بسلام. أظهر الرجوب شخصية قوية ومعارضة كعادته، فهاجم بعض قيادات فتح وانتقد التنظيم بشكل كبير.
اشتعلت الحرب الباردة بين الرجوب ودحلان، وكان على عباس أن يمسك العصا من وسطها. وفي نهاية الأمر تولى الرجوب منصب رئيس اتحاد الكرة وطرد دحلان من الحركة، ساعيا لحل الاشتباك بينهما ومؤيديهما.
في 2008، ترأس الرجوب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بعدما انسحب المرشحون المنافسون له. وقال لـ«الشرق الأوسط» بعد انتخابه إنه في مهمة وطنية و«إن الأمن والرياضة يتقاسمان الأخلاق والقيم».
أصبح الرجوب الرئيس الثاني للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم منذ قدوم السلطة الوطنية، خلفًا للرئيس السابق، اللواء أحمد العفيفي، والذي تولى منصب رئيس الاتحاد خلال الدورات الثلاث السابقة منذ عام 1996 وحتى عام 2008.
لكن الرجوب كان مختلفا تماما. ففي عهده انتظمت البطولات والمسابقات الفلسطينية وانطلق دوري المحترفين الفلسطيني، كما بدأ دوري النساء، وتطورت البنية التحتية، والمرافق الرياضية، وأعيد بناء الجمعيات والنوادي.
بنى الرجوب علاقة متميزة مع جوزيف بلاتر رئيس «الفيفا» النافذ الذي يحب الرجوب أن يسميه «صديق فلسطين». وحصل الرجوب على امتياز الملعب البيتي لأول مرة في فلسطين. في عام 2012 انتخب الرجوب مرة ثانية لرئاسة الاتحاد.
وقال المدرب والناقد الرياضي وعضو لجنة الحكام المركزية أحمد حسان: «إنه صاحب كاريزما.. شخصيته قوية، وهذا ما كان ينقصنا في الجسم الرياضي».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نجح في اجتياز الامتحان الصعب في قيادة سفينة الرياضة الفلسطينية بامتياز استطاع أن يحقق قفزة نوعية في النهوض بمستوى لعبة كرة القدم ولأول مرة يصل منتخبنا الوطني لكأس أمم آسيا إضافة إلى إنجاز آخر هو الملعب البيتي». وتابع: «لأول مرة يحقق منتخبنا في لعبة كرة السلة إنجازا رياضيا في بطولة غرب آسيا ورغم حجم التحدي الكبير الذي تتعرض له الرياضة الفلسطينية في المحافل الدولية نتيجة تعنت وصلف الجانب الإسرائيلي في هذا المجال فإننا نؤكد رضانا على ما تم تحقيقه من إنجازات في قطاع الرياضة الفلسطينية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي وتطلعاتنا إلى تحقيق المزيد في هذا الصدد.. وذلك بفضل حنكة الرجوب».
لكن لا يراه الجميع هكذا. فمثلما ترك له أعداء في الأمن ترك له في الرياضة كذلك.
اشتبك الرجوب مع مسؤولين رياضيين في الضفة كانوا يتمتعون بمحسوبيات ومع آخرين في غزة أرادوا تسييس الرياضة، لكنه في النهاية فرض رؤيته على الجميع أغضب صحافيين رياضيين وهاجمهم ولاعبين أيضا ومدربين.
لكن اشتباكاته الأسوأ كانت خارج فلسطين إذ اشتبك مرارا مع من تعتبره السلطة الفلسطينية خطا أحمر - أي الأردن.
وفي يناير الماضي رصدت الكاميرات الرجوب وهو يتمنى الفوز ببطاقة التأهل للمنتخب العراقي على منتخبه الفلسطيني في تصفيات آسيا، كي يتقدم العراق على الأردن بفارق النقاط، الأمر الذي اعتبره نواب ورياضيون وساسة أردنيون إساءة بالغة للمنتخب الأردني لكرة القدم.
«للصبر حدود.. يا رجوب»، هكذا رد عضو البرلمان الأردني ونائب رئيس اتحاد كرة القدم صلاح المحارمة، على المقطع الذي أثار غضب الأردنيين المشتعل أصلا على الرجوب بعد اتهامه بأنه لن يدعم الأمير علي في انتخابات رئاسة الفيفا الشهر الماضي.
رد الرجوب بطريقة غير مفهومة على الغضب الأردني، وقال إنه كان يمازح لاعبا عراقيا. لكن في حقيقة الأمر كان الرجوب يعبر عن غضبه من مدرب المنتخب الأردني الذي تجاهل أن فلسطين لاعب مهم في المجموعة التي تضم إلى جانبها والأردن والعراق، واليابان كذلك.
هاجم الرجوب مدرب المنتخب الأردني بقوة لأنه أسقط فلسطين من حساباته. كانت عصبية وطنية بالنسبة للكثيرين وغير مبررة بالنسبة لآخرين. وتعد هذه العصبية أحد عيوب الرجوب من وجهة نظر محبيه. وطالما سببت هذه العصبية للرجل خلافات مع مسؤولين سياسيين وصحافيين ورياضيين. وخلال مسيرته كمسؤول أمني أو مسؤول رياضي، طرد الرجوب من طرد من الاجتماعات، وشتم وهاجم وهدد وتوعد.
وقال نصر الله: «أحيانا يخلط المزح بالجد. إنه سريع الغضب، ويتحول إلى مستهتر بالآخرين، وهذا جلب له خصوما».
واستغل خصوم الرجوب بشكل جيد الشهر الماضي معركته مع إسرائيل في الفيفا، وشنوا ضده حربا ضروسا بعد سحبه طلب تجميد عضوية إسرائيل. ولأيام طويلة سيطر قرار سحب الرجوب مشروع التصويت على تعليق عضوية إسرائيل في الفيفا، على الشارع الفلسطيني واحتل مساحة واسعة من النقاشات الجادة والحادة، وأثار جدلا كبيرا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وانتقل إلى المستوى السياسي كذلك، بين معارضين للخطوة ومؤيدين لها.
وهاجمت فصائل فلسطينية ومسؤولون وناشطون ومؤسسات ومهتمون، إلى حد كبير، رئيس الاتحاد الفلسطيني، واتهموه بالخروج عن الإجماع الوطني، وبخذلان الفلسطينيين، وأطلق نشطاء فلسطينيون، هم جزء من منظمة أفاز العالمية، التي تأسست في عام 2001، حملة يطالبون فيها الاتحاد الفلسطيني بمحاسبة رئيسه الرجوب على سحب طلب تعليق عضوية إسرائيل في فيفا.
وقال ممثل أفاز في الأراضي الفلسطينية فادي قرعان: «بدأنا حملة جديدة في الأراضي الفلسطينية لجمع تواقيع نطالب فيها بإقالة الرجوب من منصبه». كما هاجمت حماس والجبهة الشعبية سحب الطلب.
وقال فوزي برهوم الناطق باسم حماس، إن الرجوب «خيب آمال الفلسطينيين وآمال أصدقاء فلسطين وكل المحبين الداعمين لشعبنا وعدالة قضيته»، مضيفا: «فليرحل وليحاكم على أفعاله».
وأصدرت الجبهة الشعبية المنضوية تحت منظمة التحرير، بيانا حملت فيه السلطة الفلسطينية مسؤولية سحب طلب تعليق عضوية «إسرائيل» في الاتحاد الدولي لكرة القدم، واصفةً ما جرى بأنه ضرب للجهود الرامية لفضح الاحتلال وجرائمه وعزله من المؤسسات الدولية.
وفي إطار ردود الفعل، عبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن أسفه البالغ من خطوة السلطة الفلسطينية، وانتقدت الهيئة الفلسطينية للرياضة في العاصمة البريطانية لندن، الخطوة الفلسطينية وعدّت ذلك خذلانا للفلسطينيين.
وقال متحدث باسم حملة (مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل)، إن «اللجنة الوطنية للحملة تشعر بالإحباط نتيجة عدم تحمل الاتحاد الفلسطيني لالتزاماته والمبادئ المنصوص عليها».
وفوق كل ذلك، نجح قراصنة باختراق موقع الاتحاد الفلسطيني ونعتوا الرجوب بأبشع الأوصاف.
وجاءت الحرب الفلسطينية ضد الرجوب في وقت كان يعاني فيه من حرب أخرى أردنية بعد اتهامات له بدعم جوزيف بلاتر على حساب الأمير علي بن الحسين.
وحمل الأردنيون بشدة على الرجوب واتهموه بالعمل ضد الأمير ونشروا له صورا وهي يحتفل بالسيف مع بلاتر.
انتظر الرجوب أياما قبل أن يرد وأعلن أنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن سحب قرار تعليق عضوية إسرائيل في الفيفا، مبديا استعداده لأي مسائلة فلسطينية حقيقية، ولكن على قاعدة رياضية وليست سياسية، ومؤكدا في الوقت نفسه أنه صوّت علانية للأمير علي بن الحسين وليس لجوزيف بلاتر في رئاسة الفيفا.
وقال الرجوب في مؤتمر صحافي عقده أمس، في أكاديمية جوزيف بلاتر في البيرة في الضفة الغربية: «أنا أتحمل المسؤولية عن الموضوع من ألفه إلى يائه».
وفي رده على سؤال عن عدم صدور أي تصريحات من المستوى السياسي القيادي الفلسطينية، قال الرجوب: «أنا من البداية قلت إن الموضوع رياضي وليس له علاقة بالسياسة». وأضاف: «في العالم الثالث من الصعب القول إنه لا دخل للرئيس في الموضوع، لكن أنا أقول إنه ليس للرئيس علاقة في الموضوع، ولا علاقة للمستوى السياسي في الموضوع»، مشيرا إلى أن القضية رياضية بحته وفقا لقوانين الفيفا. وتابع: «أي سياسي يهاجمنا فليقل لنا ماذا عمل هو».
وعد الرجوب ما حققه في اجتماع الفيفا «تاريخيا»، و«محطة تاريخية ومهمة في تاريخ الرياضة الفلسطينية». وكان الفلسطينيون حصلوا على قرار بتشكيل لجنة تحقيق في تصرفات إسرائيل «العنصرية» ضد الرياضة الفلسطينية.
وغمز الرجوب في قناة جهات فلسطينية داخلية لها أجندة خاصة حاولت تشويهه، قائلا: «هناك حملات مشبوهة يقف خلفها أشخاص لا يريدون التطور والنهوض في الرياضة الفلسطينية، وأنا لا أنطلق من منطلقات شخصية».
وسئل الرجوب عن الهجوم عليه في الأردن، ورد قائلا: «منحت صوتي للأمير علي وقلت لبلاتر حين سألني لمن ستصوت: أنا عربي، ورفعت ورقتي أمام مديرة حملة الأمير علي الأميرة هيا بنت الحسين».
في هذا الوقت كان الرئيس الفلسطيني عباس يزور الأمير علي في بيته، مؤكدا له «ستبقى العلاقة كما كانت وتستمر إلى الأبد حتى تحرير البلد برعاية الملك والأردن». طويت القصة مثل غيرها من القصص التي كان بطلها الرجل الذي يؤمن بقدرته على النجاح بشكل لا يتقبل معه أي تشكيك.
واختصر نصر الله المسألة: «إنه شخص لا يعيش من دون مؤيدين ولا يعيش من دون خصوم»، مضيفا: «أتفق معه وأختلف معه. لكن أبدا لا أشك في وطنيته. إنها عالية للغاية».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».