«الاشتراكي» اليمني يربط مشاركته في «جنيف» بتغيير طريقة المشاورات

فتى يمني يحمل مواد غذائية حصل عليها من مجموعة إغاثية بمدينة تعز أمس (إ.ب.أ)
فتى يمني يحمل مواد غذائية حصل عليها من مجموعة إغاثية بمدينة تعز أمس (إ.ب.أ)
TT

«الاشتراكي» اليمني يربط مشاركته في «جنيف» بتغيير طريقة المشاورات

فتى يمني يحمل مواد غذائية حصل عليها من مجموعة إغاثية بمدينة تعز أمس (إ.ب.أ)
فتى يمني يحمل مواد غذائية حصل عليها من مجموعة إغاثية بمدينة تعز أمس (إ.ب.أ)

مع اقتراب موعد انعقاد المشاورات التي سترعاها الأمم المتحدة في جنيف، الأحد المقبل، بين الأطراف اليمنية، تؤكد مصادر سياسية يمنية أن التحضيرات للمشاورات بشأن تسمية القوى والمكونات السياسية التي ستشارك في مشاورات جنيف، لم تكتمل بعد، في ظل ما يطرح عن رفض كثير من القوى الطريقة التي اقترحتها الأمم المتحدة لإجراء المشاورات المرتقبة. واستبعد مصدر سياسي بارز في صنعاء، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تأجيل أو تأخير مشاورات جنيف لعدة أيام حتى استكمال الترتيبات، وعدّ أن كل ما يعتمل في الساحة اليمنية من طروحات سياسية يندرج في إطار «ضغط الساعة الأخيرة».
وطالب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، الدكتور عبد الرحمن السقاف، أمين عام الأمم المتحدة، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، ببحث طريقة أخرى لإجراء المفاوضات «بين مجموع القوى السياسية والمكونات المجتمعية من أجل وقف الحرب أولا واستعادة العملية السياسية سلميا.. نقترح أن يجتمع هؤلاء حول طاولة مستديرة، وبإمكان السيد الأمين العام أن يقوم بدوره وأن ينجح في مهمته بهذه الطريقة، لأنه سيضمن إلى جانبه حضورا مؤثرا لقوى السلام في البلاد، بدلا من تعويمها بين اصطفافيْن».
وقال السقاف إنه «بعد توجيه الشكر والتقدير للأمين العام للأمم المتحدة، السيد بان كي مون لدوره الشخصي الفاعل لحل الأزمة اليمنية.. الطريقة التي تم تصميمها لإجراء مشاورات جنيف بتقسيم المكونات السياسية إلى اصطفافين لا يتواجهان ولا يريان بعضهما البعض، وتصنيفهما على فئتين؛ الأولى المكونات السياسية من الداخل، مجموعة صنعاء، والثانية المكونات السياسية من الخارج، ووضع كل منهما في غرفة مستقلة عن الأخرى، لتجري المفاوضات بينهما بطريقة غير مباشرة، يقوم خلالها الأمين العام للأمم المتحدة بدور الوسيط متنقلا بين الطرفين.. هذه الطريقة لن ينتج منها سوى خلط للأوراق، بجمع رموز ومفاعيل الأزمة وصناعها، وتوزيع الأحزاب والمكونات السياسية بينهما».
وأشار السقاف إلى أنه «في هذه الطريقة مصادرة لجهود قوى السلام في البلاد، وهي اليوم كتلة وازنة ظلت وما زالت تنادي بالسلام وتعمل من أجل مستقبل البلاد الآمن والمستقر، من خلال دفاعها عن مكتسبات نضال الحراك السياسي السلمي الجنوبي والثورة الشبابية الشعبية والمتمثلة في مخرجات الحوار الوطني الشامل للحماية من الأطراف التي سعت وما زالت تسعى للالتفاف عليها والموجودين في الاصطفافين سالفي الذكر».
وأكد أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني، وهو واحد من أكبر الأحزاب السياسية في اليمن ولم يعلن موقفا مع أي من الأطراف المتقاتلة، وتقدم بمبادرات لوقف الحرب وحل الأزمة؛ منفردا وبمعية أحزاب أخرى، أن حزبه تلقى دعوة من الأمم المتحدة للمشاركة في مشاورات جنيف، في إطار القوى التي ستأتي من الداخل، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن مشاركة الحزب الاشتراكي في المشاورات ستكون «في ضوء تغيير الطريقة التي ستدار بها المشاورات، وهذا مهم للمشاركة».
في السياق ذاته، أكد مصدر في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أن حزبه لم يتلق، حتى اللحظة، دعوة من الأمم المتحدة للمشاركة في المشاورات المقررة في جنيف، التي من المتوقع أن تستمر لثلاثة أيام.
وبالتزامن مع حالة الانتظار التي تسود الشارع اليمني وكل المهتمين بالشأن اليمني في العالم، لانعقاد تلك المشاورات برعاية أممية، بعد توقف الحوار الذي كانت ترعاه الأمم المتحدة في صنعاء عبر مبعوثها السابق، جمال بنعمر، مطلع فبراير (شباط) الماضي، بسبب الانقلاب العسكري الذي نفذه الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ضد شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، تشهد الأوضاع الميدانية تصاعدا ملحوظا في العمليات العسكرية، حيث يصعد الحوثيون على جبهات القتال الداخلية، وبالأخص في مأرب وتعز، وفي الوقت نفسه يعلنون، كل يوم، استهداف مزيد من المواقع العسكرية السعودية على الحدود. ويصنف مراقبون هذه الإعلانات الحوثية في خانة «الانتصارات الوهمية والمزعومة التي يتم تسويقها لأنصارهم في الداخل».
وفي التطورات الميدانية، قتل نحو 10 من عناصر الميليشيات الحوثية في هجوم نفذته المقاومة في جبهة مديرية صرواح بمأرب، كما سقط عشرات المسلحين الحوثيين قتلى وجرحى في غارات جوية استهدفت مناطق تجمعاتهم في ريف محافظة عمران، الواقعة إلى الشمال من العاصمة صنعاء. وفي الوقت ذاته، هاجمت ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أمس، معسكرا للمجندين الجدد الذين انضموا إلى صفوف معسكرات الشرعية في محافظة الجوف اليمنية بشرقي البلاد، ويخوض الحوثيون مواجهات مسلحة في الجوف بوصفها واحدة من الجبهات المفتوحة التي يجري فيها الصراع، خاصة بعد إعلان القوات الموالية للشرعية في الجوف عن تجهيزها قوات برية لاجتياح محافظة صعدة، معقل المتمردين الحوثيين، والمجاورة للجوف.
وفي محافظة تعز، بجنوب صنعاء، سقط قتلى وجرحى في مواجهات عنيفة بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثيين وقوات صالح، في «جبل جرة» و«حي الزنوج»، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر محلية في تعز لـ«الشرق الأوسط» أن الأوضاع الإنسانية باتت غاية في الصعوبة، في ظل استمرار قصف الحوثيين للأحياء السكنية وكل كائن حي يتحرك في عدد من أحياء المدينة، في حين تواصل المقاومة تصديها لهجمات الميليشيات ومنعها من السيطرة على المدينة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.