تكمل مصر اليوم (الأحد) عامها الثالث في غيبة البرلمان، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا صيف عام 2012 بحل المجلس الذي هيمن عليه حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وبينما يكتنف الغموض موعد انتخاب مجلس النواب (المسمى الجديد لمجلس الشعب)، تحمل الأحزاب الحكومة مسؤولية تأخير ثالث استحقاقات خريطة المستقبل، لكن مستشار مجلس الوزراء لشؤون الانتخابات، اللواء رفعت قمصان قال لـ«الشرق الأوسط» إن الإرادة السياسية لإجراء الاستحقاق النيابي متوفرة، مؤكدا أن الانتخابات ستجري قبل نهاية العام الحالي.
ومنذ انتخابات مجلس الشعب في عام 2010 خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، لم ينعقد المجلس التشريعي لأكثر من ثلاثة أشهر. ومرت مصر خلال الأعوام الخمسة الماضية باضطرابات سياسية حادة، وأطيح بنظامي حكم، لكن قوى سياسية ورموزا دينية توافقوا مع قادة الجيش صيف العام قبل الماضي على خريطة للمستقبل تضمنت إجراء انتخابات رئاسية، وتعديل دستور البلاد، وانتخاب برلمان. وفيما تحفظت دول غربية وأفريقية على عزل الرئيس الأسبق في يوليو (تموز) 2013، بدت جدية السلطات المصرية في إجراء الاستفتاء على الدستور الجديد والانتخابات الرئاسية أبرز العوامل التي كسرت الحصار الذي فرض على البلاد حينها.
لكن لا يزال موعد الوفاء بثالث الاستحقاقات يكتنفه الغموض. وقال ناجى الشهابي رئيس حزب الجيل إن «تسويف الحكومة ولجنة الوزير (إبراهيم) الهنيدي (رئيس لجنة إعداد مشروعات القوانين المنظمة للانتخابات) في إعداد قوانين للانتخابات يسبب إحراجا دوليا شديدا للرئيس، ويجعل البلاد محل انتقادات كثيرة نحن في غنى عنها».
وترفض الحكومة تحميلها مسؤولية تأخير الانتخابات، وقال اللواء قمصان لـ«الشرق الأوسط» إن الدعوة لإجراء الانتخابات تمت بالفعل، وتحدد جدول مواعيد جولات الاقتراع وجولات الإعادة، لكن حكما قضائيا أرجأ الانتخابات.. هذا دليل قاطع على جدية الحكومة.
ويشير اللواء قمصان إلى حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية مواد في قانون تقسيم الدوائر مطلع مارس (آذار) الماضي، مما تسبب في تأجيل الانتخابات التي كان مقررا انطلاقها الأسبوع الأخير من شهر أبريل (نيسان) الماضي.
لكن الانتخابات البرلمانية التي كان يفترض الانتهاء منها خلال ستة أشهر من إقرار الدستور في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، تأجلت أكثر من مرة لتأخر صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية.
وقال الدكتور وحيد عبد المجيد، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن أحدا لا يشكك في أن الانتخابات ستجري في لحظة ما، لكن تأخرها يؤدي إلى مزيد من الارتباك في المشهد السياسي ومزيد من الأخطاء في إدارة السياسات العامة والتشريعات، وبالتالي تراكم تركة ثقيلة في غياب البرلمان.
وأضاف عبد المجيد أنه بالنظر لطبيعة القوانين المنظمة للانتخابات بات في حكم المؤكد أن تسفر الانتخابات عن مجلس تشريعي ضعيف غير قادر على معالجة الآثار السلبية لتلك التركة الثقيلة.
وفي أعقاب صدور حكم الدستورية العليا طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بتعديل القوانين المنظمة للانتخابات في غضون شهر، لكن لجنة تعديل القوانين التي يترأسها المستشار الهنيدي طلبت التمديد. وقال اللواء قمصان، وهو عضو في اللجنة المنوط بها إعداد القانون، إن اللجنة انتهت بالفعل من أعمالها، وأحيل مشروع القانون لمجلس الدولة لإبداء الرأي القانوني في المشروع.
وكانت مصادر في مجلس الدولة شكت من تأخر الحكومة في إمدادها بقوائم الناخبين، لكن الدكتور عبد الله مغازي، معاون رئيس مجلس الوزراء، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عن رغبة لدى الحكومة في تأجيل الانتخابات أمر غير صحيح بالمرة.. الحكومة جادة وعازمة على الانتهاء من ثالث استحقاقات خريطة المستقبل».
وأضاف مغازي الذي شغل منصب المتحدث الرسمي في حملة الرئيس السيسي خلال الانتخابات الرئاسية، أن «الحديث عن غموض المشهد السياسي لن يقف حجر عثرة أمام الانتخابات.. ما أستطيع تأكيده جازما بحكم اقترابي من الرئيس السيسي أنه قادر على التعامل مع البرلمان أيا كانت نتائج الانتخابات، بل إنه قادر بما لديه من رؤية مخلصة لمستقبل مصر على أن يقنع أعضاء البرلمان على تبني طريق بوصلته مصلحة مصر القومية».
وأكد الرئيس السيسي خلال لقاء جمعه بقادة أحزاب أواخر الشهر الماضي أن الانتخابات النيابية ستجري قبل نهاية العام، لكن حتى الآن لا تزال مشروعات القوانين المنظمة للانتخابات في أروقة مؤسسات الدولة.
مصر تكمل 3 أعوام في غياب البرلمان وسط غموض حول موعد الانتخابات
مستشار رئيس الحكومة: الإرادة السياسية متوفرة والاستحقاق النيابي قبل نهاية العام
مصر تكمل 3 أعوام في غياب البرلمان وسط غموض حول موعد الانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة