بعيدا عن كاميرات الصحافيين، تواصلت المحادثات في بروكسل، خلال عطلة نهاية الأسبوع، ووصفت بأنها محادثات صعبة، بين الحكومة اليونانية والأطراف الدائنة، وتركزت حول المقترحات الجديدة التي حملها وفد اليونان الذي وصل إلى بروكسل السبت للمشاركة في محاولة أخيرة لتحقيق التقارب في وجهات النظر، وبوتيرة أسرع من السابق، وذلك قبل فتح الأسواق المالية الأوروبية صباح الاثنين، وأيضا قبل حلول موعد الثامن عشر من الشهر الحالي، موعد انعقاد اجتماع وزراء المال لدول منطقة اليورو، والمقرر لاتخاذ قرار حول خطوات أثينا لتحقيق الإصلاحات المطلوبة، حتى تحصل على حزمة مالية من صندوق الإنقاذ، هي الآن في أشد الاحتياج إليها لسداد ديونها وتفادي الإفلاس.
وحسب كثير من المراقبين في بروكسل، فإن الحكومة اليونانية قد تتجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بتسوية وضعيتها المالية وضمان استمرار حصولها على الأموال الضرورية وتجنب التخلف عن السداد. وقالت تقارير إعلامية أوروبية إن أثينا ما زالت تأمل في التوصل إلى «تسوية صعبة» مع دائنيها، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لتفادي الإفلاس. وسبق أن وعد رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس بتكثيف المحادثات مع المؤسسات المالية للتوصل إلى اتفاق.
وأثينا مطالبة بتسديد قروض تتجاوز مليارا ونصف مليار يورو قبل نهاية يونيو (حزيران) إلى صندوق النقد الدولي، بينما لا تزال هناك شكوك حول قدرتها على الالتزام بهذا الاستحقاق إذا لم تحصل على ما يزيد على سبعة مليارات يورو، وهي الدفعة الأخيرة المفترض أن تحصل عليها في إطار خطة المساعدة التي أقرت لها سابقا، إلا أن الإفراج عن هذه الدفعة رهن بتطبيق إصلاحات تجري مفاوضات صعبة بشأنها بين اليونان ودائنيها منذ قرابة أربعة أشهر.
وحسب مصادر بروكسل، «عرض وفد يوناني رفيع المستوى في بروكسل في إطار المحادثات التي استؤنفت بين الجانبين السبت، المقترحات اليونانية الجديدة، على أمل تجاوز الخلافات مع الجهات الدائنة وضمان استمرار السيولة في البلاد». وكان مصدر حكومي يوناني قال إن المقترحات تركز على قضايا الميزانية، وإن أثينا تأمل في التوصل إلى اتفاق بحلول 18 يونيو.
وعلى الجانب الآخر فإن سيناريو إفلاس اليونان كان موضوع نقاش عدد من كبار مسؤولي دول منطقة اليورو في حال فشل محادثاتها مع الجهات الدائنة التي انطلقت السبت في بروكسل، بحسب ما ذكرته تقارير إعلامية في عاصمة أوروبا الموحدة.
ويتعين على اليونان ودائنيها، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، التوصل إلى اتفاق حول برنامج إصلاحات وتقشف في الميزانية قبل دفع مساعدة بقيمة 7.2 مليار يورو لأثينا. وإذا فشلت المفاوضات فإن أثينا قد لا تتمكن من دفع مبلغ هام من دينها لصندوق النقد الدولي نهاية يونيو لتجد نفسها عمليا في حالة عجز وإفلاس. وقال جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو في تعليق على هذا الأمر: «لقد شرحنا أكثر من مرة بأنّ هناك القليل من الوقت. ما تبقى من وقت في غاية الأهمية، خصوصا بالنسبة لليونانيين. من ناحية أخرى لست خائفا. لا توجد سوى صفقة ممكنة إذا كان جوهر الاتفاق يتناسب معنا».
الإجراءات التقشفية الصارمة التي فرضها الدائنون على أثينا فجرت الغضب الشعبي في اليونان أكثر من مرة حيث لم تتوقف الاحتجاجات الشعبية المناهضة للتقشف بالإضافة إلى مشكلات أخرى كالبطالة وخفض الأجور والمعاشات واعانات البطالة وزيادة الضرائب. وكانت اليونان أقرت إجراءات تقشفية صارمة جديدة الأسبوع الماضي، تشمل رفعا للضرائب وتخفيضا للنفقات العامة، فيما نسب البطالة ما فتئت ترتفع منذ بداية الأزمة المالية، إذ تضاعفت النسبة في اليونان لأكثر من ثلاث مرات منذ ألفين وثمانية، لتتجاوز خمسة وعشرين في المائة من عدد القوى العاملة.
وقبل أيام عبرت المفوضية الأوروبية عن عدم رضاها عن النسخة الأخيرة من المقترحات التي قدمتها لها اليونان الثلاثاء الماضي، حول الإصلاحات المفترض القيام بها لتحصل أثينا، على دفعة إضافية من المساعدات المالية الضرورية للوفاء بالتزاماتها الدولية وفي هذا الإطار، أوضح المتحدث باسم المفوضية ماغاريتس شيناس، أن الجهاز التنفيذي الأوروبي لا يرى أن المقترحات التي قدمتها أثينا تتناسب والاتفاق الموقع بين اليونان ودائنيها الدوليين في فبراير (شباط) الماضي، ولا مع مضمون محادثات رئيس المفوضية جان كلود يونكر، ورئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، قبل أيام في بروكسل.
وتتبادل بروكسل وأثينا عملية إرسال مقترحات متبادلة سعيًا للتوصل إلى اتفاق يسمح للدائنين الأوروبيين والدوليين بالاستمرار في مساعدة اليونان، التي تقف على حافة الإفلاس وتطالب بروكسل والأطراف المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي الطرف اليوناني بإجراء مزيد من الإصلاحات الهيكلية العميقة لسد العجز المالي وتصحيح موازنة البلاد، بينما تبدو السلطات في أثينا غير مستعدة تمامًا لدفع الثمن الاجتماعي المقابل لذلك، خصوصا أن البلاد تخضع منذ سنوات لبرنامج تقشف اقتصادي قاسٍ كلفها كثيرا على الصعيد الاقتصادي وسوق العمل، وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إن «العمل مستمر على مستوى تقني في محاولة لردم الهوة بين مختلف الأطراف والتوصل إلى اتفاق». ويتعين أن توافق دول مجموعة اليورو الـ19، التي تضم أهم الأطراف الأوروبية التي أقرضت اليونان، بالإجماع على الاتفاق قبل تحرير الأموال فعلاً.
وتتعثر المفاوضات بين بروكسل وأثينا حول قضايا محددة مثل إصلاح نظام التقاعد ورفع ضريبة القيمة المضافة على الكهرباء وتتهم المفوضية الأوروبية أثينا بالمناورة بعد أن رفض تسيبراس خطة قدمها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكي: «في كل الحالات الاتفاق ممكن، ولكنه يتطلب إرادة سياسية قبل كل شيء من جانب اليونانيين، وبالتالي من المهم بالنسبة إليهم أن يقوموا بأقل مناورات تكتيكية، ويركزوا على العمل الفعلي خلال الأيام المقبلة».
وتقف حكومة رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس على حافة الإفلاس، وتحتاج عاجلا إلى أكثر من سبعة مليارات يورو لسداد مستحقاتها المالية قبل نهاية الشهر الحالي، بموجب خطة إنقاذ مالي أقرت عام 2012.
بروكسل: تسريع وتيرة التفاوض لإيجاد حلول للخلافات بين اليونان والأطراف الدائنة
المقترحات الجديدة تركز على ملف الميزانية بالتزامن مع نقاش أوروبي حول احتمال إفلاس أثينا
بروكسل: تسريع وتيرة التفاوض لإيجاد حلول للخلافات بين اليونان والأطراف الدائنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة