سيطرة «داعش» على الأنبار توقف أكبر مشروع استثماري نفطي عراقي ـ أردني

بحث بدائل لمسار خط أنابيب مرتقب إلى العقبة.. وأحد الخيارات مده بمحاذاة الحدود السعودية

سيطرة «داعش» على الأنبار توقف أكبر مشروع استثماري نفطي عراقي ـ أردني
TT

سيطرة «داعش» على الأنبار توقف أكبر مشروع استثماري نفطي عراقي ـ أردني

سيطرة «داعش» على الأنبار توقف أكبر مشروع استثماري نفطي عراقي ـ أردني

بينما أقرت وزارة النفط العراقية، أمس، بأن سيطرة تنظيم داعش على محافظة الأنبار أوقفت أكبر مشروع استثماري مشترك بين العراق والأردن لنقل النفط العراقي من قضاء حديثة غربا إلى ميناء العقبة الأردني، عد مجلس محافظة الأنبار تأكيد بغداد أنها تدرس بدائل لمسار أنبوب النفط المقترح مؤشرا على أن الحكومة العراقية غير مرتاحة لمستقبل الوضع الأمني في المحافظة.
وكان وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني إبراهيم سيف أعلن أن بلاده تبحث عن مسارات بديلة بمحاذاة الحدود السعودية لمشروع مد أنبوب لنقل النفط العراقي إلى الأردن. وقال سيف، في تصريح أمس، إن «اللجان الفنية الأردنية شاركت في اجتماعات في بغداد بخصوص أنبوب النفط مع العراق، وعادت إلى عمان قبل أيام»، مشيرا إلى أن «الجانب العراقي يظهر مرونة عالية في موضوع تنفيذ الأنبوب الذي سينقل النفط عبر أراضي الأردن حتى ميناء العقبة، ومنه للخارج». وأوضح أن «الأنبوب يشكل مصلحة استراتيجية للبلدين، وأن الدراسات الفنية للمشروع أنجزت وتجري الآن دراسة المسارات البديلة للمشروع بمحاذاة الحدود مع السعودية».
وبينما لم يعط الوزير الأردني المزيد من التفاصيل حول الأسباب التي دفعت المسؤولين في البلدين للبحث عن مسارات بديلة للأنبوب الذي يبلغ طوله نحو 1700 كم وتقدر كلفته بنحو 18 مليار دولار، ومن المفترض أن ينقل مليون برميل يوميا، فإن وزارة النفط العراقية، وعلى لسان المتحدث الرسمي باسمها عاصم جهاد، أبلغت «الشرق الأوسط» بأن «هذا المشروع هو مشروع استثماري، وهناك عدة جهات وائتلافات نفطية تتنافس عليه، وبالتالي لا الحكومة العراقية ولا الأردنية سوف تدفع فلسا واحدا لتنفيذه، غير أن الأردنيين متحمسون جدا لتنفيذه لأسباب تتعلق بالداخل الأردني وحاجتهم إلى النفط، وما يمكن أن يدره هذا المشروع من إيرادات».
وردا على سؤال بشأن إعلان الوزير الأردني البحث عن مسارات جديدة بدلا مما هو متفق عليه وفقا للدراسات الفنية بحيث يكون المسار الجديد بمحاذاة الحدود مع السعودية، وما إذا كان ذلك يعني صعوبة استعادة الأنبار من «داعش»، قال جهاد إن «الحديث عن مسارات بديلة هو مجرد مقترح من بين مقترحات عديدة بشأن الكيفية التي يمكن من خلالها تنفيذ هذا المشروع، ولا علاقة لذلك بقضية سيطرة (داعش) على الأنبار، لأنه حتى لو تم مده بمحاذاة الحدود مع السعودية فإن هذا لن يغير من واقع الأمر شيئا ما دام (داعش) يسيطر على المحافظة، وهو ما يعني أن البيئة لا تزال غير آمنة».
وأوضح جهاد أن «المشروع الآن متوقف لأنه لا يمكن للمستثمرين ضخ أموالهم في بيئة غير آمنة، وبالتالي فإن ما أعلنه الوزير الأردني يتعلق بطموح مستقبلي، وهو بلا شك مشروع كبير ونحن نعول عليه كثيرا، لأنه يمكن أن ينقل النفط العراقي ولأول مرة عبر العقبة إلى مصر والسودان وبالتالي إلى أفريقيا»، لافتا إلى «وجود شركات متخصصة تتنافس عليه لكنها تنتظر تحسن الظرف الأمني في تلك المنطقة».
وحول خط سير المشروع، قال جهاد إن «هناك أكثر من خط، حيث يبدأ الأول من البصرة إلى حديثة، وهو أنبوب داخلي عراقي تنفق عليه الحكومة العراقية، والخط الثاني من حديثة إلى العقبة وهو المشروع الاستثماري المشترك بين العراق والأردن، وفي حال تم تغيير المسار بمحاذاة السعودية فلا علاقة لذلك بالظرف الأمني بقدر ما له علاقات بدراسات جدوى، بالإضافة إلى أن الجانب العراقي ملزم بتأمين الطرق والمواقع والمستلزمات الأمنية واللوجيستية وغيرها»، لافتا إلى أن «المشروع في حال تم البدء بتنفيذه سيستغرق من 4 إلى 6 سنوات».
بدوره، قال فالح العيساوي، نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من واجب الحكومة المركزية أن تحافظ على ممتلكات الشعب بالكامل، وإذا كان هناك أي توتر أمني في أي محافظة معينة ليس من المعقول أن تضع كل مواردها وإمكانياتها والمصدر الرئيسي لواردات الشعب العراقي في مكان غير مستقر في الوقت الحاضر». وأضاف العيساوي أن «محافظة الأنبار داخلة ضمن مخطط إقليمي كبير، والحكومة العراقية أصبحت على قناعة تامة بأن الحرب ضد (داعش) هي عملية استخباراتية ضمن هذا المخطط الإقليمي، والأنبار جزء من هذا المخطط الإقليمي الجديد، ولا علم للحكومة إلى متى سيبقى الحال كما هو عليه، والحكومة المركزية أصبحت على قناعة بأن ملف الأنبار لا يمكن حله وكذلك ملف الموصل وبقية المحافظات السنّية، وأقولها بصراحة إنه موضوع خارج عن إرادة الدولة وإرادة أبناء تلك المحافظات، والحكومة العراقية أدركت تماما أن ملف الأنبار والموصل أصبح مرتبطا بملف سوريا، والأنبار أصبحت غير مستقرة وغير آمنة ومصيرها أصبح مجهولا ومبهما في ظل هذا المخطط الاستخباراتي الإقليمي والدولي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».