فيما عده مراقبون «محاولة للفرار من نجاح الجيش المصري في تضييق الخناق عليه في شبة جزيرة سيناء»، يبحث تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي عن ثغرات جديدة في محافظات وادي النيل لتنفيذ هجمات إرهابية بدأها بموقعة معبد الكرنك في محافظة الأقصر، وأكد خبراء استراتيجيون وعسكريون، أن «حصار التنظيم في سيناء دعاه للتفكير بجدية في نقل عملياته إلى هذه المحافظات وهو ما بدا في نصائح تنظيم داعش، لـ(بيت المقدس) الموالي له خلال الفترة الأخيرة بنقل عملياته واستهداف أهداف مؤثرة من أجل إنهاك الجيش المصري». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»، إنها محاولة لاستهداف مناطق أكثر تأثيرا على المستوى المحلي والدولي ولتأكيد أن «الإرهاب ما زال مستمرا».
يأتي هذا في وقت، كشف فيه مصدر أمني مسؤول بالأقصر (جنوب مصر) عن «تشديدات تتم حاليا على الطرق الصحراوية المحاطة بالجبال لمنع اندساس عناصر بيت المقدس فيها لتنفيذ عمليات إرهابية خاصة عقب حادث معبد الكرنك»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطبيعة الجغرافية للوادي وامتداده على رقعة مترامية الأطراف، يسمحان بحرية تحرك العناصر المتشددة دون رقابة في أماكن مختلفة منه».
ويعد «أنصار بيت المقدس» واحدا من أقوى التنظيمات الجهادية التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء، والتي أعلنتها السلطات تنظيما إرهابيا، ويعتقد أنها الجماعة الأم وراء نشاط الجماعات المتشددة داخل البلاد. ونشطت الجماعة بقوة في شبه جزيرة سيناء عقب الإطاحة بنظام حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
ويقول مراقبون، إن «عناصرها ما زالوا يحتمون داخل كهوف في جبل الحلال الذي يقع في وسط سيناء التي تحدد فيها اتفاقية (كامب ديفيد للسلام) بين مصر وإسرائيل، عدد قوات الجيش المصري وتسليحه.. وأن بعضهم فر هاربا إلى الوادي لتأدية مهام محددة في أماكن سياحية وحدودية». وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخرا، أن «مصر حققت 90 في المائة من السيطرة على الإرهاب في سيناء».
وتبنى «بيت المقدس» قبل ذلك عددا من العمليات خارج سيناء على غرار المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية المصري السابق، اللواء محمد إبراهيم، ورغم عدم إعلان «بيت المقدس» مسؤوليته عن حادث الأقصر، فإن «أصابع الاتهام تشير إليه، وأنه يبحث عن موضع قدم له في محافظات الوادي»، وتزامن ذلك مع مزاعم أبو سفيان المصري، مسؤول تنظيم «بيت المقدس»، قبل أسابيع عن تأسيس فرع لـ«داعش» في محافظات الوادي بمصر.
ويؤكد الخبراء الاستراتيجيون والعسكريون، أن بحث «بيت المقدس» عن ثغرات في الوادي لا يخلو من دلالة، إذ إن محافظات الوادي من الأطراف المهمشة والمحرومة من الخدمات، فهي مناطق شديدة الفقر، والطبيعة الجغرافية الصعبة للصعيد وامتداده يسمحان بحرية تحرك العناصر المتشددة.
من جانبه، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء طلعت مسلم، إن نقل «بيت المقدس» لنشاطه في وادي النيل وارد الآن، «بعدما فشل في تحقيق أهدافه في سيناء سواء من حيث الغرض أو المكان، وبالتالي لجأ للبحث عن بدائل حتى لا يتم ترديد أن الإرهاب فشل في مهامه بسيناء، وفي محاولة منه أيضا لاستهداف مناطق مؤثرة لتحقيق ضربات ذات (شو إعلامي) محلي وعالمي مثل عملية معبد الكرنك». وأكد اللواء مسلم، أن «اتجاه (بيت المقدس) للوادي ليس معناه أنهم ابتعدوا عن سيناء»، موضحا أنه «لا يمكن استبعاد تكرار عملية استهداف الآثار مرة أخرى، سواء في الأقصر أو أسوان أو الفيوم أو المنيا».
لكنه في الوقت ذاته كشف عن أن «استهداف السياح في معبد الكرنك قد يكون الهدف منه هو مهاجمة الآثار، وهو أحد أساليب (داعش) و(القاعدة)، وبالتالي يمكن أن يكون تغيير الهدف بجانب المكان».
وعن ذلك التحول في فكر «بيت المقدس»، يشير الخبير الاستراتيجي مسلم، إلى أن «توقيت ما حدث في الأقصر لا يمكن فصله عن أكبر حملة يخوضها الجيش المصري في سيناء ضد (بيت المقدس). هذه الحملة الكبيرة، غير المسبوقة منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 وحتى الآن، أسهمت بلا شك في تضييق الخناق حول هذا التنظيم».
وتابع مسلم لـ«الشرق الأوسط»: «ربما كانت هذه المجموعة تنتوي تنفيذ عملية في وادي النيل بعد الأقصر، لكن أجهزة الأمن تحاصرها حاليا في عملية استباقية»، مؤكدا أن هناك عوامل مساعدة في وادي النيل وخصوصا في مناطق الآثار، حيث يسهل الاختفاء بين السياح في المناطق الأثرية، محذرا من أن بيت المقدس أمامه فرصة كبيرة في الوادي، إذا ما انتبهت أجهزة الشرطة لذلك.
ويتفق المصدر الأمني واللواء مسلم في أنهما يتوقعان أن تخفف تلك التطورات من حدة الاحتقان في سيناء، وأن الفترة القادمة ستشهد انحسارا كبيرا لهجمات أنصار بيت المقدس في سيناء، بالتزامن مع محاولة «اختيار أهداف أخرى» داخل الوادي، وهو ما يتطلب يقظة أكبر من الأمن والجيش على كل المحاور.
بينما قال المدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة المصرية، اللواء حسام سويلم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «(بيت المقدس) جماعة إرهابية تعرضت لضربات قوية من السلطات الأمنية المصرية، وبديهي أن تبحث عن أماكن أخرى غير التي أخفقت فيها»، متوقعا أن تكون هناك إمدادات مادية للتنظيم وتغيرات في طرق تنفيذ العمليات الإرهابية المقبلة الخاصة بالوادي.
وتتخوف السلطات الأمنية من استهداف المناطق السياحية وأكمنة الشرطة الثابتة بطول وادي النيل خلال الفترة المقبلة خاصة القريبة من الطرق الصحراوية، ويقول المصدر الأمني المسؤول، إنه «جرى اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية لذلك.. وسيجري وضع ذلك في الاعتبار»، لكنه أبدى تخوفه من وجود عناصر من «بيت المقدس» توجهت لمحافظات الوادي بالفعل، وكانت تنتوي القيام بعمليات إرهابية أخرى عقب عملية الكرنك بالأقصر.
تنظيم بيت المقدس المحاصر في سيناء يبحث عن ثغرات بمحافظات وادي النيل لتنفيذ هجماته
خبراء عسكريون: لاستهداف مناطق أكثر تأثيرا ولتأكيد أن «الإرهاب مستمر»
تنظيم بيت المقدس المحاصر في سيناء يبحث عن ثغرات بمحافظات وادي النيل لتنفيذ هجماته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة