مصادر تكشف لـ {الشرق الأوسط} تفاصيل مخطط الحوثيين وصالح لمشاروات «جنيف»

سيطالبون برحيل هادي وعودة «الشرعية إلى صنعاء» وإثارة فزاعة الانفصال

أطفال يحملون رشاشات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
أطفال يحملون رشاشات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادر تكشف لـ {الشرق الأوسط} تفاصيل مخطط الحوثيين وصالح لمشاروات «جنيف»

أطفال يحملون رشاشات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
أطفال يحملون رشاشات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

في الوقت الذي تستمر الاتصالات التي يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مع الأطراف اليمنية والإقليمية بشأن اللقاء التشاوري المقرر عقده خلال أيام في جنيف، بشأن الأزمة اليمنية، كشفت مصادر سياسية يمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أبرز النقاط التي سيطرحها وفد حزب «المؤتمر الشعبي العام» الذي يرأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والحوثيون، تتضمن المطالبة بمغادرة الرئيس عبد ربه منصور هادي السلطة وعدد من القيادات الأخرى، وعودة القيادة الشرعية إلى صنعاء، وعدم استخدام أي محافظة أخرى (عدن مثلاً) كمقر في المرحلة الراهنة. وفي هذا الجانب، أعربت المصادر عن اعتقادها بوجود «مخطط ما يتعلق باستهداف القيادات الشرعية في العاصمة».
وقالت المصادر إن الحوثيين وصالح «سيطرحون، بشكل قوي، موضوع حرصهم على الوحدة اليمنية ومخاوفهم من انفصال الجنوب، وهي حجة يراد منها إيهام الداخل والخارج بحرصهم وبوحدويتهم، رغم أن ميليشياتهم وقواتهم هي من غزت المحافظات الجنوبية وتسببت في الدمار الكبير الذي تشهده»، حسب تعبير المصادر التي أكدت أيضًا أن الحوثيين والرئيس السابق صالح «يسعون إلى (خلط الأوراق) من خلال إيجاد بؤرة صراع بين القوى والفصائل اليمنية الجنوبية، كي تستمر حالة الاقتتال والصراع في الجنوب وحالة عدم الاستقرار، لأنهم يأخذون في حسبانهم سيطرتهم الكاملة على الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد».
وأشارت المصادر إلى أن «مخطط صالح – الحوثي يقوم على أساس إيجاد صراعات سياسية وعسكرية بين الفصائل الجنوبية في بعض المناطق الجنوبية وإشعال فتيل الصراع المسلح في مناطق أخرى عبر تمهيد الساحة لقوى متطرفة كتنظيم القاعدة وغيره».
وحسب المعلومات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فقد أجرى الحوثيون خلال الأيام الماضية، اتصالات مع عدد من القيادات الجنوبية في الخارج بهدف «تمييع عملية تنفيذهم لقرار مجلس الأمن رقم (2216)، وبالأخص في شقه المتعلق بالانسحاب من المدن، من خلال فتح جبهة صراع جنوبية – جنوبية». وقالت المصادر الخاصة إن «غالبية، إن لم يكن معظم القيادات اليمنية الجنوبية، رفضت التماهي مع مخططات الحوثيين الذين سوقوا أفكارهم للقيادات الجنوبية على أساس حرصهم على الوحدة اليمنية، دون الإفصاح عن المغزى الحقيقي وهو تفجير صراع طويل الأمد في الجنوب».
في غضون ذلك، طالبت مصادر سياسية يمنية مستقلة، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، السلطة الشرعية ودول التحالف والمجتمع الدولي، بـ«حماية الشعب اليمني من همجية الميليشيات الحوثية وقوات صالح قبل الخوض في أي مفاوضات بشأن الأوضاع والأزمة السياسية والصراع العسكري الدائر». وقالت المصادر إن «على الجميع وضع مصلحة الشعب اليمني في قائمة الأولويات وهذه المصلحة تقتضي نشر قوات حفظ سلام دولية حتى تبدأ المفاوضات وتنتهي». وحذّرت هذه المصادر من أن «تنامي الصراع في اليمن دون حسم حقيقي، سوف تكون له نتائج سلبية على كافة دول المنطقة والعالم»، حسب تلك المصادر.
ميدانيًا، استأنف طيران التحالف، أمس، غاراته الجوية على مواقع المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق صالح. وقال شهود عيان في صنعاء إن «الغارات استهدفت معسكر قوات الأمن الخاصة في ميدان السبعين يومًا، وهذه هي المرة الثانية التي يستهدف فيها هذا المعسكر في غضون أسبوع واحد تقريبًا». وذكرت السلطات في صنعاء أن 10 أشخاص، على الأقل، قتلوا في تلك الغارات، كما استهدف القصف بعض المواقع في محافظتي ذمار وتعز الواقعتين إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، وقصف آخر استهدف الحوثيين قرب مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، في جنوب شرقي البلاد.
على صعيد ميداني آخر، سيطرة المقاومة الشعبية في محافظة مأرب، بشرقي اليمن، أمس، على أحد المواقع الجبلية الهامة التي تتحكم بأحد طرق مرور تعزيزات الميليشيات الحوثية وقوات صالح. وقالت مصادر قبلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط»، إن «المواجهات التي تشهدها جبهة الجفنية في مأرب، منذ أيام، هي الأعنف. من جهتها، صعدت المقاومة الشعبية في اليمن عملياتها ضد الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في عدد من المحافظات اليمنية، في إشارة واضحة إلى عدم الرضوخ للتصعيد الحوثي في احتلال المناطق والسعي للسيطرة عليها بالقوة المسلحة، رغم مؤشرات عودة العملية السياسية واستئناف الحوار بين الأطراف اليمنية، في ضوء المشاورات التي يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد».
وقالت مصادر محلية في مدينة القاعدة بمحافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاومة الشعبية استهدفت بكمين مسلح تعزيزات عسكرية للحوثيين كانت في طريقها من صنعاء نحو محافظة تعز التي يسعى الحوثيون إلى السيطرة عليها». وأشارت المصادر إلى «سقوط قتلى وجرحى في تلك العملية التي تأتي في سياق سلسلة العمليات التي تشهدها مدينة القاعدة منذ نحو شهرين، وهي العمليات التي تعترض الأرتال من التعزيزات العسكرية التي يتم إرسالها لمساندة الميليشيات الحوثية وقوات صالح التي تقاتل في تعز، وفي معبر بمحافظة ذمار، سقط جرحى في صفوف مسلحي الميليشيات الحوثية، وذلك عندما اعترض مسلحون ينتمون للمقاومة الشعبية دورية حوثية في تلك المنطقة التي تقع في منتصف الطريق بين العاصمة صنعاء ومحافظة ذمار، وتشكلت، في الآونة الأخيرة، مقاومة شعبية في عدد من المحافظات، بالإضافة إلى المقاومة الموجودة في المحافظات التي تشهد مواجهات مباشرة، فقد أعلن عن تشكيل مجلس مقاومة شعبية في محافظة إب، بينما المقاومة التهامية في محافظة الحديدة بغرب البلاد، أثبتت حضورًا لافتًا من خلال عملياتها النوعية التي تستهدف المسلحين الحوثيين الذين لقي عدد كبير منهم مصرعهم على يد مسلحي المقاومة، دون خسائر في صفوفها، حتى اللحظة».
وقال أستاذ جامعي يمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وجود مثل هذه المقاومة الشعبية في أكثر من محافظة، دليل قاطع على حالة الرفض الشعبي للحوثيين ولاغتصابهم السلطة وتحالفهم مع المخلوع علي صالح وبقايا نظامه المنتهي». وأشار إلى أنه «ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة وحالة السيطرة الكاملة للحوثيين والمخلوع عبر الجيش المتمرد وزعماء القبائل الموالين لصالح، لكانت المقاومة أقوى وأفضل بكثير مما هي عليه الآن بالإمكانيات الذاتية لأفرادها». واعتبر الأستاذ الجامعي، الذي رفض الإفصاح عن هويته، أن «القبضة الحديدية للحوثيين ولبقايا نظام المخلوع صالح في صنعاء، حالت، حتى اللحظة، ووجود مقاومة شعبية مسلحة في العاصمة صنعاء التي إن وجدت سوف تغير المعادلة السياسية والعسكرية بصورة كاملة». لكنه أعرب عن اعتقاده أنه «إذا فشلت المحاولات الحالية للتسوية السياسية عبر الأمم المتحدة ومبعوثها الجديد وتواصلت الحرب، فإن من المتوقع أن تشهد الكثير من المحافظات والمناطق عمليات مقاومة منظمة وقوية».
وتوقع «ظهور تنظيمات مسلحة مناوئة للحوثيين بخلاف الموجودة، حاليًا»، خاصة وأنه أشار إلى أن «كثيرًا من القوى في الساحة اليمنية لم تشارك بصورة مباشرة في الصراع المسلح، وربما هذا ما جعل الحوثيين يعتقدون أنهم يسيطرون على مجمل الأمور، وهذا خطأ ستثبت الأيام عدم صحته»، حسب قوله.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.