البشير يعود إلى الخرطوم متحديًا المحكمة الجنائية الدولية.. واستياء في واشنطن

وزير الخارجية السوداني: «أعداء أفريقيا» كانوا وراء المحاولة الفاشلة لاعتقال الرئيس

الرئيس السوداني عمر البشير وسط مؤيديه في الخرطوم أثناء عودته من جنوب السودان أمس (إ.ب.أ)
الرئيس السوداني عمر البشير وسط مؤيديه في الخرطوم أثناء عودته من جنوب السودان أمس (إ.ب.أ)
TT

البشير يعود إلى الخرطوم متحديًا المحكمة الجنائية الدولية.. واستياء في واشنطن

الرئيس السوداني عمر البشير وسط مؤيديه في الخرطوم أثناء عودته من جنوب السودان أمس (إ.ب.أ)
الرئيس السوداني عمر البشير وسط مؤيديه في الخرطوم أثناء عودته من جنوب السودان أمس (إ.ب.أ)

في هزيمة جديدة للمحكمة الجنائية الدولية، عاد الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى الخرطوم أمس بعد مشاركته في القمة الأفريقية التي عقدت بجوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، حيث كانت تأمل المحكمة اعتقاله، حسب مذكرة توقيف يعود تاريخها إلى عام 2009 تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.
وتجاهل البشير قرارا صدر من محكمة في بريتوريا باعتقاله، في حين سمحت حكومة جنوب أفريقيا للبشير بالمغادرة دون أي معوقات، متهمة المحكمة الجنائية الدولية بالانحياز ضد الأفارقة وأنها «لم تعد ذات جدوى». وأعلنت المحكمة المعنية في جنوب أفريقيا أن حكومة بريتوريا انتهكت دستور البلاد عندما امتنعت عن توقيف الرئيس السوداني.
واستقبل المئات من السودانيين الرئيس البشير بحفاوة، وقال وزير الخارجية إبراهيم غندور عقب عودة البشير إلى العاصمة السودانية الخرطوم إن «أعداء أفريقيا» كانوا وراء المحاولة الفاشلة لاعتقال الرئيس البشير خلال مشاركته في القمة الأفريقية. وأضاف: «المشاركة كانت من الممكن أن تكون طبيعية وبلا ضوضاء.. لكن أراد لها أعداء أفريقيا وأعداء السودان... أن يجعلوا منها دراما لحجب الأخ الرئيس من المشاركات الهامة».
ورغم صدور أمر قضائي ببقائه في جنوب أفريقيا لحين صدور الحكم على اعتقاله سمحت الحكومة للبشير بالمغادرة دون أي معوقات، واتهم الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا المحكمة الجنائية الدولية بالانحياز ضد الأفارقة وأنها «لم تعد ذات جدوى».
من جهته قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة محبطة من أن جنوب أفريقيا لم تتخذ إجراء لمنع الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي يواجه اتهامات بالإبادة الجماعية من مغادرة مؤتمر للاتحاد الأفريقي في جوهانسبورغ.
وأعرب المدعي العام المساعد للمحكمة الجنائية الدولية عن «خيبة أمله» لعدم قيام السلطات في جنوب أفريقيا بتوقيف الرئيس البشير. وقال جيمس ستيورات مساعد المدعية العامة لهذه المحكمة فاتو بنسودا: «نحن نشعر بخيبة أمل لعدم توقيفه»، مضيفا: «إن موقفنا كان على الدوام أن الواجب الملقى على جنوب أفريقيا واضح، وكان عليها توقيفه». لكن ستيوارت أضاف: «في نهاية المطاف، هذا الأمر يمكن أن يزيد قوتنا ولا يشكل نكسة كما يمكن أن يظن البعض». وهي المرة الأولى التي يحاول فيها القضاء في دولة منع رئيس دولة يتولى مهامه من مغادرة أراضيها بموجب طلب من المحكمة الجنائية الدولية. وأشار ستيوارت إلى أن مكتب المدعية يمكن أن يطلب إحالة عدم تعاون حكومة جنوب أفريقيا إلى مجلس الأمن الدولي.
وجنوب أفريقيا من الدول الموقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وملزمة بتنفيذ أوامر الاعتقال، لكن السماح للبشير بمغادرة البلاد يؤكد حدوث تغيير في الأولويات الدبلوماسية للحكومة وأن المصالح الأفريقية باتت تطغى على مصالح الغرب.
ويمثل القرار أيضا ضربة للمحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي التي لم توجه أي إدانات سوى لاثنين من زعماء الميليشيات الأفريقية غير المعروفين منذ بدء عملها في 2002 وتكافح لمحاسبة أصحاب النفوذ الذين يحاكمون داخل دولهم.
وغادر الرئيس السوداني قاعدة ووتركلوف الجوية العسكرية في صباح أمس عائدا إلى العاصمة السودانية الخرطوم. وبعد ذلك بساعات أيد القاضي دونستان ملامبو طلبا لمنظمة حقوقية كانت تطالب باعتقاله، وقال إن عدم اعتقاله يخالف الدستور. وقال ملامبو: «المدعى عليهم ملزمون على الفور باتخاذ كل الخطوات المعقولة لاعتقال الرئيس البشير». وقال ويليام موخاري محامي الحكومة إن إدارة الشؤون الداخلية ستحقق في مغادرة البشير.
وقال ثوكوان مولوتو، وهو محامٍ في المحكمة الجنائية الدولية يراقب إجراءات تنفيذ القرار، إنه «من المقلق جدا السماح للبشير بمغادرة جنوب أفريقيا». وتابع مولوتو: «لم يكن يجب أن يسمح له بالمغادرة، فهذا يعد من المسائل القانونية وليس السياسية». وقال حزب التحالف الديمقراطي، وهو حزب المعارضة الرئيسي في جنوب أفريقيا: «لقد وصلت الحكومة إلى منحدر مشين وساخر، وأثبتت للعالم أنها لا تؤمن بالعدالة في الجرائم الدولية الخطيرة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.