الدروز في إسرائيل يتحرّكون لنصرة إخوانهم في سوريا

قرا: لا حاجة للتدخل لكننا نعرف كيف نقوم بواجبنا لحماية أهلنا وراء الحدود

الدروز في إسرائيل يتحرّكون  لنصرة إخوانهم في سوريا
TT

الدروز في إسرائيل يتحرّكون لنصرة إخوانهم في سوريا

الدروز في إسرائيل يتحرّكون  لنصرة إخوانهم في سوريا

أعربت القيادات السياسية والدينية للطائفة العربية الدرزية في إسرائيل، خلال اجتماع لها عقد أمس (الجمعة)، في مقام الخضر في قرية كفر ياسيف، القريبة من مدينة عكّا، عن قلقها من أوضاع الدروز في سوريا، وذلك في أعقاب انسحاب قوات النظام السوري الأساسية من محافظة السويداء، حيث يقع أكبر تجمع للدروز في سوريا والعالم. وزاد القلق الأنباء الواردة من شمال سوريا عن المجزرة التي أوقعت بقرية قلب لوزة في ريف محافظة إدلب. بعد مناقشة الأوضاع وختام اللقاء، صدر بيان استنكر المجزرة في قرية قلب لوزة، وطالب بـ«منح الحماية والحضانة للقرى الدرزية في ريف إدلب»، من دون تسجيل عنوان لهذا المطلب. وجاء في البيان أن «جميع أبناء الطائفة الدرزية في البلاد يعبرون عن القلق الشديد إزاء الأخبار الواردة من سوريا ويناشدون القيادات الدرزية السورية بجميع أطيافها وتوجهاتها وحدة الصف والذود عن أبناء التوحيد». وأعلنوا عن «استمرار حملة التبرّعات الموحِّدة لجميع أبناء الطائفة في البلاد لمساندة وإغاثة أبناء التوحيد في سوريا عن طريق الرئاسة الروحية والهيئات الدينية». وأضاف المجتمعون في بيانهم إن «أبناء الطائفة المعروفية في البلاد موحّدون جميعًا ضد أي تعرّض أو تهديد لدروز سوريا وينادون جميع الأطراف في سوريا عدم الزج بإخوانهم في الأزمة السورية ويحذّرون من عواقب ذلك». وتابعوا «أبناء الطّائفة سيقدّمون الغالي والنفيس في سبيل إخوانهم وأهلهم وسيقومون بواجبهم التاريخي في المحافظة عن كيانهم ووجودهم في جبل الدروز (محافظة السويداء) وفي كل زمان ومكان».
المعروف أن الموحّدين الدروز في إسرائيل ملزمون بأداء الخدمة الجيش الإسرائيلي بموجب أوامر الخدمة الإلزامية. ولقد التقت قيادة الطائفة الدرزية في الفترة الأخيرة مع رئيس الدولة العبرية رؤوبين ريفلين ومع قائد هيئة الأركان العسكرية في الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، من أجل التحذير ممّا قد يصيب الدروز في سوريا إذا ما واصلت بعض فصائل المعارضة المتشددة مثل «داعش» و«جبهة النصرة» التقدّم باتجاه البلدات الدرزية. وفي خطوة غير معهودة، توجه قادة الطائفة الدرزية في إسرائيل هذا الأسبوع إلى المقاطعة في رام الله حيث التقوا مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وطلبوا منه بذل الجهود المساعدة في حماية الدروز بسوريا. وكانت تقارير قد تحدثت في الفترة الأخيرة عن تحسن في العلاقات بين النظام السوري والسلطة الفلسطينية.
وعلم أن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا من حاوروهم من الدروز أنهم لا يستطيعون التدخل العسكري. لكنهم مستعدون لتقديم مساعدات إنسانية، لسكان قرية حَضَر القريبة من خط الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان باعتبار أن ذلك منطقي أكثر. أما في حالة جبل الدروز - أو محافظة السويداء - فإن إسرائيل تتخوف من تفسير تقديم أي مساعدة للدروز على أنها تدخل مباشر في الحرب الأهلية في سوريا: «وتأمل إسرائيل أن ينجح مئات الآلاف من الدروز في منطقة جبل الدروز في تنظيم أنفسهم من أجل حماية أنفسهم وتلقي المساعدة والسلاح عبر الحدود الأردنية السورية»، كما قالوا وفقًا لأحد المشاركين في اللقاءات.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن أيوب قرا، نائب وزير التطوير الإقليمي في إسرائيل، وهو درزي، زار الأردن في الأيام الأخيرة والتقى عددا من المسؤولين الأردنيين وكذلك مسؤولين سوريين من النظام والمعارضة. وقال قرا في رد على أسئلتنا إن «الدروز ليسوا بحاجة إلى دعم إسرائيل. فهم قادرون على تجنيد 200 ألف جندي لحماية مناطقهم». وتابع: «أنا أكلمك الآن كابن للطائفة المعروفية وليس كمسؤول في الحكومة الإسرائيلية، وأقول لك إننا نساعد إخوتنا بأمور يمكن البوح بها وبأمور لا يمكن البوح بها».
وسألناه: «هل هم مع النظام أو مع المعارضة؟». فأجاب: «هم مع أنفسهم ومع الشعب السوري. النظام لا يهمه سوى الحفاظ على نفسه ومواقعه. والمعارضون المتطرفون من (داعش) و(جبهة النصرة) لا يؤتمنون وهم معادون لكل من هو مخالف لهم في الرأي، أكان سنيًا أو درزيا أو مسيحيًا. ولذلك، فليس لأهلنا هناك سوى أنفسهم، ومعهم بعض القوى المخلصة للوطن السوري وللأمة العربية. ويقف معهم الأردن وكل الدول العربية المسؤولة التي تحارب الإرهاب والتطرف».
وكشف قرا أن قرار الحكومة الإسرائيلية إضافة 50 مليون متر مكعب من المياه إلى الأردن، جاء ضمن المساعدة لهذا البلد على استيعاب لاجئين من سوريا. وأن الأردن أبلغه أن أبوابه ستظل مفتوحة لاستيعاب اللاجئين السوريين من جبل العرب، إذا احتاجوا ذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.