الوضع في سوريا يزداد تعقيدًا وقوات النظام تعيش أسوأ حالاتها

حملات إعلانية في شوارع دمشق تدعو الرجال والنساء إلى حمل السلاح

جمع من المواطنين السوريين والعاملين في الدفاع المدني يرفعون الركام لانتشال ضحايا قصف جوي بالبراميل المتفجرة على أحد أحياء حلب القديمة يوم أمس (رويترز)
جمع من المواطنين السوريين والعاملين في الدفاع المدني يرفعون الركام لانتشال ضحايا قصف جوي بالبراميل المتفجرة على أحد أحياء حلب القديمة يوم أمس (رويترز)
TT

الوضع في سوريا يزداد تعقيدًا وقوات النظام تعيش أسوأ حالاتها

جمع من المواطنين السوريين والعاملين في الدفاع المدني يرفعون الركام لانتشال ضحايا قصف جوي بالبراميل المتفجرة على أحد أحياء حلب القديمة يوم أمس (رويترز)
جمع من المواطنين السوريين والعاملين في الدفاع المدني يرفعون الركام لانتشال ضحايا قصف جوي بالبراميل المتفجرة على أحد أحياء حلب القديمة يوم أمس (رويترز)

بعد تداول وسائل إعلام عربية ومحلية الأسبوع الماضي أنباء عن وصول نحو سبعة آلاف مقاتل إيراني وعراقي إلى سوريا للدفاع عن العاصمة دمشق، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)، عن مصدر أمني سوري رفض الكشف عن اسمه، نفت عدة مصادر في الميليشيات والتجمعات السورية التابعة للنظام تلك المعلومات، باعتبارها لا أساس لها من الصحة، إلا أن مسؤولاً رفيعًا في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي قال في تصريح صحافي إن «جيش الأسد في أسوأ حالاته منذ انطلاق المعارك في سوريا قبل نحو أربع سنوات».
«صفحة أبناء حلب الشهباء» الداعمة لميليشيا «جيش الدفاع الوطني» المقاتلة مع جيش النظام ادعت أخيرًا أن «الجيش العربي السوري والقوات الرديفة له هو سيد الموقف وصاحب المبادرة». وتابعت الصفحة القول إن «الجيش يستعيد زمام الأمور في ريف إدلب ويبدأ عملياته على أكثر من جبهة». وفي المقابل، نقلت مصادر إعلام معارضة عن جهات لم تسمها أن ثمة مبالغة في أعداد المقاتلين الإيرانيين الذين وصلوا إلى سوريا عبر مطاري دمشق واللاذقية، مشيرة إلى أن عددهم لا يتجاوز ثلاثمائة مقاتل.
غير أن النظام يستغل هذا التضارب في التقارير الإعلامية والتسريبات في دعايته الحربية التي تحضّ ما بقي من الشباب السوريين للالتحاق بالقوات المسلحة، فبعد حملة «إلى السلاح» التي أطلقتها ميليشيات سورية داعمة للنظام على صفحات التواصل الاجتماعي، انتشرت في شوارع دمشق أخيرًا إعلانات طرقية ضخمة تدعو الجميع إلى الالتحاق بالقوات المسلحة تحت عناوين كثيرة، منها «إلى السلاح.. كل حدا بيقدر يدافع عن بلده... انت سوري يعني بتقدر تحميها». وحمل بعض اللوحات اسم الجهة التي قدّمتها كـ«مجموعة سيدات سوريا الخير» التي تضم عددًا من سيدات الأعمال والفنانات والناشطات في الشأن العام، وتتولى – كما تقول – مهمة «رفع معنويات الجيش والقوات المسلحة» التابعة للنظام عبر تنظيم زيارات للقاء الجنود على خطوط التماس في المناسبات والأعياد، وزيارة أسر قتلى النظام وتنظيم حملات دعائية للترويج التعبئة العامة والالتحاق بالجيش.
ويأتي في نطاق الحملات الداعمة لقوات النظام نشر قصص مصوّرة عن «بطولات مقاتلي النظام وشجاعتهم الأسطورية في الدفاع عن الوطن»، إضافة إلى أنباء أخرى تشجيعية، منها «زيادة رواتب العسكريين في الجيش العربي السوري الموجودين على جبهات القتال بمقدار 10 آلاف ليرة سورية تُمنح الشهر القادم، وستشمل كل الضباط وصف الضباط والجنود في التشكيلات العسكرية المقاتلة حصرًا، ودون تفريق بين الرتب العسكرية أو القدم، على أن يغطى المبلغ من زيادة أسعار البنزين وبعض المشتقات النفطية نهاية الشهر الماضي».
ولا تستثني حملات الترويج والدعوة إلى حمل السلاح النساء السوريات، بل تركز عليهن، لا سيما بنات المناطق الساحلية، إذ يجري وبكثافة تداول مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية لمقاتلات أطلق عليهن اسم «لبوات سوريا الأسد» في مواقع القتال بمناطق الساحل وكذلك في ريف دمشق لا سيما جبهة جوبر. وبعض تلك الفيديوهات تضمّنت رسالة صريحة من «اللبوات» إلى الشباب المتخلفين عن خدمة العلم والمتقاعسين عن الالتحاق بالجيش تطالبهم بالمبادرة إلى الانتساب، خصوصا أن حمل النساء للسلاح يمثل تحديًا كبير لرجولة المتخاذلين عن القتال.
ولقد نشطت هذه الدعوات، خصوصًا، في خضم حملة دعائية متفاعلة على وقع الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها قوات النظام في محافظة إدلب المجاورة لمحافظة اللاذقية الساحلية، معقل الرئيس والنظام وداعميه أمام تقدم «جيش الفتح» المعارض، وكذلك تقهقر قوات النظام في تدمر وسط البادية السورية التي سيطر عليها تنظيم داعش، وما رافق تلك الخسائر من تقارير عن قرب انهيار قوات النظام، وحالة الضعف الشديدة التي أصابتها. ولقد أكد تلك الأنباء ما سرّب من أنباء عن وصول آلاف المقاتلين الشيعة من إيران والعراق لحماية مناطق الساحل والعاصمة دمشق، بحسب ما أكده مصدر أمني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي. وفي حينه نسب إلى المصدر قوله إن العدد الأكبر من المقاتلين الواصلين إلى سوريا لمؤازرة قوات النظام هم من العراقيين وإن «الهدف هو الوصول إلى عشرة آلاف مقاتل لمؤازرة الجيش السوري والمسلحين الموالين له في دمشق أولا، وفي مرحلة ثانية استعادة السيطرة على مدينة جسر الشغور التي تفتح الطريق إلى المدن الساحلية ومنطقة حماه في وسط البلاد».
هذا، وأبلغت مصادر ميدانية معارضة «الشرق الأوسط» عن رصد الحافلات السياحية كانت تنقل عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني من مطار دمشق إلى داخل العاصمة، الأسبوع الماضي.
وفي سياق متصل قال ناشطون إن الميليشيات الشيعية العراقية عادت أخيرًا لتشارك بقوة في ساحات القتال في ريف دمشق والساحل والجبهة الجنوبية بعدما كان قد تراجع حضورها منذ ربيع 2014 وانشغالها بقتال «داعش» في العراق. وظهر أخيرًا «لواء أبي الفضل العباس» في مناطق كثيرة في جنوب سوريا وشمالها، وكذلك شوهدت عناصر لـ«لواء ذو الفقار» المرتبط بـ«لواء أبي الفضل العباس» في اللاذقية، وقوات أخرى من «لواء أسد الله الغالب» في المناطق العلوية بشمال محافظة اللاذقية.
وبثت جماعة مرتبطة بـ«لواء أبي الفضل العباس» كذلك، اسمها «لواء الإمام الحسين»، صورًا تظهر مشاركتها في معارك اللاذقية.
وجاء هذا الظهور متزامنا مع تراجع قوات النظام في تلك المناطق، وتواتر الأنباء عن وصول مقاتلين من إيران بعد تصريح نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» الأسبوع الماضي عن اللواء قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني – حرصت على القول إنها «لا تتحمل مسؤوليته» – جاء فيه قوله: «سيفاجأ العالم بما نعدّ له نحن والقادة العسكريون السوريون حاليًا».
وأوضح مصدر سياسي قريب من النظام للوكالة الفرنسية أن المسؤولين السوريين، بعد سلسلة الخسائر التي مني بها النظام في الأسابيع الأخيرة بمواجهة فصائل المعارضة المسلحة، دعوا حلفاءهم إلى ترجمة دعمهم بأفعال. ومع أن هدف هذه الدعايات الحربية كان رفع معنويات قوات النظام وحاضنتها الشعبية، والقدرة على الاستمرار في المعارك من أجل الإبقاء على نظام الأسد، فإن مسؤولاً رفيعًا في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي قال في تصريح صحافي إن «جيش الأسد في أسوأ حالاته منذ انطلاق المعارك في سوريا قبل نحو أربع سنوات».
ووفقًا للمسؤول فإن فعالية قوات النظام السوري تضاءلت بشكل كبير، كما أن مستوى الجاهزية التي حافظت عليها تلك القوات في مرتفعات الجولان لم يعد موجودا الآن. واختتم بالقول إن الوضع في سوريا معقد جدًا.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.