بريطانيا تحتفل بـ800 عام من سيادة القانون بحماية «العهد الأعظم»

كاميرون: «الماغنا كارتا» غيرت العالم وألهمت الناس حول العالم

جنود بريطانيون أثناء حفل ذكرى مرور 800 عام على إقرار «ماغنا كارتا» في لندن (رويترز)
جنود بريطانيون أثناء حفل ذكرى مرور 800 عام على إقرار «ماغنا كارتا» في لندن (رويترز)
TT

بريطانيا تحتفل بـ800 عام من سيادة القانون بحماية «العهد الأعظم»

جنود بريطانيون أثناء حفل ذكرى مرور 800 عام على إقرار «ماغنا كارتا» في لندن (رويترز)
جنود بريطانيون أثناء حفل ذكرى مرور 800 عام على إقرار «ماغنا كارتا» في لندن (رويترز)

تصدرت الملكة إليزابيث البريطانية أمس احتفالات ذكرى مرور 800 عام على وثيقة «الماغنا كارتا»، التي تعتبر أولى خطوات إرساء دعائم الديمقراطية وسيادة القانون والمساواة في المملكة المتحدة.
وتوجهت الملكة إلى رونيميدي غرب لندن صباح أمس، حيث صادق الملك جون على الوثيقة في 15 يونيو (حزيران) 1215، ليطلق مسيرة إصلاحات متعثرة أدت أخيرا إلى النظام السياسي الليبرالي الغربي القائم حاليا.
و«الماغنا كارتا» هي كلمتان لاتينيتان، معناهما في العربية «العهد الأعظم». وبمقتضى هذا العهد أجبر الملك جون على أن يمنح الطبقة الأرستقراطية البريطانية كثيرا من الحقوق، بينما لم ينل المواطن البريطاني العادي من الحقوق سوى الشيء القليل.
والخطأ الشائع القول بأن «الماغنا كارتا» كفلت الحريات الفردية لجميع الشعب، ففي القرون اللاحقة، أضحت نموذجا يحتذى بالنسبة لأولئك الذين طالبوا بإقامة حكومات ديمقراطية وكفالة الحقوق الأساسية لكل مواطن، أما في الوقت الذي صدرت فيه، فكانت أهميتها الكبرى في إخضاع الملك لحكم القانون، وكبح جماح السلطة المطلقة.
ويرجع للميثاق الأعظم الفضل في إلهام المصلحين الديمقراطيين في بريطانيا وغيرها من الدول ومن بينهم أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة توماس جيفرسون، والسياسي البارز والزعيم الروحي للهند المهاتما غاندي. وألقى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خطابا أمام الجمهور، قائلا: «ما حدث هنا في هذه المروج منذ ثمانية قرون وثيق الصلة بما نحن عليه. ويمتد أثره إلى أبعد من بريطانيا». وحضر زوج الملكة الأمير فيليب وأعضاء العائلة المالكة ورموز عالمية من بينهم وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش الاحتفالات، حيث أكد كاميرون أن الوثيقة غيرت العالم وألهمت الناس حول العالم، بما فيهم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة مرورا بزعيم الاستقلال الهندي المهاتما غاندي ووصولا إلى نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا. وقال كاميرون في الحفل: «قد تلاشت النسخ المتبقية منها لكن مبادئها لا تزال منيرة أبدا».
وصرح رئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت في كانبرا إن وثيقة الماغنا كارتا: «ما زالت تمثل حجر أساس هامًا للغاية لديمقراطيتنا». وحيا وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الوثيقة، مؤكدا على أن «الوثيقة التاريخية هي رمز للديمقراطية عميقة الجذور في المملكة المتحدة». وقال هاموند خلال الاحتفالات الرسمية: «أنا فخور جدا بالمشاركة في هذه الاحتفالات، سواء كوزير للخارجية أو نائب عن رونيميد. هذه بريطانيا العظمى في أفضل حالاتها، تعرض التقاليد والقيم التي تقوم عليها الديمقراطية الحديثة والتي تدعم اقتصادنا الديناميكي».
وأضاف الوزير البريطاني: «الماغنا كارتا هي رمز للديمقراطية عميقة الجذور في المملكة المتحدة قصة تطور عن كونها ثورة ترسيخ المبادئ والمؤسسات التي تدعم المجتمعات الناجحة، نحن فخورون بأن نتقاسم تجربتنا مع آخرين يخوضون رحلتهم الخاصة إلى الديمقراطية، وستواصل المملكة المتحدة الدفاع عن قيم النظام الدولي القائم على القواعد التي يمكن تتبع أصولها إلى هذه الوثيقة التاريخية».
وأعلن رئيس مجلس العموم البريطاني جون بيركو أن «ماجنا كارتا تجسد مبادئ عززت تأسيس الديمقراطية البرلمانية بالإضافة إلى النظام القانوني في المملكة المتحدة وحول العالم». وكشف بيركو أمس بحضور هاموند وكاميرون خلال سلسلة من الفعاليات الرسمية عن تمثال برونزي للملكة البريطانية.
وتم تنظيم أكثر من 250 حفل شاي حول العالم أمس، بما في ذلك حفلات وفعاليات في هونغ كونغ وباكستان وأماكن أخرى. وانضم مئات المواطنين إلى فعاليات خاصة بهذه المناسبة في مكتبات ومتاحف ومقرات حكومات محلية وقصور تاريخية، وحتى في مدخل كاتدرائية سالزبوري في المملكة المتحدة التي ترجع إلى 900 عام.
وتم خلال الفعاليات مناقشة عدد من القضايا مثل الحقوق والسياسة، بما في ذلك مناقشة التوازن بين الخصوصية الشخصية والأمن العام في منزل عائلة رئيس الوزراء الأسبق ونستون تشرشل في مدينة تشارتويل البريطانية.
ويذكر أن الوثيقة تنادي عبر القرون الماضية بأهمية سيادة القانون، ولا يعتبر ذلك حفظ نصوصه فقط، بل فهم ما يرمز له القانون ومبادئه، وبذل أفضل الجهود لتطبيق هذه المبادئ.
وتؤكد الوثيقة، التي تحتوي على 63 مادة، أنه في غياب سيادة القانون لا يمكن أن تسفر جهود أي دولة لتعزيز الديمقراطية عن أي نتيجة، وإرساء أي شكل من أسس ازدهار الدول. ويحتوي الميثاق الصادر في عام 1215 على عدة أمور منها مطالبة الملك بأن يمنح حريات معينة وأن يقبل تقييدا على حريته وألا تصبح مطلقة، وأن يوافق علنا على عدم معاقبة أي حر إلا بموجب قانون الدولة. وظهرت «الماغنا كارتا» للوجود في فترة تحول سياسي كبير بإنجلترا في ظل خلاف بين الملك جون ونبلائه والكنيسة الإنجليكانية.



بايرو للسعي إلى «مصالحة» بين الفرنسيين

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

بايرو للسعي إلى «مصالحة» بين الفرنسيين

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

بعد أكثر من أسبوع من الترقب، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حليفه فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء، على أمل تجاوز الأزمة الكبرى التي تعانيها فرنسا منذ حلّ الجمعية الوطنية في يونيو (حزيران) وإجراء انتخابات لم تسفر عن غالبية واضحة.

ويأتي تعيين بايرو، وهو سياسي مخضرم يبلغ 73 عاماً وحليف تاريخي لماكرون، بعد تسعة أيام من سقوط حكومة ميشال بارنييه إثر تصويت تاريخي على مذكرة لحجب الثقة دعمها نواب اليسار واليمين المتطرف في الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

وعبّر رئيس الوزراء الفرنسي الجديد عن أمله في إنجاز «مصالحة» بين الفرنسيين، لكنَّه يواجه تحدياً كبيراً لتجاوز الأزمة القائمة. وقال بايرو في تصريح مقتضب للصحافيين: «هناك طريق يجب أن نجده يوحد الناس بدلاً من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية».

وبذلك يصبح بايرو سادس رئيس للوزراء منذ انتخاب إيمانويل ماكرون لأول مرة عام 2017، وهو الرابع في عام 2024، ما يعكس حالة عدم استقرار في السلطة التنفيذية لم تشهدها فرنسا منذ عقود.

ويتعيّن على رئيس الوزراء الجديد أيضاً التعامل مع الجمعية الوطنية المنقسمة بشدة، التي أفرزتها الانتخابات التشريعية المبكرة. وقد أسفرت الانتخابات عن ثلاث كتل كبيرة، هي تحالف اليسار والمعسكر الرئاسي الوسطي واليمين المتطرف، ولا تحظى أي منها بغالبية مطلقة.

وقالت أوساط الرئيس إن على بايرو «التحاور» مع الأحزاب خارج التجمع الوطني (اليمين المتطرف) وحزب فرنسا الأبية (اليسار الراديكالي) من أجل «إيجاد الظروف اللازمة للاستقرار والعمل».