في هزيمة جديدة للمحكمة الجنائية الدولية، عاد الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى الخرطوم أمس بعد مشاركته في القمة الأفريقية التي عقدت بجوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، حيث كانت تأمل المحكمة اعتقاله، حسب مذكرة توقيف يعود تاريخها إلى عام 2009 تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور.
وتجاهل البشير قرارا صدر من محكمة في بريتوريا باعتقاله، في حين سمحت حكومة جنوب أفريقيا للبشير بالمغادرة دون أي معوقات، متهمة المحكمة الجنائية الدولية بالانحياز ضد الأفارقة وأنها «لم تعد ذات جدوى». وأعلنت المحكمة المعنية في جنوب أفريقيا أن حكومة بريتوريا انتهكت دستور البلاد عندما امتنعت عن توقيف الرئيس السوداني.
واستقبل المئات من السودانيين الرئيس البشير بحفاوة، وقال وزير الخارجية إبراهيم غندور عقب عودة البشير إلى العاصمة السودانية الخرطوم إن «أعداء أفريقيا» كانوا وراء المحاولة الفاشلة لاعتقال الرئيس البشير خلال مشاركته في القمة الأفريقية. وأضاف: «المشاركة كانت من الممكن أن تكون طبيعية وبلا ضوضاء.. لكن أراد لها أعداء أفريقيا وأعداء السودان... أن يجعلوا منها دراما لحجب الأخ الرئيس من المشاركات الهامة».
ورغم صدور أمر قضائي ببقائه في جنوب أفريقيا لحين صدور الحكم على اعتقاله سمحت الحكومة للبشير بالمغادرة دون أي معوقات، واتهم الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا المحكمة الجنائية الدولية بالانحياز ضد الأفارقة وأنها «لم تعد ذات جدوى».
من جهته قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة محبطة من أن جنوب أفريقيا لم تتخذ إجراء لمنع الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي يواجه اتهامات بالإبادة الجماعية من مغادرة مؤتمر للاتحاد الأفريقي في جوهانسبورغ.
وأعرب المدعي العام المساعد للمحكمة الجنائية الدولية عن «خيبة أمله» لعدم قيام السلطات في جنوب أفريقيا بتوقيف الرئيس البشير. وقال جيمس ستيورات مساعد المدعية العامة لهذه المحكمة فاتو بنسودا: «نحن نشعر بخيبة أمل لعدم توقيفه»، مضيفا: «إن موقفنا كان على الدوام أن الواجب الملقى على جنوب أفريقيا واضح، وكان عليها توقيفه». لكن ستيوارت أضاف: «في نهاية المطاف، هذا الأمر يمكن أن يزيد قوتنا ولا يشكل نكسة كما يمكن أن يظن البعض». وهي المرة الأولى التي يحاول فيها القضاء في دولة منع رئيس دولة يتولى مهامه من مغادرة أراضيها بموجب طلب من المحكمة الجنائية الدولية. وأشار ستيوارت إلى أن مكتب المدعية يمكن أن يطلب إحالة عدم تعاون حكومة جنوب أفريقيا إلى مجلس الأمن الدولي.
وجنوب أفريقيا من الدول الموقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وملزمة بتنفيذ أوامر الاعتقال، لكن السماح للبشير بمغادرة البلاد يؤكد حدوث تغيير في الأولويات الدبلوماسية للحكومة وأن المصالح الأفريقية باتت تطغى على مصالح الغرب.
ويمثل القرار أيضا ضربة للمحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي التي لم توجه أي إدانات سوى لاثنين من زعماء الميليشيات الأفريقية غير المعروفين منذ بدء عملها في 2002 وتكافح لمحاسبة أصحاب النفوذ الذين يحاكمون داخل دولهم.
وغادر الرئيس السوداني قاعدة ووتركلوف الجوية العسكرية في صباح أمس عائدا إلى العاصمة السودانية الخرطوم. وبعد ذلك بساعات أيد القاضي دونستان ملامبو طلبا لمنظمة حقوقية كانت تطالب باعتقاله، وقال إن عدم اعتقاله يخالف الدستور. وقال ملامبو: «المدعى عليهم ملزمون على الفور باتخاذ كل الخطوات المعقولة لاعتقال الرئيس البشير». وقال ويليام موخاري محامي الحكومة إن إدارة الشؤون الداخلية ستحقق في مغادرة البشير.
وقال ثوكوان مولوتو، وهو محامٍ في المحكمة الجنائية الدولية يراقب إجراءات تنفيذ القرار، إنه «من المقلق جدا السماح للبشير بمغادرة جنوب أفريقيا». وتابع مولوتو: «لم يكن يجب أن يسمح له بالمغادرة، فهذا يعد من المسائل القانونية وليس السياسية». وقال حزب التحالف الديمقراطي، وهو حزب المعارضة الرئيسي في جنوب أفريقيا: «لقد وصلت الحكومة إلى منحدر مشين وساخر، وأثبتت للعالم أنها لا تؤمن بالعدالة في الجرائم الدولية الخطيرة».
البشير يعود إلى الخرطوم متحديًا المحكمة الجنائية الدولية.. واستياء في واشنطن
وزير الخارجية السوداني: «أعداء أفريقيا» كانوا وراء المحاولة الفاشلة لاعتقال الرئيس
البشير يعود إلى الخرطوم متحديًا المحكمة الجنائية الدولية.. واستياء في واشنطن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة