استياء أميركي بعد إفراج كابل عن 65 سجينا من طالبان

أمين عام «الأطلسي» ينتقد الخطوة التي اتخذت «وفقا لحسابات سياسية من دون مراعاة للقانون الأفغاني»

حارس عسكري فوق برج للمراقبة بسجن باغرام الذي غادره 65 معتقلا يشتبه في أنهم مقاتلون من طالبان أمس (رويترز)
حارس عسكري فوق برج للمراقبة بسجن باغرام الذي غادره 65 معتقلا يشتبه في أنهم مقاتلون من طالبان أمس (رويترز)
TT

استياء أميركي بعد إفراج كابل عن 65 سجينا من طالبان

حارس عسكري فوق برج للمراقبة بسجن باغرام الذي غادره 65 معتقلا يشتبه في أنهم مقاتلون من طالبان أمس (رويترز)
حارس عسكري فوق برج للمراقبة بسجن باغرام الذي غادره 65 معتقلا يشتبه في أنهم مقاتلون من طالبان أمس (رويترز)

أفرجت السلطات الأفغانية أمس عن 65 مقاتلا يشتبه بأنهم من حركة طالبان من سجن باغرام مما أثار استياء الولايات المتحدة التي تعدهم مسؤولين عن قتل عناصر من قوة «الأطلسي» والقوات الأفغانية ومدنيين. وقد يزيد الإفراج عن هؤلاء السجناء التوتر في العلاقات بين كابل وواشنطن وسط ضغوط لتوقيع البلدين اتفاقية أمنية تسمح ببقاء مجموعة من الجنود الأميركيين في البلاد بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي في نهاية 2014.
وقال عبد الشكور دادراس، عضو اللجنة المكلفة تقييم وضع الأشخاص المعتقلين في السجون الأفغانية، إن «السجناء الـ65 أفرج عنهم، وقد غادروا سجن باغرام هذا الصباح. جرت مراجعة ملفاتهم وتبين أنه ليس لدينا أي سبب لإبقائهم في السجن». وأكد الجنرال غلام فاروق قائد الشرطة العسكرية في سجن باغرام الإفراج عن السجناء قائلا: «لقد غادروا بالسيارة إلى منازلهم، لكننا لم ننظم وسيلة نقلهم».
وانتقدت الولايات المتحدة هذا القرار، معبرة عن «أسفها الشديد»، وقالت إن هذه الخطوة يمكن أن تزيد وتيرة العنف في أفغانستان. وقالت السفارة الأميركية في كابل عبر بيان إن «الحكومة الأفغانية يجب أن تتحمل تبعات هذا القرار. نحن نحث الحكومة على اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لضمان أن الأشخاص الذين أفرج عنهم لن يرتكبوا أعمال عنف جديدة أو يقوموا بأعمال ترهيب». إلا أن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي يرى أن سجن باغرام يؤدي إلى تزايد أعداد عناصر طالبان لأن بعض المعتقلين فيه يتعرضون لتعذيب شديد. وقبل الإفراج عن هؤلاء الأشخاص، وصفهم الجيش الأميركي بأنهم «خطرون» ومرتبطون مباشرة بهجمات أدت إلى مقتل أو إصابة 32 من عناصر قوة حلف شمال الأطلسي و23 أفغانيا. وقدم أسماء وتفاصيل ثلاثة منهم، بينهم محمد والي الذي وصفه الجيش الأميركي بأنه خبير متفجرات لدى طالبان وله علاقة مباشرة بتفجيرين استهدفا قوات دولية في ولاية هلمند.
بدوره، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي آندروس فوغ راسموسن إن الإفراج عن هؤلاء السجناء يعد «خطوة كبيرة إلى الوراء فيما يتعلق بسيادة القانون» في البلاد. وانتقد راسموسن الخطوة «التي اتخذت فيما يبدو على أساس حسابات سياسية ودون مراعاة الإجراءات القانونية المتبعة في المحاكم الأفغانية». وقال راسموسن إن هناك الآن «مخاوف أمنية شديدة». ودعا راسموسن السلطات الأفغانية إلى «بذل كل الجهود الممكنة لضمان أن المحتجزين المفرج عنهم لا يشكلون مزيدا من التهديد لشعب أفغانستان والقوات الدولية».
وكانت كابل أعلنت في 9 يناير (كانون الثاني) الماضي عزمها الإفراج عن 72 معتقلا من سجن باغرام قرب العاصمة كابل بسبب نقص الأدلة ضدهم. وأثار هذا القرار غضب مسؤولين أميركيين، فيما تشهد العلاقات بين البلدين توترا، لا سيما بسبب الخلاف حول بنود اتفاقية أمنية تتيح بقاء جنود أميركيين في البلاد بعد انسحاب القوة الدولية بنهاية عام 2014. وقاد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام المعارضة في واشنطن ضد الإفراج عن رجال قال إن «أياديهم ملطخة بالدماء».
يذكر أن سجن باغرام الواقع على بعد 50 كيلومترا شمال كابل كان مركز الاعتقال الرئيس لعناصر طالبان ومتمردين آخرين اعتقلتهم القوات الغربية.
وكانت القوات الأميركية نقلت السيطرة على سجن باغرام المعروف باسم «غوانتانامو الشرق» إلى السلطات الأفغانية في مارس (آذار) 2013 خلال حفل حضره الرئيس حميد كرزاي الذي رأى آنذاك أن هذا الحدث يشكل رمزا لجهود أفغانستان من أجل استعادة سيادتها الوطنية. ويرى محللون أن الحكومة الأفغانية تأمل في أن يساهم الإفراج عن هؤلاء السجناء في إطلاق عملية السلام المجمدة مع حركة طالبان التي أطيح بها من السلطة في 2001.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».