يزداد تسارع معظم السيارات بمعدل 5 أميال أو ربما 10 أميال في الساعة، ولكن سيارة بوغاتي «فيرون غراند سبورت فيتس» تتسارع بمعدل 30 ميلا في الساعة كما يثبته صوت المحرك الذي يبدأ بجلبة ثم يصل إلى مستوى الهدير. ولكن سعادة محبي السرعة بهذه السيارة لن تكتمل فصولا فبعد 10 سنوات من بدء إنتاجها أعلنت بوغاتي أن عصر هذه السيارات قد شارف على الأفول، ما لم يفِ مصممون بريطانيون بوعدهم الذي ذكرت وكالة «رويتر» للأنباء بأنه إنتاج سيارة يصفونها بأنها ستكون مزيجا من سيارات فورمولا 1 وصاروخ الفضاء وطائرة نفاثة أسرع من الصوت.
كثير من متابعي إنجازات السيارات السريعة يعتقدون أن لا خليفة لسيارة بوغاتي، ولا للإبداع الذي حققه تصميم هذه السيارة التي كسرت جميع القواعد. بالنسبة لهم سيبقى عام 2005 ماثلا في ذاكرتهم لسبب واحد فقط وهو إطلالة سيارة بوغاتي فيرون.
وبالنسبة لصناعة السيارات، كانت أول لحظة انطلقت فيها فيرون تعادل في أهميتها هبوط أول رجل على سطح القمر، فهي تلك السيارة التي تبلغ سرعتها القصوى 253 ميلا في الساعة والسيارة التي وصلت قوة محركها إلى قرابة ألف حصان وظلت قادرة على التبختر بدلال في شوارع المدينة كما لو كانت فولكس فاغن «بولو».
قد يكون من الصعب تصديق مواصفات هذه السيارة حتى في وقتنا الحالي. أما في 2005 فكانت مواصفاتها أشبه بالخيال العلمي، فمحركها يحتوي على 16 أسطوانة وقوته تبلغ 987 حصانا كما أنها تحتوي على 10 مبردات (رادياتير) لتبريد المحرك الذي ينطلق من السكون إلى 62 ميلا في الساعة في غضون 2.5 ثانية فقط وإلى 124 ميلا في الساعة في غضون 7.3 ثوان وإلى 186 ميلا في الساعة في غضون 16.7 ثانية فقط، بينما يصل ثمنها إلى مليون ونصف مليون دولار تقريبا.
يوم أعلن عن وجودها في معرض جنيف للسيارات عام 2000، وصفها حينها رئيس مجموعة فولكس فاغن، مالكة بوغاتي، فيردناند بيش، بأنها «السيارة الأكثر إبهارًا والأعلى تقنية في عصرها».
نجح بيش في التخطيط لتحويل فولكس فاغن إلى واحدة من أكبر شركات السيارات في العالم بعد أن استحوذ على شركات سيارات عدة بينها بوغاتي ولامبورغيني وبنتلي.
قرر بيش منذ شرائه لشركة بوغاتي عام 1998 أن يكرس نفسه لهدف واحد وكان يخبر مهندسيه أنه لا توجد مشكلة يستعصى حلها، فبادئ ذي بدء كان المحرك القادر على توليد ألف حصان. وكان واضحا أن السيارة تحتاج إلى محرك يحتوي على 16 أسطوانة وهو أمر يصعب تنفيذه، لأن حجم المحرك يصبح ضخمًا إلى حد لا يسمح بوضعه داخل السيارة. لكن المهندسين تمكنوا من حل هذه المشكلة، فعمدوا إلى دمج محركين اثنين من المحركات ذات الثمانية أسطوانات في محرك واحد يحتوي على 16 أسطوانة بالإضافة إلى استخدام 4 شواحن توربينية.
وبعد العثور على حل لمشكلة المحرك، جاء دور البحث عن حل لمشكلة تبريد المحرك ومجموعة نقل الحركة، فمحرك سيارة بهذه المواصفات يتطلب مبرد عملاق لا يمكن بأي حال تركيبه بداخل السيارة بتصميمها المقترح، لكن الحل جاء في صورة 10 مبردات موزعين حول جسم السيارة. أما بالنسبة لتزويد المحرك بقوة 987 حصانا وعزم يصل لأكثر من 900 رطل للقدم، فكان يتطلب هذا المزيد من التفكير العميق.
وبغية تصميم أفضل صندوق تروس في عالم السيارات بتقنية القابض المزدوج الأوتوماتيكي كلفت شركة فولكس فاغن شركة ريكاردو البريطانية للأعمال الهندسية المتخصصة بتصميم صندوق تروس الذي يلائم قوة محرك فيرون.
وجاء ابتكار مكابح من ألياف الكربون وأقراص من كربيد السيليكون بحجم يعد الأكبر حينها ليحل مشكلة المكابح التي تمتلك من القوة ما يكفي لإيقاف السيارة أثناء تسارعها من السكون إلى 62 ميلا في الساعة في 2.3 ثانية.
ولكي تتمكن سيارة بهذه المواصفات من السير على الطرق، صممت لها شركة ميشلان، إطارات خاصة يبلغ ثمنها 24 ألف دولار. وبحلول سبتمبر (أيلول) 2005، أميط اللثام في مؤتمر صحافي عن فيرون عن السيارة الأسرع في العالم.
وبعد تدشينها، لحقت بها سيارة فيرون بغطاء قابل للطي ثم فيرون «غراند سبورت» التي خفّت سرعة انطلاقها من السكون إلى 62 ميلا في الساعة لتصل إلى 2.7 ثانية نتيجة الدعامات التي زودت بها لتعويض غياب السقف الثابت. ولكن ما زال بالإمكان قيادتها بسرعة تفوق المائتين ميل في الساعة.
وفي عام 2010 ظهرت فيرون «سوبر سبورت» بمحرك قوته 1182 حصانا وسرعة قصوى تبلغ 268 ميلا في الساعة لتؤكد بجدارة استحقاقها للقب أسرع سيارة أنتجت في العالم في مواجهة منافسة من شركات أميركية جديدة وواعدة مثل «هينيسي» و«إس إس سي».
وفي عام 2012 أخذت بوغاتي المحرك الموجود في سيارة «فيرون سوبر سبورت» ووضعته في سيارة «غراند سبورت» لتطرح سيارة «غراند سبورت فيتس».
لكن، كما برزت فيرون بسرعة، غابت عن الأنظار بشرعة فبعد بيع 450 سيارة منها وتكبد خسارة في كل سيارة بيعت، قررت بوغاتي وقف إنتاجها وتخلصت من آخر سيارة أنتجتها وأطلقت عليها «لا فينالي» - أي الأخيرة - بعيدًا عن صالة العرض التي صممتها خصيصًا للسيارات فيرون في مولشيم في شمال شرقي فرنسا، فوضعت بذلك حدا لإنتاج سيارة تشبه طائرة الكونكورد من حيث كونها فكرة تقليدية صممت بطريقة قلبت الموازين وتشبهها بتجسيدها لإبداع هندسي استثنائي.
ولكن هل يعني التوقف عن إنتاج بوغاتي فيرون نهاية أسطورة السرعة في عالم السيارات؟
أمل محبي السرعة بسيارة تخلف بوغاتي قد يأتي من بريطانيا هذه المرة وتحديدا من السيارة المسماة «بلادهاوند سوبر سونيك» التي يقول مصمموها إنها ستكون أول سيارة تصل سرعتها إلى 1600 كيلومتر في الساعة وقادرة على تسجيل رقم قياسي جديد عام 2016 المقبل.
ويقول مصممو السيارة البريطانيون إنهم يختبرون في سيارة «بلادهاوند» أقصى ما يمكن أن يصل إليه العلم بحيث ستكون حدثا محفزا للأبحاث في مجالات منها الديناميكية الهوائية والهندسة المستدامة عالية التقنية.
الفريق الذي يقف وراء «بلادهاوند» منهمك حاليا في بناء وتجميع السيارة المكونة من 3500 قطعة في مقره في مدينة بريستول، وذلك قبل الكشف المرتقب عنها في أغسطس (آب) المقبل.
وسيقود سيارة «بلادهاوند إس إس سي» الأسرع من الصوت قائد السرب، أندي غرين، صاحب الرقم القياسي الحالي في سرعة السيارات وهو 1228 كيلومترا في الساعة. وكان قد حققه عام 1997 بسيارة «ثراست إس إس سي».
وقال غرين إن سيارة «بلادهاوند» ستنطلق بسرعة أكبر من أي طائرة نفاثة تحلق على ارتفاع منخفض وأنها ستقطع 1.6 كيلومتر في 3.6 ثانية.
وخلال محاولة ضرب رقم قياسي جديد بسرعة 1600 كيلومتر في الساعة سينطلق غرين بسرعة تفوق سرعة انطلاق الرصاصة من المسدس، بفضل 3 صواريخ ومحرك نفاث «آي جيه 200» إنتاج «رولز رويس» المستخدم في طائرات تايفون الأوروبية المقاتلة. وسيستخدم المحرك الصاروخي لفترة وجيزة جدا من الوقت تصل إلى 20 ثانية تقريبا إلى أن تبلغ السيارة سرعتها القصوى.
«بوغاتي» الألمانية تحتجب عن أنظار عشاق السرعة و«بلادهاوند» البريطانية تعد بملء فراغها العام المقبل
كونكورد السيارات تودع الطرق لتدخل المتحف
«بوغاتي» الألمانية تحتجب عن أنظار عشاق السرعة و«بلادهاوند» البريطانية تعد بملء فراغها العام المقبل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة