شركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات تتراجع.. ورئيسها «يستدعى» إلى إسرائيل

ستيفان ريشار «يحب إسرائيل» وشركته «موجودة فيها لتبقى»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في رام الله (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في رام الله (أ.ف.ب)
TT

شركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات تتراجع.. ورئيسها «يستدعى» إلى إسرائيل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في رام الله (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى استقباله الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في رام الله (أ.ف.ب)

نجحت الضغوط الإسرائيلية الدبلوماسية والسياسية والإعلامية في لي ذراع ستيفان ريشار، رئيس شركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات، الذي أعلن الأربعاء الماضي من القاهرة، أنه ينوي إخراج شركته من إسرائيل ووضع حد لتعاونها مع شركة «بارتنر» الإسرائيلية الناشطة في القطاع نفسه. ومنذ أن انطلقت الحملة المضادة، حاول ريشار احتواء الموقف والتراجع عن مواقفه السابقة، فأكد يوم السبت أنه «فهم خطأ» وأن شركة «أورانج» «موجودة في إسرائيل لتبقى». لا بل إنه ذهب إلى تأكيد أنه «يحب إسرائيل». غير أن هذه التصريحات التي تتناقض مع ما أعلنته شركته في بيان الأسبوع الماضي، وفيها أنه «لن يعتذر» عن أي شيء صدر عنه، لم تكن كافية بالنسبة لإسرائيل التي أرادت على ما يبدو تحويله إلى «مثال» يحتذى به لكل من يحاول الترويج لمقاطعة إسرائيل.
منذ البداية، أكد ريشار أن قرار فسخ العقد المبرم بين شركته وشركة «بارتنر» الإسرائيلية محض تجاري ولا علاقة له بحملة المقاطعة لإسرائيل التي تتطور عبر العالم. ومعلوم أن العقد الموقع بين الجانبين يعود لوقت كانت فيه «أورانج» شركة بريطانية قبل أن تشتريها شركة «فرانس تلكوم» التي تحولت لاحقا إلى «أورانج». والحال أن المشكلة تكمن في أن «بارتنر» موجودة كذلك في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مما حمل منظمات غير حكومية ونقابات فرنسية إلى اتهام «أورانج» بدعم الاحتلال المعتبر غير شرعي بحسب القانون الدولي، بشكل غير مباشر. وطالبت المجموعة ريشار بالإسراع في إعلان فسخ العقد مع «بارتنر» والانسحاب من إسرائيل، وهو ما أكده الأربعاء الماضي في القاهرة.
حتى اليوم، لم تهدأ الحملة الإسرائيلية على ريشار الذي «استدعي» إلى إسرائيل ليقدم التفسيرات اللازمة. وجاء «الاستدعاء» بشكل دعوة وجهت له للتوجه إلى إسرائيل بعد التعليمات التي أعطيت للسفير الإسرائيلي في فرنسا، يوسي غال، برفض استقباله في باريس واقتراح دعوته إلى إسرائيل، الأمر الذي قبله ريشار، لكن لم يحدد لحد الآن موعدًا للقيام بها. ولا شك أنه سيتعرض هناك لحملة ضغوط إضافية سياسية واقتصادية وإعلامية يرجح أن تقوده في نهاية المطاف إلى التخلي عما أعلنه في القاهرة.
وكان لافتا تصريح نفتالي بينيت، وزير التربية الإسرائيلي وزعيم حزب متطرف يدعو إلى تكثيف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ اعتبر أن «تعبئة أصدقاء إسرائيل من اليهود وغير اليهود عبر العالم قد نجحت»، مضيفًا أن الضغوط «فعلت فعلها و(أورانج) صححت المسار كما أنها اعتذرت». وفي رسالة تهديد واضحة موجهة إلى الخارج، أعلن بينيت، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية يوم الأحد، أنه يتعين على «المؤسسات والشركات التي تنوي مقاطعة إسرائيل أن تعي أننا سنرد على ذلك وأن عشرات الملايين من أنصار إسرائيل عبر العالم يتمتعون بقوة شرائية مرتفعة وأنهم قادرون على مقاطعة (تلك الشركات)».
وأمس، أدلى نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق ورئيس الحزب اليميني «الجمهوريون» الذي حل اسمه محل «الاتحاد من أجل حركة شعبية» بدلوه في الجدل. وقال ساركوزي الموجود في إسرائيل للقاء بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن أي مقاطعة لإسرائيل «لا يمكن قبولها» وأنه «ليس عبر المقاطعة يمكن التوصل إلى سلام»، نافيا أن يكون ريشار قد خضع لضغوط للانسحاب من إسرائيل. ومن المعروف أن ساركوزي يدين بالولاء لإسرائيل ويفتخر بأنه «صديق» لنتنياهو.
بيد أن شركة «أورانج» لم تصدر أي بيان رسمي تبين فيه ما تنوي القيام به بعد الحملة الإسرائيلية، حيث إنها تجد نفسها في موقع حرج بين الجمعيات والمنظمات والنقابات التي تحثها على الخروج من إسرائيل من جهة وبين الضغوط المضادة التي تتعرض لها في فرنسا وإسرائيل وبعض البلدان الأخرى. ومنذ اندلاع الجدل، احتمت الشركة بتأكيد أن ما تقوم به مجرد من أية خلفية سياسية وهو اقتصادي تجاري محض. فهل ستحتفظ بهذا الموقف أم أن قول ريشار لصحيفة إسرائيلية السبت الماضي، إن «أورانج موجودة في إسرائيل لتبقى»، يعني أنها تريد طي الملف بأسرع وقت ممكن وأنها اختارت «الخضوع» للضغوط سبيلا للوصول إلى هذا الهدف؟.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.